نشرت الصحف التركية، اليوم الجمعة، تقارير موسّعة على صفحاتها الأولى، حول العديد من القضايا المشتركة بين تركيا والولايات المتحدة. ونُسبت التصريحات التي وردت في التقارير، إلى مسؤول في السفارة الأميركية (رفض الكشف عن اسمه)، أو إلى مسؤول غربي، أو مسؤول رفيع المستوى من إحدى الدول القيادية في التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وعلم "العربي الجديد"، أن المسؤول الذي أدلى بهذه التصريحات هو السفير الأميركي في أنقرة، جون باس، الذي تحدث خلال لقاء جمعه بعدد من الصحافيين الأتراك، عن عدد من القضايا التي تهم أنقرة وواشنطن وفي مقدمتها: الأهداف القريبة للتحالف بعدما انضمت له أنقرة، والعلاقة بين "الاتحاد الديمقراطي" وواشنطن، كما تحدث عن برنامج تدريب وتسليح قوات المعارضة السورية المعتدلة، والموقف الأميركي من الضربات التي توجهها أنقرة لحزب "العمال الكردستاني".
وأكد باس، أن واشنطن هي من طلبت من أنقرة إيقاف عملياتها المنفردة ضد "داعش"، قائلاً: "كان علينا أن نتأكد من أن العمليات الجوية التي تقوم بها دول التحالف ضد داعش في كل من سورية والعراق هي عمليات آمنة، لأن المجال الجوي ضيق جداً لتعمل به الكثير من الطائرات الحربية، لذلك طلبنا من الجيش التركي ألا يقوم بأي عمليات جوية ضد داعش، ونتوقع أن يستأنف الجيش التركي ضرباته خلال المستقبل القريب".
وكانت أنقرة قد شنت غارة واحدة على مواقع التنظيم داخل سورية، في 24 من الشهر الماضي، رداً على التفجير الانتحاري الذي استهدف بلدة سوروج الحدودية التركية.
وأشار باس، إلى أن الهدف القريب للتحالف، بعد انضمام تركيا له، هو إبعاد "داعش" عن الحدود التركية وإقامة المنطقة الآمنة، نافياً حصول أي تفاهمات حتى الآن حول إمكانية دخول القوات البرية التركية إلى الأراضي السورية في إطار الحملة.
واعتبر باس، أن الحديث عن إمكانية تقدم الدعم لقوات النظام السوري في الحرب على "داعش" أمراً لا يمكن القبول به، قائلاً: "الهدف الآن هو إبعاد داعش عن الحدود التركية، عبر تعزيز إمكانيات العناصر المقاتلة المحلية السورية، وبعد إبعاد داعش وإنشاء المنطقة الآمنة، سيكون هدفنا عودة السوريين لها سواء اللاجئين المتواجدين في تركيا أو أبنائها الأصليين".
اقرأ أيضاً "النصرة" و"المنطقة الآمنة": إخلاء ريف حلب لتفادي الضربة القاضية
وأكد باس، أن عمليات الطائرات بدون طيار بدأت بالفعل بالانطلاق من قاعدة إنجرليك، إذ من المتوقع أن تنضم إليها طائرات مقاتلة أخرى، كون المعركة كبيرة جداً وطويلة الأمد، وتحتاج إلى حشد الكثير من المعدات العسكرية، على حد قوله.
وشدد باس، على أن إقامة المنطقة العازلة سيتم بالتعاون والعمل المشترك بين واشنطن وأنقرة، إذ أن الأخيرة لم تفتح فقط قاعدة إنجرليك بل قواعد أخرى.
وعلم "العربي الجديد"، أن من بين هذه القواعد كل من قاعدة دياربكر ومالاطيا وباتمان القريبة من الحدود السورية.
وعن العلاقة بين واشنطن وقوات "الاتحاد الديمقراطي"، أكد باس أنه "لم يسمع من أي مسؤول أميركي وهو يتحدث عن الاتحاد الديمقراطي كحليف استراتيجي"، مشيراً إلى أن "العلاقة بين واشنطن والاتحاد الديمقراطي لاتعدو كونها علاقة تكتيكية، قامت بموجبها الإدارة بدعم الأخير في الحرب على داعش كأي من العناصر المحلية الأخرى، ولن تقبل واشنطن بأن يقوم أي من الأطراف السورية باستغلال دعمها لإجراء تغييرات ديموغرافية في المنطقة لأهدافه الخاصة".
وشدد السفير، "على وجوب عودة العرب والتركمان والأكراد الذين تم تهجيرهم إلى منازلهم، في إطار حل ديمقراطي شامل يضمن وحدة الأراضي السورية".
وفيما يخص الحديث الذي يتم تداوله حول أن أنقرة ليست جادة في قتال "داعش"، أو عن وجود صفقة مع واشنطن حول "العمال الكردستاني"، نفى باس ذلك جملة وتفصيلاً، وقال إن "هذا ليس وصفاً دقيقاً للتعهدات التركية في قتال داعش، وأعتقد بأن تقييم الأمور بهذه الطريقة أمر يدل على قصر نظر، يجب أن يتم النظر إلى التعاون الحالي بين البلدين في إطار كونه التزاماً طويل الأمد"، مضيفاً: "العمليات ضد داعش لاعلاقة لها بالقرار التركي بشن عمليات عسكرية للرد على هجمات الكردستاني".
وفي ردّه على دعوة زبير أيدار، القيادي في اتحاد المجتمعات الكردستانية (المظلة التي يعمل تحت لوائها جميع التشكيلات التابعة للكردستاني) لواشنطن كي تتوسط بين أنقرة و"الكردستاني"، رفض السفير الأميركي ذلك، معتبراً العلاقة بين الطرفين شأناً داخلياً تركياً، قائلاً: "بقدر ما تعتبر أنقرة حزب العمال منظمة إرهابية هو كذلك بالنسبة لنا".
وشدد باس، على "وجوب قيام الكردستاني بإلقاء السلاح، حيث أنه لا حل للقضية الكردية إلا عبر الوسائل السلمية والديمقراطية".
اقرأ أيضاً: تواصل الجهود لإعادة وقف إطلاق النار بين "الكردستاني" وأنقرة