العراق: محاصصات جامعية

05 مايو 2016
في جامعة المستنصرية (تصوير: علي يوسف)
+ الخط -

بعد عام 2003، ولّد الانشقاق الطائفي والقومي بين الكتل السياسية العراقية نظاماً فئوياً يُسمّى "نظام المحاصصة"؛ انتقل من تقسيم المناصب السياسية على أساس قومي وطائفي، إلى تقسيم المناصب الإدارية حسب الأساس نفسه أيضاً، متضمناً في ذلك رؤساء الجامعات وعمداء الكليات؛ ما أدى إلى خلق مناخ حزبي وطائفي داخل الجامعات العراقية، يقيد من حريات الطلبة ويؤثر بالسلب على حياتهم الجامعية.

لم يتّخذ تقييد الحريات في الفضاء الجامعي العراقي شكلاً سياسياً مباشراً، لكنّه جاء نتاج تغييرات وتعقيدات سياسية، أفرزت تكتّلات وأحزابا تفرض رؤيتها على المجتمع الجامعي.

في حديثٍ إلى "جيل العربي الجديد"، يقول عضو مكتب سكرتارية اتحاد الطلبة العام العراقي، فائز قاسم، إن "مسألة تقييد الحريات كانت هي المولّد الرئيسي والمسبّب في التظاهرات الطلابية التي حدثت في 25 شباط/ فبراير 2016، تحت مسمى "ثورة القميص الأبيض"، وتعدّ هذه المسألة نقطة مشتركة في مطالب جميع التظاهرات الطلابية في العراق".

يذكر قاسم عدداً من الحوادث التي شهدتها الجامعات العراقية. في "جامعة المستنصرية"، مثلاً، عُلّقت لافتات تدعو الطالبات إلى لبس زي إسلامي مُحتشم، وتحرّم السفور، إلى جانب لافتات أخرى تُحرّم حفلات التخرّج والتنكّر وتمنع الغناء والفن.

في عام 2012، خرّب رئيس "جامعة النهرين" في بغداد، الأزياء التنكريّة للطلبة، واصفاً إياهم بأنهم "لا يستحقّون الاحترام". وفي حادثة أخرى في الجامعة نفسها، قُطعت الأشجار لأجل الفصل بين الذكور والإناث.

في جامعات أخرى، مثل "التكنولوجية"، يجري فرض زي موحّد في عديد من الكليات بطريقة تعسفية تُسيء إلى الطلبة؛ حيث يتعرّضون إلى رقابة من قبل الأمن الجامعي واتّخاذ إجراءات تعسفية بحقهم؛ ما أدى إلى خروج تظاهرات حاشدة حينها.

في هذا السياق، يؤكد قاسم: "لا يشكّل الزي الموحّد تقييداً للحريات الطلابية، لكن التدخّل بنوع القماش مثلاً، أو طول التنورة والمكياج، وحتى طول كعب الحذاء، يعد تدخّلاً سافراً في الحرية الشخصية للطالب أو الطالبة، والمؤسف أن وزارة التعليم أصدرت تعليمات بتطبيق هذه الإجراءات".

ويشير إلى "التدخل الواسع من قبل الأحزاب والمليشيات في الحرم الجامعي؛ حيث يعتمد ذلك على الجهة التي ينتمي إليها من يتبوأ منصب رئاسة الجامعة"، لافتاً إلى "المساعدات التي يقدّمها العمداء لهذه الجهات عبر السماح لهم بإقامة فعاليات دينية داخل الحرم الجامعي وتعليق لافتات سياسية ودينية".

يتابع: "مثل هذه النشاطات منتشرة في عديد من الجامعات العراقية، خصوصاً تلك التي تم تعيين رؤسائها وفق المحاصصة".

تروي إحدى طالبات الطب في "جامعة النهرين" لـ"جيل العربي الجديد"، فضّلت عدم ذكر اسمها، حادثة حول حفل تخرّج هناك. تقول: "تعرّض منظمو الحفل إلى تحقيق من قبل عمادة الكلية بسبب تشغيل النشيد الوطني قبل القرآن"، واصفة ما حدث بأنّه "تحويلٌ للكلية إلى معبد كبير".

وهذا ما يشير إلى الناشط أحمد علاء، موضّحاً "صعود تيارات الإسلام السياسي أدّى إلى تضييقات كثيرة على الحريات، خصوصاً الفردية منها. فهذه الأحزاب المسيطرة على مفاصل إدارة العمل التعليمي في العراق لم تفصل بين توجهاتها العقائدية ومهمتها في إدارة العمل".

يضيف علاء: "إن الخلط بين التوجهات الأيديولوجية والمهنية مقصود، بهدف فرض تلك التوجهات على الطلبة، دافعاً المسؤولين إلى استغلال مواقع الإدارة، في فرض مجموعة من الضوابط تحت يافطة "الحشمة" و"الأخلاق العامة" وغيرها".

دلالات
المساهمون