تتزايد الضغوط على المجلس العسكري السوداني عبر مسارين؛ الأول داخلي من قبل المعارضة التي تريد حل المجلس العسكري واستبداله بآخر مدني وتقصير مدة المهلة الانتقالية، بحسب ما أعادت التأكيد عليه أمس الاثنين، ومن قبل المعتصمين بمحيط القيادة العامة للجيش السوداني، الذين أفشلوا، صباح أمس الإثنين، محاولات فضّ الاعتصام بعدما فوجئوا بجرارات تابعة للجيش وقوات الدعم السريع تعمل على إزالة متاريس وحواجز أمنية وضعها المعتصمون لحماية المكان، وذلك بعد ساعات فقط من تصريحات لقادة المجلس العسكري الانتقالي أعلنوا فيها التزامه بعدم فض الاعتصام بالقوة.
أما المسار الثاني من الضغوط فكان خارجياً، وتحديداً من قبل الاتحاد الأفريقي، مع إمهال مجلس السلم والأمن الأفريقي المجلس العسكري 15 يوماً لتسليم السلطة للمدنيين وإلا سيتم تعليق عضوية السودان تلقائياً في الاتحاد الأفريقي. وجاء القرار بعد اجتماع مجلس الأمن والسلم الأفريقي، ناقش ظروف ما بعد الإطاحة بالبشير، وسط توقعات بفرض عقوبات على الخرطوم، تصل إلى حدّ تجميد عضويتها في الاتحاد، كما حدث مع مصر بعد انقلاب عبد الفتاح السيسي عام 2013.
ضغوط داخلية
وعلى الصعيد الداخلي، طالب تجمع المهنيين السودانيين المعارض، في أول مؤتمر صحافي أمس بالخرطوم، منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير، بحل المجلس العسكري وتأسيس مجلس رئاسي مدني لإدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية، وذلك بمشاركة محدودة للعسكريين.
وقال محمد ناجي الأصم، وهو من أبرز الوجوه القيادية في التجمع: "نريد إلغاء المجلس العسكري الحالي واستبداله بمجلس مدني مع تمثيل للعسكريين". ولفت إلى أن "مطلب تشكيل المجلس الرئاسي، سُلم للمجلس العسكري الانتقالي ومعه جملة أخرى من المطالب، من بينها حل كل مليشيات النظام السابق وتشكيل مجلس وزراء مدني وسلطة تشريعية". كما طالب الأصم، في المؤتمر الصحافي، بإقالة رئيس القضاء عبد المجيد إدريس والنائب العام عمر أحمد محمد واستبدالهما بأشخاص موثوقين. كما شدد الأصم على أهمية حماية المتظاهرين السلميين، إضافة إلى التحفظ على قيادات النظام السابق ورموزه ومصادرة ممتلكاتهم، وعدم مشاركة المؤتمر الوطني (الحاكم سابقاً) في أي حكومة مقبلة.
وأشار الأصم إلى أن المجلس العسكري قام بخطوات إيجابية لكن ثقة تجمع المهنيين لا تزال في الشارع السوداني القادر على فرض شروطه، مبيناً أن الاعتصام في محيط القيادة العامة للجيش السوداني سيستمر لحين تحقيق شروط الثورة الشعبية. من جهته، قلل محمد يوسف أحمد المصطفي، وهو أحد قادة تجمع المهنيين، من الخلافات التي طرأت بين قوى المعارضة السودانية، معتبراً أنها دليل عافية ويمكن تجاوزها.
اقــرأ أيضاً
بدوره، اعتبر الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي السوداني علي الحاج، في مؤتمر صحافي أمس، أن "استمرار الاعتصام يعدّ ضمانة مهمة"، مطالباً بحل جهاز الأمن والمخابرات، وتقصير مدة الفترة الانتقالية على ألا تتجاوز عاماً واحداً على أقصى تقدير، "وخصوصاً أن دولاً أوروبية تقول إن ما جرى في السودان انقلاب".
