العراق: عين الأحزاب الكبيرة على كوتا الأقليات في الانتخابات

11 ابريل 2018
تنتشر الدعايات الانتخابية في شوارع بغداد (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

قبل شهر من موعد الانتخابات البرلمانية العراقية، المقرر أن تُجرى في الثاني عشر من مايو/ أيار المقبل، يبدو موقف الأقليات الدينية والقومية مربكاً في ظل انحسار تمثيلها بكوتا فرضها الدستور العراقي، ووجود محاولات تقوم بها أحزاب متنفذة من أجل التهام المقاعد المخصصة للأقليات. مع العلم أن قانون الانتخابات منح الأقليات تسع مقاعد ضمن مبدأ (الكوتا) المفروضة في الدوائر الانتخابية، على أن يحصل المسيحيون على خمسة مقاعد بواقع مقعد واحد في محافظات بغداد ودهوك ونينوى وأربيل وكركوك، ومقعد واحد للشبك في محافظة نينوى، ومثله للأكراد الفيليين في واسط، ومقعد واحد للصابئة في بغداد.


وأكد مصدر في التحالف الوطني الحاكم في العراق، في حديث مع "العربي الجديد"، أن بعض الأحزاب المنضوية في التحالف تحركت منذ أيام لكسب ود مرشحين من الأقليات. وأوضح أن بوصلة هذه الأحزاب توجهت نحو المرشحين المتنافسين على المقعد المخصص للأكراد الفيليين في محافظة واسط (جنوب بغداد)، فضلاً عن المقاعد المخصصة للشبك والأيزيديين والمسيحيين في المحافظات الأخرى.

وبحسب المصدر نفسه، فإن "الصراع الكبير بين القوى السياسية الشيعية التي دخلت الانتخابات بأكثر من تحالف، دفع هذه القوى باتجاه محاولة استمالة مرشحين عن الأقليات". ولفت إلى أن "تحالف الفتح التابع لمليشيات الحشد الشعبي يركز جهوده للظفر بولاء المرشحين عن كوتا الأقليات في محافظتي نينوى وكركوك (شمالاً).

مع العلم أن مليشيات "الحشد" نجحت في استمالة نواب وسياسيين مسيحيين وأيزيديين وضمتهم إلى صفوفها وساعدتهم على تشكيل مليشيات خاصة بهم خلال فترة الحرب على تنظيم داعش 2014 – 2017.

ويثير تحرك بعض الأحزاب السياسية باتجاه مرشحي كوتا الأقليات قلق برلمانيين وسياسيين عراقيين مسيحيين.

وأكد النائب عن المكون المسيحي، يونادم كنا، في تصريحات صحافية، وجود ضغوط خارجية من أجل سرقة مقاعد كوتا المسيحيين، مبيناً أن الأحزاب المهيمنة على السلطة تعمل على ذلك. وبرأيه فإن هذه الأحزاب لا تحترم الدستور، ولا قرارات المحكمة الاتحادية، كما أنها تقوم بتفسير المواد القانونية وفقاً لمصالحها الشخصية.

ولفت كنا إلى أن التحالفات المدنية التي تؤمن بالديمقراطية هي الأقرب للمسيحيين في تحالفات ما بعد الانتخابات، موضحاً أن المكون المسيحي لديه خمسة مقاعد وفقاً للدستور تم تحديدها وفقاً للأماكن التي تتضمن وجوداً تاريخياً ومجتمعياً للمسيحيين. وأشار إلى أن شراكة المسيحيين السياسية مفقودة بسبب الفساد والاستئثار بالسلطة من قبل بعض الأطراف، موضحاً أن المكون المسيحي لم يحصل على تمثيل سياسي عادل في بغداد وأربيل.

بدوره، اعتبر عضو تجمع مسيحيي العراق، فارس حنا، أن الكوتا لم تمنح المسيحيين حقهم الطبيعي الذي يتناسب مع وجودهم وتاريخهم، مبيناً في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الكوتا ما هي إلا واجهات إعلامية لإظهار الانتخابات العراقية بوجه حسن أمام المجتمع الدولي". وأوضح أنّ تقييد تمثيل المسيحيين بخمسة مقاعد فقط يمثل غبناً كبيراً لهذا المكون الذي يرتبط وجوده بتاريخ العراق ارتباطاً وثيقاً. وأشار إلى أن وجود الكوتا أرغم عدداً من المرشحين المسيحيين على دخول الانتخابات ضمن أحزاب كبيرة يختلفون معها في التوجهات لكنهم دخلوها للحصول على الحماية والدعم. ولفت إلى أن مرشحين مسيحيين آخرين دخلوا الانتخابات بشكل مستقل، من بينهم فراس كوركيس، الذي أكد عبر صفحته على "فيسبوك" أنه يخوض السباق الانتخابي كمستقل وأنه "سيمثل صوتاً مستقلاً لشعب خذلته الأحزاب".

في غضون ذلك، لم يكن الحديث عن ضغوط تتعرض لها الأقليات مرضياً لأطراف مهمة في العملية السياسية. وفي السياق، أكد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، رفض أي أذى تتعرض له الأقليات الدينية في العراق، مؤكداً في بيان، أنه عرض على الحكومة العراقية مسألة التدخل لحمايتهم. 

واعتبر المحلل السياسي أحمد الطائي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الأقليات ظلمت مرتين، الأولى حين تم منحها كوتا لا تتناسب مع حجمها الحقيقي وجذورها التاريخية، والأخرى حين لم تتكفل قوانين الانتخابات بحمايتها من سطوة الأحزاب الكبيرة. وبرأيه، فإن "التفاف بعض الأحزاب على مرشحي الأقليات يمثل سرقة واضحة لحقوق هذه المكونات التي تمثل جزءاً لا يتجزأ من المجتمع العراقي". ولفت إلى أنّ "العراق يعتمد الديمقراطية التوافقية التي تضمن تمثيل جميع المكونات في البرلمان"، موضحاً أن هذا الأمر يحتم وجود قوانين تحمي حقوق الأقليات.

 

المساهمون