السودان: أزمة الوقود تطيح قيادات من وزارة النفط والبنك المركزي

29 نوفمبر 2018
مشهد طوابير محطات الوقود يتكرر في الخرطوم (فرانس برس)
+ الخط -
عاود ثالوث أزمة الوقود والخبز والسيولة الظهور مجدداً في السودان، ما يضع حكومة الخرطوم على صفيح ساخن نظراً للارتباط المباشر لهذه المشكلات بمعيشة الناس، ولا سيما مع تزايد المطالبات بحسمها نهائياً وعزلها كلياً عن أنصاف الحلول، وإنهاء ظاهرة طوابير محطات الوقود والمخابز والصرافات الآلية.

وأطاحت أزمة الوقود للمرة الثانية، قيادات في وزارة النفط والغاز والمعادن، بإعفاء رئيس الوزراء معتز موسى عبر تغريدة بحسابه الرسمي على "تويتر"، كُلاً من وكيل وزارة النفط ومدير الإمدادات النفطية والنائب الأول لمحافظ بنك السودان، بعد تفاقم المشكلة.

وكانت أزمة الوقود والمشتقات النفطية قد تسببت في الإطاحة سابقاً، بوزير النفط والغاز التكنوقراطي، عبدالرحمن عثمان من منصبه، رغم خبرته التي تتجاوز 30 عاماً في مجال الصناعة النفطية، وكونه مهندس اتفاقية النفط الأولى، وتطبيقه قانون الثروة النفطية لفشله في إدارة وتلافي أزمة المشتقات النفطية.

إطاحة عثمان حينها تمت، رغم محاولته طمأنة الشارع السوداني حيال اتفاق مع السعودية لتوفير المشتقات النفطية لـ5 أعوام مقبلة، فيما أُخذ عليه عجزه عن توفير المبالغ المطلوبة لصيانة المصفاة الرئيسة في وقتها المحدد، وهي الأزمة التي تعتبر من أكبر التحديات التي تجابه الوزير الحالي الذي يتولى حقيبة النفط، أزهري عبدالقادر.

وقال معتز موسى في التغريدة، إنه تم استيراد كميات كافية من الوقود كفيلة بسد الفجوة المقدرة بـ800 طن يومياً، إذ تنتج مصفاة الجيلي 3.5 آلاف طن من الوقود، مقابل استهلاك يُقدر بـ4 آلاف طن يومياً، وأضاف: "استوردنا ما يغطي الحاجة وهو الآن ببورتسودان"، لافتاً إلى بذل جهود إدارية حثيثة لتحقيق الوفرة بكل محطات الوقود.



ورصدت "العربي الجديد" خلوّ غالبية محطات المحروقات من البنزين والغازولين، واصطفاف المركبات العامة والخاصة أمامها، في الخرطوم وبحري وأم درمان على مستوى العاصمة، فيما قال بعض أصحاب المركبات وموظفي المحطات إن هذه الفترة تشهد أزمة في الموادّ البترولية.

موظف في إحدى المحطات قال لـ"العربي الجديد"، إن أزمة الغازولين موجودة أصلاً، وقد عادت مجدداً متزامنة مع أزمة بنزين كان شهد استقراراً ملحوظاً طيلة الأشهر المنصرمة، عازياً الأزمة إلى تراجع الاستيراد.

ولفت إلى ارتفاع الاستهلاك اليومي وخاصة الغازولين، مؤكداً استمرار ظاهرة تزويد المركبات بالوقود أكثر من مرة للمركبة الواحدة، ولا سيما المركبات العامة، وأشار إلى تزايد حاجة الولايات الزراعية إلى الوقود تحضيراً للموسم الشتوي.

بعض المواطنين وأصحاب المركبات العامة والخاصة، تحدثت إليهم "العربي الجديد"، أعربوا عن استيائهم من تجدد الأزمة منذ أكثر من أسبوع، وقالوا إنها تعطل حركة الانتقال إلى مواقع العمل، وعمليات نقل البضائع والخضر واللحوم من مواقع الإنتاج إلى الأسواق الاستهلاكية، وزيادة التكلفة والتسبب في ندرة السلع وارتفاع تعرفة المواصلات.

وكشف وزير النفط والغاز أزهري عبدالقادر عبدالله، عن خطة لتحقيق وفرة في الوقود بمختلف أنواعه من خلال جذب استثمارات جديدة.

وبررت مديرة المصفاة الرئيسية للنفط في الخرطوم، منيرة محمود، في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، تجدد أزمة الوقود واصطفاف المركبات أمام المحطات، بعدم كفاية إنتاج المصفاة اليومي من الغازولين المُقدّر بنسبة 60%.

ودعت مديرة المصفاة إدارة النقل والبترول في الخرطوم، إلى إيقاف ظاهرة التعبئة المضاعفة للمركبات من الغازولين وغيرها من الظواهر السالبة، تحقيقاً للعدالة في تلقي الخدمة ومنع الاصطفاف.

المستشار السابق في وزارة النفط صلاح وهبي، قال لـ"العربي الجديد"، إن الأزمة الأساسية تكمن في ندرة النقد الأجنبي، مشيراً إلى أن إقالة كبار المسؤولين ربما تكون رسالة لضرورة العمل إلى الذين يتولون شأن الموادّ البترولية، مشيراً إلى أن النهج الخاص بالمحاسبة عند التقصير مبدأ مهم ويجب الاستمرار به، متوقعاً وصول كميات من الوقود خلال الأيام المقبلة لسد الفجوة المقدرة بـ800 طن.

أما رئيس شعبة النفط والطاقة في المجلس الوطني، بشير جماع، فقد قال لـ"العربي الجديد" إنه عندما تكون هناك أزمة وتتم إقالة مسؤولين، فهذا يؤكد أن هناك قصوراً حاصلاً.