وجاء التمسك بالاعتصام بعدما شهد يوم أمس محاولة لفضّه، وللحيلولة دون تحقيق هذا الهدف، شكّل آلاف المعتصمين دروعاً بشرية، ووقفوا في صفوف متراصّة لمنع إزالة المتاريس ومنع توغل القوات إلى داخل المكان، ما دفع الجرارات والقوات المدعومة بها للتراجع، فيما بدأ الجيش تعليق ملصقات تحذر من الاقتراب من القيادة، وباشر باستخدام مكبّرات الصوت، طالباً من المعتصمين الانفضاض، لأن وجودهم في المكان "يمثل استفزازاً للمؤسسة العسكرية، وخصوصاً بعد سقوط النظام". واعتصام المحتجين في محيط قيادة الجيش السوداني، بدأ في 6 إبريل/ نيسان الحالي، للمطالبة بتنحّي الرئيس عمر البشير، ويوم الخميس الماضي أطاح وزير الدفاع عوض بن عوف بالبشير وتسلم السلطة باسم المجلس العسكري الانتقالي، إلا أن قوى إعلان الحرية والتغيير التي قادت الاعتصام رفضت الاعتراف ببن عوف، بحجة أنه "جزء من رموز النظام القديم". ودعت إلى مواصلة الاعتصام، لتجبر الضغوط الشعبية بن عوف بعد نحو 24 ساعة على الاستقالة، فيما أصرّ المعتصمون على البقاء في مكانهم إلى حين تنفيذ كل شروطهم، وأهمها إعادة هيكلة جهاز الأمن والمخابرات وحلّ حزب المؤتمر الوطني (الحاكم سابقاً)، واعتقال كل رموزه وتقديمهم لمحاكمة عاجلة.
وتراهن قوى الحرية والتغيير المكونة من تحالف نداء السودان وتجمع المهنيين والتحالف الاتحادي وقوى الإجماع الوطني، على استمرارية الاعتصام باعتباره الورقة الوحيدة التي تمتلكها، في ظل عدم توفر الثقة الكافية بالمجلس العسكري الانتقالي، الذي طرح حتى الآن جملة من الوعود، تحقق القليل منها.
في السياق، اعتبر عضو الوفد المفاوض لقوى الحرية والتغيير مع المجلس العسكري الانتقالي مدني عباس مدني، أن "محاولة فض الاعتصام تثير الشكوك حول جدّية المجلس في تنفيذ أجندة التحول الديمقراطي وإزالة الدولة العميقة، التي لن ينتهي زوالها فقط بعزل رأس النظام، عمر البشير". وأضاف في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الاعتصام سيستمر بإرادة الجماهير، ولن ينفض إلا بتحقيق عدد من المطالب الرئيسية التي فرضتها الثورة، ومنها حماية الثورة نفسها عبر حل جهاز الأمن والدفاع الشعبي وكذلك المليشيات التابعة للنظام القديم، وإنهاء هيمنة المؤتمر الوطني على أجهزة الإعلام الحكومية، فضلاً عن تشكيل حكومة مدنية تتولّى زمام الأمور من قوى الحرية والتغيير التي صارت تمثل الشعب، وكذلك تشكيل مجلس رئاسي وآخر تشريعي". وأشار إلى أن "المجلس العسكري يريد الهيمنة على كل الصلاحيات من دون أن تقديم تنازل عملي".
ووفقاً لمدني، فإن "قوى الحرية والتغيير لا تغالي في مطالبها، وتدرك أن هناك مطالب مرحلية وأخرى تحتاج لزمن طويل، تحديداً تلك المتعلقة بتفكيك الدولة العميقة لنظام البشير". وحول ما إذا كان الوفد المفاوض قد قرر الانسحاب من التفاوض بعد محاولة فض الاعتصام، أشار إلى أن "قوى الحرية والتغيير ستجتمع وتعلن رأيها في بيان لاحق".
