السوري عامر حلمي... طالب بوطن حر فقتل تحت التعذيب بأقبية المخابرات

10 اغسطس 2018
السوري عامر حلمي (العربي الجديد)
+ الخط -
ولد عامر محمد حلمي، في مدينة داريا قرب العاصمة السورية دمشق، عام 1977، لأسرة ريفية فقيرة الحال وكثيرة العدد تضم 17 ابناً، بينهم 12 من الذكور و5 إناث، ومنع الفقر حلمي من استكمال دراسته فعمل مبكراً في مهنة "الدهان" ليساعد أسرته.

كان الشاب الأربعيني يعرف بين أقرانه بلقب "الضخم" نظراً لبنيته الجسدية، ولم يكن معروفاً عنه أي نشاط سياسي، أو انتماء حزبي، فكانت حياته تسير بشكل رتيب كغيره من السوريين، إلى أن انطلقت الثورة السورية التي كان مشاركاً فيها بقوة، حتى أصبح من الوجوه البارزة في مظاهرات داريا، ومن عناصر قيادة الحراك فيها.

يقول أحمد حلمي، ابن شقيق عامر وأحد المقربين منه: "لم يكن أحد ممن يعرفونه يتوقع أن يكون فاعلاً لهذه الدرجة، فشخصيته القديمة تغيرت كلياً مع انطلاق الثورة". ويضيف لـ"العربي للجديد": "عمي بعد الثورة تغير كثيراً، أصبح لديه انتماء شديد للوطن الذي لم يكن سابقاً يشعر أنّه وطنه، وأصبح يفكر بالمستقبل، ويدافع عن الثورة".

تميز عامر حلمي في المظاهرات وباقي نشاطات الحراك الثوري الذي حافظت عليه مدينة داريا، طوال السنة الأولى من الثورة، يقول ابن شقيقه: "عمي كان طوله 190 سم، كان ضخماً حقاً، وكانت مهمته رفع العلم وتقدم المتظاهرين، ما زلت أذكر تلك الأيام، وكم كان معتزاً برفع الراية".

كانت مظاهرات داريا تدار من خلال فريق من الناشطين الذين جمعهم الأمل بمستقبل أفضل، وكان عامر أحد أفراد ذلك الفريق. "كان بيعرف دوره منيح، كل يوم يجتمع مع الشباب، وبالذات الشهيد إسلام دباس، لتخطيط مسار مظاهرة اليوم التالي. كان عمي إذا شعر أن المظاهرة تتجه إلى الخطر، أو أن أفراد الأمن أصبحوا قريبين، يوقف الجموع ويوجههم إلى طريق آخر حفاظاً على سلامتهم".

طارد النظام السوري الناشطين في الحراك الثوري منذ انطلاقه، وحاولت عناصر المخابرات اعتقال عامر أكثر من مرة، يروي أحمد تفاصيل إحداها، والتي تمت أثناء زيارة قصيرة من عامر لأمه في عام 2011، "لم تمض عشر دقائق على دخوله المنزل حتى داهمت مجموعة مدججة بالسلاح تابعة لجيش النظام المنزل، لكنه تمكن من الفرار".

ألقي القبض على عامر في أواخر 2011، بعد تفريق الأمن لمظاهرة كان يقودها. طاردوه إلى أن تمكنوا منه بعد إطلاقهم النار عليه، وإصابته، وفق شهود. واقتيد بعد اعتقاله إلى فرع المخابرات الجوية سيئ الصيت، والذي يديره اللواء جميل الحسن، وبعدها تم نقله إلى سجن صيدنايا، شمال دمشق.


يقول أحمد حلمي لـ"العربي الجديد": "منذ لحظة اعتقاله لم نستطع زيارته، أو معرفة مكان اعتقاله، كل ما كان يأتينا عنه هو أخبار من أشخاص تواجدوا معه في المعتقل، ثم أطلق سراحهم. لم يكن أي خبر مؤكداً على مدار سبع سنوات، إلى أن بدأ النظام بتسريب أسماء للذين استشهدوا تحت التعذيب. لم تقبل والدته أن تذهب إلى السجل المدني خوفاً من أن تجد اسمه بين القتلى، لكننا قمنا باستخراج القيد المدني له، فتبين أنه قد قُتل في 15 يناير 2013 في السجن بعد سنتين من التعذيب".

ويختم حديثه عن عمه قائلاً: "قتلوه من زمان كتير، حتى دموعنا تأخرنا فيها، وحرمونا حتى الحزن يوم وفاته والدعاء له، قتلونا مرتين، يوم قتلوا عمي ويوم قتلوا حزننا عليه، حتى أمه مو قادرة تصدق إنه استشهد، وناطرة رجعته، أو على الأقل تعرف قبره لتقرأ الفاتحة له".