السيسي يبحث عن بديل لعبد العال في رئاسة البرلمان

26 اغسطس 2019
مثلت أخطاء عبد العال اللغوية مادة للسخرية (العربي الجديد)
+ الخط -
كشف برلمانيون مصريون أن هناك اتجاهاً قوياً للإطاحة برئيس مجلس النواب علي عبد العال، فور الانتهاء من الدورة التشريعية الحالية، في يونيو/حزيران 2020، مشيرة إلى أن الدائرة المقربة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي يقودها رئيس الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل، تعدّ حالياً قائمة بأسماء المرشحين لخلافة عبد العال، على ضوء سقطاته المتعددة منذ توليه منصبه في يناير/كانون الثاني 2016. وقالت مصادر برلمانية، في حديث خاص مع "العربي الجديد"، إن السيسي غير راضٍ عن أداء عبد العال منذ أكثر من عامين، نتيجة فشله في إدارة الخلافات خلال جلسات تمرير اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وتصريحاته التي سببت آنذاك حرجاً بالغاً للنظام بشأن تبعية جزيرتي تيران وصنافير، ومنها قوله لأحد نواب الأغلبية المعترضين على الاتفاقية: خليك في (تجارة) الآثار. وأفادت المصادر بأن السيسي تلقّى تقارير من جهات سيادية، توصي بعدم استمرار عبد العال في منصبه، نتيجة الرفض الشعبي الواسع لأداء البرلمان بصفة عامة، ولرئيسه على وجه الخصوص، مشيرة إلى أن حالة الرفض تشمل كذلك أعضاء ائتلاف الأغلبية في مجلس النواب، الذين يرون أن عبد العال يسيء إلى صورة المجلس في الشارع، من خلال موالاته المستمرة للحكومة، وانحيازه لها في مواجهة النواب على طول الخط.

وحسب المصادر، فإن تعطيل عبد العال للأدوات الرقابية المقدمة من النواب بشأن محاسبة الحكومة، أضاعت هيبة أعضاء البرلمان أمام الوزراء على نحو غير مسبوق، موضحة أن أغلب أعضاء الحكومة يتجاهلون الطلبات المقدمة من النواب إزاء مطالب دوائرهم، بسبب حالة الاطمئنان لديهم من عدم المساءلة تحت القبة، على وقع تعطيل رئيس البرلمان مناقشة أي استجواب ضد أحدهم، على مدى أربع سنوات كاملة. وعددت المصادر أبرز الأسماء المطروحة لخلافة عبد العال، ممثلة في عضو لجنة الشؤون التشريعية في البرلمان، النائب المعين حسن بسيوني، ووكيل مجلس النواب الحالي السيد الشريف، فضلاً عن نائب رئيس محكمة النقض السابق المستشار سري صيام، الذي استقال من عضوية البرلمان بعد أيام قليلة من قرار تعيينه اعتراضاً على أداء عبد العال، وعضو لجنة العشرة لإعداد دستور 2014 وأستاذ القانون الدستوري في جامعة المنصورة صلاح فوزي.



وفي ختام دور الانعقاد السنوي الماضي للبرلمان، وجّه عبد العال تحية للسيسي "تقديراً لدوره في نهضة البلاد"، قائلاً للنواب "التحية للرئيس يجب أن تكون وقوفاً، وأقول من هذه المنصة إن ولائي هو للرئيس السيسي بعد ربنا، لأنه رجل مقاتل بطبعه، وتحمّل الصعاب والمسؤولية انطلاقاً من دوره الوطني. هذا الرجل الشجاع المخلص الوفي للوطن، الذي لديه حلم في أن يكون هذا الوطن قوياً ومتقدماً ومتطوراً" على حد زعمه. واعتبرت المصادر أن مبالغة عبد العال في إظهار الموالاة للرئيس "تضرّه أكثر مما تنفعه"، لأنها توصل رسالة سلبية للرأي العام، في الداخل والخارج، بخضوع السلطة التشريعية لنظيرتها التنفيذية، مضيفة أن عبد العال كلما استشعر الخطر على منصبه "غالى في كلمات المدح والتبجيل للسيسي، وهو ما لم يكن يفعله من سبقه في كلماتهم عن الرؤساء، اعتقاداً منه أنه السبيل للبقاء على كرسيه لأطول فترة ممكنة".

وفي 14 إبريل/نيسان الماضي، ادعى عبد العال أن "المادة الانتقالية التي وضعت في تعديلات الدستور، للسماح للسيسي بالترشح مجدداً عقب انتهاء ولايته، لا تصطدم مع المبادئ الدستورية"، معتبراً أنه "لا يجوز للمشرّع الدستوري أن يقيد حق الترشح للرئيس الحالي، والذي قد يستخدمه أو لا يستخدمه بالطريقة التي شاء، ومتى يشاء، ولا توجد دولة تأخذ بنظام الأربع سنوات في الرئاسة إلا الولايات المتحدة". وأقر مجلس النواب تعديلاً على مادة الرئاسة في الدستور، تقضي بمدها من أربع إلى ست سنوات، لتنتهي ولاية السيسي في 2024 بدلاً من 2022، مع السماح بترشحه لمرة واحدة أخرى (ثالثة) لمدة ست سنوات تنتهي في عام 2030. وشغل عبد العال عضوية لجنة العشرة التي وضعت مشروع الدستور في 2014، ولجنة إعداد قانون مباشرة الحقوق السياسية، وانتخابات مجلس النواب، والذي حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية بعض موادهما في عام 2015، ما تسبب في تأجيل الانتخابات لمدة ستة أشهر، على الرغم من افتخاره الدائم بخلفياته الدستورية، وقوله المستمر إنه "من كتب الدستور بيديه"، و"أكثر الناس علماً بنصوصه".

ولطالما مثلت أخطاء عبد العال اللغوية مادة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفعه إلى وقف البث المباشر لجلسات البرلمان في اليوم الثاني لانعقاده. غير أن كلمته في احتفالية مرور 150 عاماً على تأسيس البرلمان، بحضور السيسي في مدينة شرم الشيخ، أظهرت وقوعه في 165 خطأ لغوياً، بمعدل 9 أخطاء لكل دقيقة، وسط تواجد 19 رئيس برلمان ومنظمة برلمانية دولية. وسبق أن شهدت قاعة البرلمان مطالب بالتحقيق مع عبد العال من النائب السابق محمد أنور السادات، الذي سرّع رئيس البرلمان في إجراءات إسقاط عضويته في فبراير/شباط 2017، بعد كشفه عن واقعة شراء عبد العال ثلاث سيارات مصفحة لتأمين موكبه، بمبلغ يصل إلى 22 مليون جنيه (نحو 1.2 مليون دولار)، وعدم توريد قيمة تلك السيارات بالحساب الختامي لموازنة البرلمان، في الوقت الذي تُعاني فيه موازنة الدولة العامة من عجز حاد.