هو في الخامسة من عمره فقط. مع ذلك، يُمسك عبد الله المرشدي كاميرته بمهارة. كان قد تعلّم من والده، وهو مصور فوتوغرافي، فن التصوير مذ كانَ عمره عامين فقط، حتى صار موهوباً. هكذا يعتقد، وهذا ما يراه كثيرون من حوله. أيضاً، أتقن العمل على برامج الحاسوب، فصارَ التصوير يأخذ غالبية وقته يومياً، بالإضافة إلى تصفحه مواقع الإنترنت. يقرأ كثيراً ويحبّ المعلومات العامة.
تعلّق الصبي بالتصوير، هو الذي كان يراقب والده كثيراً، حتى احترف التصوير والعمل على برامج الحاسوب المختلفة في عمر مبكر. ويقول والده خليل المرشدي لـ "العربي الجديد" إنه بدا قادراً على العمل على مختلف برامج الحاسوب مذ كان صغيراً. في البداية، أتقن البرامج الصوتية حتى قبل أن يعرف القراءة والكتابة. بعدها، صار يعمل على الحاسوب لنحو عشر
ساعات يومياً، حتى صار يتقن العمل على برامج الفوتوشوب والمونتاج وغيرها. يضيف "بتّ ألجأ إليه لتعلم أشياء جديدة". ويتابع أن إتقان برامج الحاسوب لم يكن موهبته الوحيدة. مع الوقت، أحب مهنة التصوير، "فاشتريت له كاميرا خاصة، وبدأ يتعلم حتى صار يلتقط صوراً أكثر دقة وأجمل في بعض الأحيان من تلك التي ألتقطها خلال جولاتي في بغداد".
يقرأ عبد الله بشغف عن نيلسون مانديلا، ويتمعّن في نظريّات ألبرت آينشتاين ونيوتن وأديسون وغيرهم. يطمحُ أن يكون في يوم من الأيام أحد العلماء المشاهير الذين يشار إليهم بـ "البَنان". لا تُفارق صورهم هذا الصبي، الذي جعلته أخبار القنوات الفضائية، وما يسمعه يومياً عن الدمار والمآسي، يسعى إلى محاولة إحداث فرق. لذلك، يريد أن يكون عنصراً فعالاً في هذا العالم، ويفعل شيئاً إيجابياً لصالح العالم.
يستيقظُ عبد الله باكراً. عند الثامنة صباحاً، يبدأ العمل على الحاسوب الذي أصبح بمثابة مدرسة له، ينهل منه مختلف العلوم والمعارف. يصمّم الصور والبرامج الخاصة به. يستغرق عمله هذا ساعات، وقد يمتد حتى العصر. بعدها، يحمل الكاميرا ويصور أشقاءه في المنزل وأصدقاء حارته وجيرانه، ثم يضع لمساته على الصور من خلال برامج الفوتوشوب وغيرها.
يقول عبد الله لـ"العربي الجديد": "أطمح أن أصبح خبيراً في فن التصوير وعلوم الحاسوب وبرامج الهاكرز والفيزياء. تعلمت القراءة عبر الإنترنت، بالإضافة إلى تصميم البرامج، والعمل على برامج المونتاج والفوتوشوب. وجدت في التصوير والحاسوب عالمي الخاص الذي منحني المعرفة. العام المقبل، سأدخل المدرسة لأطور مهاراتي ومواهبي بشكل أفضل. وفي الوقت الحالي، أعمل على تطوير قدراتي على مواقع التواصل الاجتماعي، وأفكّر في تصميم موقع جديد شبيه بموقع فيسبوك".
يتناولُ عبد الله فطوره الصباحي على مكتبه الصغير الذي صنعه له والده في المنزل، قبل أن يبدأ رحلته المشوقة في عالم الإنترنت، متصفحاً عشرات المواقع. أيضاً، يتواصل مع بعض أصدقائه حول العالم، ليعرف آخر التطورات التكنولوجية. يبدو معجبا بشدة بعالم الفيزياء ألبرت آينشتاين، الذي لا تفارقه صورته. ولحبه الشديد له، وضع صورته خلفيةً لحاسوبه. يقرأ باستمرار نظرياته عن النسبية، محاولاً فهمها بقدر ما يستطيع. أحياناً، يلجأ إلى أبيه فيسأله عن بعضها، أو صديق من خلال فيسبوك، أو يقرأ مزيداً عنها محاولاً معرفة إبداعاته وابتكاراته في الفيزياء.
حين تنقطع الكهرباء في المنزل، يتذمر عبد الله ويقول بغضب: سأجد حلاً لهذه المعضلة يوماً ما. لا يمكن أن يستمر الوضع على ما هو عليه. سأبحث عن بديل للطاقة إذ إنه لا يمكن أن يكون آينشتاين أو أديسون أفضل أو أذكى مني.
يفتقر الأطفال والشباب العراقيون إلى معاهد أو مراكز خاصة تساعدهم على تطوير مواهبهم ومهاراتهم. كلٌ منهم يحاول إيجاد طريقه إلى العلم والمعرفة. كثيرٌ من المواهب اندثرت وماتت لعدم اهتمام ذوي الموهوبين بهم من جهة، وتدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد من جهة أخرى، ما انعكس سلباً على الواقع العراقي بمجمل تفاصيله.
اقرأ أيضاً: عن بلادٍ تدفن مواهبها