السياسة الخارجية "تغيب" عن برامج الأحزاب في المغرب

02 أكتوبر 2016
بنكيران والأحزاب ربطوا السياسة الخارجية بالمؤسسة الملكية (فضل سنة/Getty)
+ الخط -
أفردت العديد من الأحزاب السياسية بالمغرب، خلال الحملة الانتخابية الجارية، حيزاً كبيراً للملفات الاقتصادية والاجتماعية التي تتعلق بالبلاد، والحلول التي تقترحها لتكون كفيلة بجرّ قاطرة التنمية في المملكة، لكنها بالمقابل لم تتطرق إلا لماماً للملفات المرتبطة بالدبلوماسية والسياسة الخارجية للمغرب.

وخصصت البرامج الانتخابية لأغلب الأحزاب السياسية المتنافسة على انتخابات مجلس النواب، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لملفات الشغل والصحة والتعليم والاقتصاد والأمن، في حين تناولت هذه الأحزاب بشكل محتشم مواضيع السياسة الخارجية للمملكة.

ولم تتطرق برامح الأحزاب الثلاثين المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة كثيراً إلى تفاصيل خططها المستقبلية للدفع بالدبلوماسية المغربية إلى الأمام، والدفاع عن القضايا الحيوية في السياسة الخارجية، وعلى رأسها قضية الصحراء المتنازع بشأنها بين المغرب و"جبهة البوليساريو" منذ سنة 1975.

وتساءل محللون مغاربة عما أعدت الأحزاب السياسية للتعاطي مع الحزب اليساري الإسباني المعروف بمناهضته لمواقف المملكة، وتعاطفه مع جبهة البوليساريو، في حالة وصوله إلى الحكومة الإسبانية، وأيضاً عن تصوراتها في حالة ترأس المرشّح الجمهوري، دونالد ترامب، الولايات المتحدة الأميركية.

ويتذرع قياديو الأحزاب بشأن عدم التطرق إلى السياسة الخارجية في برامجها الانتخابية بكونها من اختصاصات العاهل المغربي، الملك محمد السادس، وهو ما سبق أن صرح به رئيس الحكومة التي تقترب من نهاية ولايتها، عبد الإله بنكيران، عندما أكد أن السياسة الخارجية، خاصة ملف الوحدة الترابية للملكة، هو من شأن المؤسسة الملكية.

ويقول الدكتور سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة فاس، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنه قد يكون من عدم الإنصاف الحديث عن غياب السياسة الخارجية في البرامج الانتخابية للأحزاب المغربية، إلا أن حضورها ضعيف مقارنة مع باقي الملفات.

وأفاد الصديقي بأن بعض الأحزاب، خاصة الكبيرة، قدّمت تصورات مفصّلة للسياسة الخارجية للمملكة، وعرضت أفكارا مهمة في برامجها الانتخابية، سواء في انتخابات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، أو الانتخابات الماضية لسنة 2011، والتي يمكن أن تشكل أرضية لرسم سياسة خارجية متكاملة.

وعزا المحلل ذاته ضعف السياسة الخارجية في برامج الأحزاب إلى عوامل كثيرة، أبرزها كون السياسة الخارجية المغربية "شأناً ملكياً صرفاً"، مضيفاً أنه "رغم منح الدستور الحالي للحكومة سلطات مهمة تسمح لها بتجسيد تصوراتها، فضلت الحكومة المنتهية ولايتها ترك هذا المجال للمؤسسة الملكية، لا سيما فيما يتصل برسم توجهاتها العامة".

وذهب الصديقي إلى أن الحضور المتميز لقضية الصحراء في برامج الأحزاب المغربية، يعود بالدرجة الأولى إلى كونها القضية الوطنية الأولى، كما أن العديد من الأحزاب تكاد لا تميز بينها وبين القضايا الداخلية، كما تعتبرها أيضا جزءاً رئيسياً من شعارات التعبئة الانتخابية.

ويرى مراقبون أنه على الرغم من أن السياسة الخارجية للبلاد من اختصاص الملك، وأن القرارات الاستراتيجية والمهمة تظل بيد القصر، فإنه يمكن للأحزاب أن تلعب أدواراً مؤثرة في قضية الترويج لأطروحة الحل المغربي لنزاع الصحراء، متمثلاً في إرساء الحكم الذاتي الموسع لأقاليم الصحراء، من خلال ما يسمّى الدبلوماسية الموازية، وأن تكون لدى هذه الأحزاب روح المبادرة إلى تقوية الموقف التفاوضي للمملكة في المحافل الدولية.

دلالات
المساهمون