غير أن محمد وداعة القيادي بقوى الإجماع الوطني، وهو من مكوّنات الحرية والتغيير، أوضح لـ"العربي الجديد" أن "ما جرى (في ما يتعلق بالاعتصام) تم تضخيمه تماماً، وأن المعارضة اتصلت بمكتب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، محمد حمدان دلقو المعروف بـ(حميدتي)، الذي نفى تماماً أن تكون هناك أي محاولة من قبل الجيش أو قوات الدعم السريع لفض الاعتصام". ونوّه بأنه "حتى بقية أعضاء المجلس العسكري يرون أن هذا الاعتصام هو من أتى بهم لقيادة التغيير، ولا يمكن لهم التورط في فضه بالقوة".
ضغوط إقليمية ودولية
في موازاة الضغوط الدولية، ندد مجلس السلم والأمن الأفريقي في بيان أصدره أمس، بتعطيل الدستور وحل البرلمان وتأسيس سلطة الجيش التي وصفها بغير الشرعية، رافضاً قرار الجيش قيادة المرحلة الانتقالية. كما دعا إلى تسليم السلطة لقيادة مدنية ليس لها علاقة بالجيش. ولم تصل ردة فعل سريعة من الخرطوم حول القرار الأفريقي، الذي حاول المجلس العسكري استباقه بإرسال عضو المجلس الفريق جلال الدين الشيخ، لإجراء مشاورات مع الاتحاد الأفريقي وباقي الأعضاء. وفي تصريحات صحافية، حاول الشيخ نفي صفة الانقلاب على تحرك الجيش الأخير، مؤكداً أنه "جاء تنفيذاً لإرادة الشعب". وتعهّد باسم المجلس بتسليم السلطة لحكومة مدنية يجري التشاور حولها.
من جهته، رأى السفير السابق في الخارجية السودانية الطريفي كرمنو، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الاتحاد الأفريقي تعجّل كثيراً في إصدار ذلك القرار، وحتى من دون معرفة الأوضاع في السودان، وظروف المطالبة الواسعة من الشعب للجيش السوداني بالانحياز لخيارهم والإطاحة بحكم الرئيس البشير". وبرأيه فإن "تسليم السلطة لحكومة مدنية في الوقت الحالي، سيؤدي لنتائج كارثية، لأن النظام القديم ما زال يمتلك مليشيات مسلّحة قد لا تستطيع الحكومة المدنية التعامل معها ومع كل التحديات الأمنية المتوقعة"، على حد وصفه. وأشار إلى أن "قادة المجلس العسكري التزموا بتسليم السلطة حتى قبل فترة العامين الانتقالية"، مشدّداً على أن "وجود المجلس العسكري مهم وضروري، من أجل الانتقال السلس والآمن للسلطة لأي حكومة مدنية منتظرة".
في غضون ذلك، بدأ نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان دلقو، سلسلة اجتماعات بالسفراء الغربيين، بدءاً بلقائه مع القائم بالأعمال الأميركي ستيفن كوتسيس أول من أمس الأحد، ثم رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي جان ميشال دوموند، والسفير البريطاني عرفان صديق، والسفيرة الهولندية كارين بوفين. وانصبّت اهتمامات السفراء على مطالبة الرجل الأقوى في المجلس العسكري، وحثّه على عدم فض الاعتصام بالقوة، فضلاً عن الدعوة مع أعضاء المجلس على الإسراع بتسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية، في أسرع وقت ممكن.
