يرى خبراء وسياسيون مصريون أنّ النظام السياسي في مصر يحاول التخفيف من الأثر السلبي والفشل الذريع في إدارة مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، بالدعاية لمشاريع لا تستند إلى أية دراسات حقيقية، ومنها المليون ونصف المليون فدان في واحة الفرافرة (غرب مصر)، لإنقاذ التردي المتتالي، وزيادة الرفض الشعبي للإخفاقات المتكررة في ملفات تمسّ بشكل مباشر حياة الناس.
ويعتبر باحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "سياسة الهروب إلى الأمام التي تنصح بها الدوائر المقرّبة من النظام السياسي المصري، ستؤدي إلى مزيد من الانهيار في شعبية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي"، قائلاً إنّ "المستشارين الذين نصحوا السيسي بتنفيذ سياسة دعائية حول ما يسوّقونه على أنّها مشاريع قومية، يضرّون به ولا ينفعونه، خصوصاً أنهم يتوجهون لشرائح وطبقات مجتمعية هي الأشد فقراً".
ويعتبر باحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "سياسة الهروب إلى الأمام التي تنصح بها الدوائر المقرّبة من النظام السياسي المصري، ستؤدي إلى مزيد من الانهيار في شعبية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي"، قائلاً إنّ "المستشارين الذين نصحوا السيسي بتنفيذ سياسة دعائية حول ما يسوّقونه على أنّها مشاريع قومية، يضرّون به ولا ينفعونه، خصوصاً أنهم يتوجهون لشرائح وطبقات مجتمعية هي الأشد فقراً".
ويشير خبراء مصريون متخصصون إلى أنّ مشروع المليون ونصف المليون فدان الذي افتتحه السيسي في واحة الفرافرة، أمس الأربعاء، مهدّد بالتوقف، نتيجة الأزمات الاقتصادية التي تتعرض لها البلاد، فضلاً عن الشح المائي وعدم تدبير المياه الكافية للمشروع.
ويضيف المستشار السابق أنّ "الاعتماد على المياه الجوفية فقط يعدّ كارثة، لكون معظم المياه الجوفية في مصر غير متجددة، ولا يمكن لمثل تلك المساحات المقرر زراعتها على المياه الجوفية أن تكون مستدامة. وكان لا بد للدولة من التفكير في موارد مائية أخرى غير تقليدية". ويلفت إلى أنّ ضياع 67 ألف كيلومتر من الأراضي الزراعية بسبب تعدي الأهالي عليها في ظل ضعف الرقابة وفشل زراعة الصحراء سيعرّض مصر لأزمة أمن غذائي خلال السنوات المقبلة.
اقرأ أيضاً وثيقة الخرطوم: ضوء أخضر لأثيوبيا لإكمال بناء سدّ النهضة
من ناحيته، يوضح أستاذ الأراضي والمياه في كلية الزراعة في جامعة القاهرة، الدكتور نادر نور الدين، لـ"العربي الجديد"، أنّ سياسة التخبّط ظهرت في هذا المشروع قبل أن يبدأ، من خلال عدم معرفة شروط التعاقدات مع المستثمرين في تلك الأراضي، وهوية مَن سيحصل على أراضٍ في هذا المشروع، ونوعية الزراعات التي سيُعمل عليها، وماهية المحاصيل غير المستنزفة للمياه. وإلى جانب أزمة توافر المياه، يشير نور الدين إلى مشكلة الاعتبارات الاقتصادية، وإمكان توفير التمويل اللازم لحفر الآبار، واستصلاح الأراضي لزراعتها، وتمهيدها، وتوصيل المرافق والبنية الأساسية من الكهرباء والطرق للمساحات المعلن عنها في المشروع، مؤكداً أن عدم تقدم عدد من الشركات العربية والأجنبية والمحلية بعروض للحكومة لنقل معداتها للزراعة في هذا المشروع، دليل على الفشل.
ويضيف الأستاذ الجامعي، أنّ المياه الجوفية في منطقة الفرافرة التي تم تدشين بداية أول مشروع زراعي فيها، هي مياه أحفورية (متحجرة) محدودة وغير متجددة. والزراعة في الصحراء تحتاج للري أكثر من مرة في اليوم الواحد. ويؤكد نور الدين أنّه "لا يوجد لدينا معلومات عن حجم المياه الجوفية في الصحراء. والحديث عن قدرة مصر استصلاح 1,5 مليون فدان هو ضرب من الخيال. كما أنّ وزارتي الزراعة والري ورّطتا الحكومة والنظام في هذا المشروع الذي يستحيل تحقيقه في ظل الفقر المائي الذي تعاني منه الدولة".
ويقول علام لـ"العربي الجديد"، إنه "من الحكمة والعقل عندما يكون لدينا مشروع محدد بمليون فدان، أن يتم تنفيذه أولاً قبل طرح أي مشروع آخر. كما أنّ اختيار الأراضي المستهدف استصلاحها أمر خاطئ منذ البداية، وكان ينبغي أن يتم اختيار مناطق شمالية، لأن المناخ فيها معتدل وتتساقط فيها الأمطار شتاءً. ويضيف علّام، أن المياه الجوفية في مصر لا تستوعب استصلاح أكثر من 500 فدان بشروط وتكاليف ضخمة، مؤكداً أن "الماء كان كلمة السر في التأجيلات المتكررة للمشروع الذي أعلنت وزارة الري أنها مستعدة له بأكثر من ألفي بئر مياه جوفية تضمن الري للأراضي لمدة 100 عام وهو كلام لا أساس له من الصحة".
ويلفت وزير الري الأسبق، إلى أنّ "مندوبي البنك الدولي رفضوا المشروع في اجتماع جمعهم مع ممثلي وزارتي الزراعة والري لتمويل المشروع، لعدم وجود أية دراسات حقيقية عن مصادر المياه المتوفرة، وكمياتها، وديمومتها، ودرجات ملوحتها"، مشيراً إلى أن أزمة الأسمدة مشكلة أخرى تهدّد المحاصيل الزراعية القائمة في مصر.
اقرأ أيضاً: أزمة سدّ النهضة تتفاقم...هل يكون الخلاف المقبل مصري سوداني؟