الطفل العربي البائس

19 نوفمبر 2015
يشك في مواصلة الحياة على هذه الشاكلة (فرانس برس)
+ الخط -

يجلس الطفل العربي شاحباً حزيناً، يتذكر أياما أفضل عاشها في كنف أسرة دمّرت بفعل أطماع سياسية داخلية ومؤامرات خارجية متواصلة. تفكيره المحدود بفعل عمره المحدود لا يمكّنه من إدرك سبب الحال الذي باتت عليها حياته، كما يشك في أن بإمكانه مواصلة الحياة على هذه الشاكلة.

لمى طفلة سورية غادرت بلادها مع البقية الباقية من أسرتها، بعد مقتل والدها وشقيقها الأكبر في واحدة من غارات النظام على بلدتهم الهادئة، بالأحرى التي كانت هادئة. حملتها أمها مع بقية إخوتها باتجاه تركيا، حيث عبروا الحدود إلى مخيم بائس لا تتوفّر به إلا الحدود الدنيا من وسائل الحياة، ولا يضم أياً من وسائل الترفيه التي تحتاجها طفلة في عمرها، على أمل البدء مجدداً في رحلة جديدة إلى الداخل الأوروبي.

عبد الرحمن طفل ليبي عاش ضمن عائلة ميسورة الحال في أحد أحياء طرابلس الراقية، حيث كان والده ضابطاً في الجيش. لكن الوالد قتل في الصراع الدائر في البلاد للاستحواذ على السلطة، وفي ظل عدم وجود حكومة مركزية، فإن العائلة لا تجد مصدراً للدخل إلا ما يجود به المحسنون من الجيران.

عادل طفل يمني يتحدّر من قبيلة معروفة. والده كان صحافياً مرموقاً مشهوداً له بالنزاهة، لكنه اختطف خلال الصراع الذي يدور حالياً في البلاد، ولا أحد يعرف على وجه التحديد الجهة التي خطفته، ولا يمكن تحديد مصيره على الرغم من مرور نحو عام. أحوال الطفل المادية ليست سيئة بسبب ثروة العائلة، لكن أحواله النفسية على خلاف ذلك تماماً.

منة طفلة مصرية عاشت سنوات عمرها الأولى في حي راق في العاصمة، في كنف أب يعمل طبيباً وأم صيدلانية، وعائلة كبيرة تضم عدداً كبيراً من الأطباء وأساتذة الجامعة. اعتقل والدها بعد الانقلاب العسكري منتصف عام 2013، وكذا عدد كبير من أعمامها وأخوالها، وتم التضييق على والدتها في عملها لاحقاً، ما جعلها تفقد مكانها في مدرستها الشهيرة وتنتقل إلى مدرسة حكومية بائسة، وجعل الأسرة تترك منزلها المرفه إلى منزل الجد العادي في إحدى ضواحي القاهرة.

مهند طفل فلسطيني من غزة. ولد في منزل تملؤه صور لأشخاص لم يرهم يوماً، لكنه يحفظ أسماءهم وحكاياتهم عن ظهر قلب، إذ تكرر جدته على أسماعه وأسماع إخوته وأبناء عمومته قصص أصحاب الصور. هذا جدك الشهيد، وهذا عمك الشهيد الذي أسميناك باسمه، والثالث أيضاً عمك وهو شهيد، وهذا شقيقك الأكبر وهو أيضاً شهيد. أربعة شهداء في منزل واحد، بينما الصورة الخامسة لأبيه، وهو أسير في سجون الاحتلال منذ ثلاث سنوات.

إنها حالات محدودة من بؤس وقهر يعيشه ملايين الأطفال العرب في اليوم العالمي للطفل.

اقرأ أيضاً: أحزان العيد
المساهمون