وذكر السفير البريطاني في تغريدات له على "تويتر"، أن "اللقاء مع دلقو لم يكن الغرض منه تأييد ما حدث في السودان، بل لتأكيد الخطوات التي تريد بريطانيا اتخاذها لتحسين الوضع في السودان"، منوّهاً بأن "الطلب الأساسي لبريطانيا هو عدم اللجوء للعنف أو محاولة فض الاعتصام بالقوة، مع التشديد على تشكيل حكومة انتقالية مدنية من خلال عملية شفافة وذات مصداقية وشاملة، إضافة للإصلاح الفوري لجهاز الأمن والمخابرات، ليصبح من دون سلطات اعتقال وأن يتم إطلاق سراح جميع المعتقلين". كما طالب بمعرفة مكان اعتقال الرئيس المعزول عمر البشير وكبار قادة النظام السابق.
اقــرأ أيضاً
أما المسار الثاني من الضغوط فكان خارجياً، وتحديداً من قبل الاتحاد الأفريقي، مع إمهال مجلس السلم والأمن الأفريقي المجلس العسكري 15 يوماً لتسليم السلطة للمدنيين وإلا سيتم تعليق عضوية السودان تلقائياً في الاتحاد الأفريقي. وجاء القرار بعد اجتماع مجلس الأمن والسلم الأفريقي، ناقش ظروف ما بعد الإطاحة بالبشير، وسط توقعات بفرض عقوبات على الخرطوم، تصل إلى حدّ تجميد عضويتها في الاتحاد، كما حدث مع مصر بعد انقلاب عبد الفتاح السيسي عام 2013.
وعلى الصعيد الداخلي، طالب تجمع المهنيين السودانيين المعارض، في أول مؤتمر صحافي أمس بالخرطوم، منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير، بحل المجلس العسكري وتأسيس مجلس رئاسي مدني لإدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية، وذلك بمشاركة محدودة للعسكريين.
وقال محمد ناجي الأصم، وهو من أبرز الوجوه القيادية في التجمع: "نريد إلغاء المجلس العسكري الحالي واستبداله بمجلس مدني مع تمثيل للعسكريين". ولفت إلى أن "مطلب تشكيل المجلس الرئاسي، سُلم للمجلس العسكري الانتقالي ومعه جملة أخرى من المطالب، من بينها حل كل مليشيات النظام السابق وتشكيل مجلس وزراء مدني وسلطة تشريعية". كما طالب الأصم، في المؤتمر الصحافي، بإقالة رئيس القضاء عبد المجيد إدريس والنائب العام عمر أحمد محمد واستبدالهما بأشخاص موثوقين. كما شدد الأصم على أهمية حماية المتظاهرين السلميين، إضافة إلى التحفظ على قيادات النظام السابق ورموزه ومصادرة ممتلكاتهم، وعدم مشاركة المؤتمر الوطني (الحاكم سابقاً) في أي حكومة مقبلة.
وأشار الأصم إلى أن المجلس العسكري قام بخطوات إيجابية لكن ثقة تجمع المهنيين لا تزال في الشارع السوداني القادر على فرض شروطه، مبيناً أن الاعتصام في محيط القيادة العامة للجيش السوداني سيستمر لحين تحقيق شروط الثورة الشعبية. من جهته، قلل محمد يوسف أحمد المصطفي، وهو أحد قادة تجمع المهنيين، من الخلافات التي طرأت بين قوى المعارضة السودانية، معتبراً أنها دليل عافية ويمكن تجاوزها.
بدوره، اعتبر الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي السوداني علي الحاج، في مؤتمر صحافي أمس، أن "استمرار الاعتصام يعدّ ضمانة مهمة"، مطالباً بحل جهاز الأمن والمخابرات، وتقصير مدة الفترة الانتقالية على ألا تتجاوز عاماً واحداً على أقصى تقدير، "وخصوصاً أن دولاً أوروبية تقول إن ما جرى في السودان انقلاب".
وجاء التمسك بالاعتصام بعدما شهد يوم أمس محاولة لفضّه، وللحيلولة دون تحقيق هذا الهدف، شكّل آلاف المعتصمين دروعاً بشرية، ووقفوا في صفوف متراصّة لمنع إزالة المتاريس ومنع توغل القوات إلى داخل المكان، ما دفع الجرارات والقوات المدعومة بها للتراجع، فيما بدأ الجيش تعليق ملصقات تحذر من الاقتراب من القيادة، وباشر باستخدام مكبّرات الصوت، طالباً من المعتصمين الانفضاض، لأن وجودهم في المكان "يمثل استفزازاً للمؤسسة العسكرية، وخصوصاً بعد سقوط النظام". واعتصام المحتجين في محيط قيادة الجيش السوداني، بدأ في 6 إبريل/ نيسان الحالي، للمطالبة بتنحّي الرئيس عمر البشير، ويوم الخميس الماضي أطاح وزير الدفاع عوض بن عوف بالبشير وتسلم السلطة باسم المجلس العسكري الانتقالي، إلا أن قوى إعلان الحرية والتغيير التي قادت الاعتصام رفضت الاعتراف ببن عوف، بحجة أنه "جزء من رموز النظام القديم". ودعت إلى مواصلة الاعتصام، لتجبر الضغوط الشعبية بن عوف بعد نحو 24 ساعة على الاستقالة، فيما أصرّ المعتصمون على البقاء في مكانهم إلى حين تنفيذ كل شروطهم، وأهمها إعادة هيكلة جهاز الأمن والمخابرات وحلّ حزب المؤتمر الوطني (الحاكم سابقاً)، واعتقال كل رموزه وتقديمهم لمحاكمة عاجلة.
وتراهن قوى الحرية والتغيير المكونة من تحالف نداء السودان وتجمع المهنيين والتحالف الاتحادي وقوى الإجماع الوطني، على استمرارية الاعتصام باعتباره الورقة الوحيدة التي تمتلكها، في ظل عدم توفر الثقة الكافية بالمجلس العسكري الانتقالي، الذي طرح حتى الآن جملة من الوعود، تحقق القليل منها.
في السياق، اعتبر عضو الوفد المفاوض لقوى الحرية والتغيير مع المجلس العسكري الانتقالي مدني عباس مدني، أن "محاولة فض الاعتصام تثير الشكوك حول جدّية المجلس في تنفيذ أجندة التحول الديمقراطي وإزالة الدولة العميقة، التي لن ينتهي زوالها فقط بعزل رأس النظام، عمر البشير". وأضاف في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الاعتصام سيستمر بإرادة الجماهير، ولن ينفض إلا بتحقيق عدد من المطالب الرئيسية التي فرضتها الثورة، ومنها حماية الثورة نفسها عبر حل جهاز الأمن والدفاع الشعبي وكذلك المليشيات التابعة للنظام القديم، وإنهاء هيمنة المؤتمر الوطني على أجهزة الإعلام الحكومية، فضلاً عن تشكيل حكومة مدنية تتولّى زمام الأمور من قوى الحرية والتغيير التي صارت تمثل الشعب، وكذلك تشكيل مجلس رئاسي وآخر تشريعي". وأشار إلى أن "المجلس العسكري يريد الهيمنة على كل الصلاحيات من دون أن تقديم تنازل عملي".
ووفقاً لمدني، فإن "قوى الحرية والتغيير لا تغالي في مطالبها، وتدرك أن هناك مطالب مرحلية وأخرى تحتاج لزمن طويل، تحديداً تلك المتعلقة بتفكيك الدولة العميقة لنظام البشير". وحول ما إذا كان الوفد المفاوض قد قرر الانسحاب من التفاوض بعد محاولة فض الاعتصام، أشار إلى أن "قوى الحرية والتغيير ستجتمع وتعلن رأيها في بيان لاحق".
غير أن محمد وداعة القيادي بقوى الإجماع الوطني، وهو من مكوّنات الحرية والتغيير، أوضح لـ"العربي الجديد" أن "ما جرى (في ما يتعلق بالاعتصام) تم تضخيمه تماماً، وأن المعارضة اتصلت بمكتب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، محمد حمدان دلقو المعروف بـ(حميدتي)، الذي نفى تماماً أن تكون هناك أي محاولة من قبل الجيش أو قوات الدعم السريع لفض الاعتصام". ونوّه بأنه "حتى بقية أعضاء المجلس العسكري يرون أن هذا الاعتصام هو من أتى بهم لقيادة التغيير، ولا يمكن لهم التورط في فضه بالقوة".
في موازاة الضغوط الدولية، ندد مجلس السلم والأمن الأفريقي في بيان أصدره أمس، بتعطيل الدستور وحل البرلمان وتأسيس سلطة الجيش التي وصفها بغير الشرعية، رافضاً قرار الجيش قيادة المرحلة الانتقالية. كما دعا إلى تسليم السلطة لقيادة مدنية ليس لها علاقة بالجيش. ولم تصل ردة فعل سريعة من الخرطوم حول القرار الأفريقي، الذي حاول المجلس العسكري استباقه بإرسال عضو المجلس الفريق جلال الدين الشيخ، لإجراء مشاورات مع الاتحاد الأفريقي وباقي الأعضاء. وفي تصريحات صحافية، حاول الشيخ نفي صفة الانقلاب على تحرك الجيش الأخير، مؤكداً أنه "جاء تنفيذاً لإرادة الشعب". وتعهّد باسم المجلس بتسليم السلطة لحكومة مدنية يجري التشاور حولها.
من جهته، رأى السفير السابق في الخارجية السودانية الطريفي كرمنو، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الاتحاد الأفريقي تعجّل كثيراً في إصدار ذلك القرار، وحتى من دون معرفة الأوضاع في السودان، وظروف المطالبة الواسعة من الشعب للجيش السوداني بالانحياز لخيارهم والإطاحة بحكم الرئيس البشير". وبرأيه فإن "تسليم السلطة لحكومة مدنية في الوقت الحالي، سيؤدي لنتائج كارثية، لأن النظام القديم ما زال يمتلك مليشيات مسلّحة قد لا تستطيع الحكومة المدنية التعامل معها ومع كل التحديات الأمنية المتوقعة"، على حد وصفه. وأشار إلى أن "قادة المجلس العسكري التزموا بتسليم السلطة حتى قبل فترة العامين الانتقالية"، مشدّداً على أن "وجود المجلس العسكري مهم وضروري، من أجل الانتقال السلس والآمن للسلطة لأي حكومة مدنية منتظرة".
في غضون ذلك، بدأ نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان دلقو، سلسلة اجتماعات بالسفراء الغربيين، بدءاً بلقائه مع القائم بالأعمال الأميركي ستيفن كوتسيس أول من أمس الأحد، ثم رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي جان ميشال دوموند، والسفير البريطاني عرفان صديق، والسفيرة الهولندية كارين بوفين. وانصبّت اهتمامات السفراء على مطالبة الرجل الأقوى في المجلس العسكري، وحثّه على عدم فض الاعتصام بالقوة، فضلاً عن الدعوة مع أعضاء المجلس على الإسراع بتسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية، في أسرع وقت ممكن.
وذكر السفير البريطاني في تغريدات له على "تويتر"، أن "اللقاء مع دلقو لم يكن الغرض منه تأييد ما حدث في السودان، بل لتأكيد الخطوات التي تريد بريطانيا اتخاذها لتحسين الوضع في السودان"، منوّهاً بأن "الطلب الأساسي لبريطانيا هو عدم اللجوء للعنف أو محاولة فض الاعتصام بالقوة، مع التشديد على تشكيل حكومة انتقالية مدنية من خلال عملية شفافة وذات مصداقية وشاملة، إضافة للإصلاح الفوري لجهاز الأمن والمخابرات، ليصبح من دون سلطات اعتقال وأن يتم إطلاق سراح جميع المعتقلين". كما طالب بمعرفة مكان اعتقال الرئيس المعزول عمر البشير وكبار قادة النظام السابق.