السعودية سترفض بقوة خفض إنتاج أوبك

05 يونيو 2015
وزير البترول والثروة المعدنية السعودي، علي النعيمي (فرانس برس)
+ الخط -
أكدت مصادر في وزارة البترول والثروة المعدنية السعودية أن الرياض سترفض بقوة أية مطالبات لخفض إنتاج منظمة الدول المصدرة للنفط، "أوبك"، خلال اجتماع المنظمة، الذي سيعقد اليوم في فيينا، مشددة على أن خسارة أكثر من 48 مليار دولار من الاحتياطي النقدي الموجود في مؤسسة النقد هي: "خسارة يمكن تحملها مقارنة بخسارة حصة كبيرة من السوق وفقدان الزبائن".
وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن الاتجاه السعودي هو ذاته الذي ستعتمده الدول الخليجية المصدرة للبترول وهي كل من الكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر.
وتنتج الدول الخليجية الأعضاء في "أوبك" معاً نحو 17 مليون برميل من الخام يومياً، وهو ما يعادل حوالي 55% من إجمالي إنتاج "أوبك"، وتنتج السعودية وحدها 10.3 ملايين برميل في اليوم.
ولا يمثل تراجع أسعار النفط العالمية إلى ما دون خمسين دولارا للبرميل تحدياً كبيراً للدول المنتجة للنفط خارج "أوبك" فحسب، بل يعتبر أيضاً تحدياً كبيراً للدول المصدرة للنفط داخل المنظمة البترولية التي تنتج نحو 40% من إجمالي النفط العالمي.
وتخشى السعودية وحلفاؤها في "أوبك" أن يؤدي خفض الإنتاج إلى فقدان حصتها من السوق لصالح المنتجين من خارج "أوبك"، وخاصة روسيا التي تنتج 11.7 مليون برميل يومياً. كما تتخوف المملكة من استغلال دول داخل "أوبك" لخفض الإنتاج مثل إيران بعدم الالتزام بقرار الخفض.
ويؤكد مصدر في شركة أرامكو المنتجة للنفط في السعودية، لـ"العربي الجديد"، على أن الحرب التي شنتها السعودية على اليمن تجعلها ترفض أي حوار يهدف لخفض الإنتاج.
ويقول المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن السعودية بحاجة ماسة للدخل الذي يأتيها من إنتاج 10.3 ملايين برميل يومياً حتى ولو كان بسعر قليل، ويضيف: "العمليات العسكرية السعودية تجعل المملكة بحاجة للنقد الأجنبي، وهي لا تريد المراهنة على فقدان دخلها الحالي حتى ولو كان منخفضاً".
ويتابع "لا يوجد ضمان على أن الأسعار ستتحسن لو تم خفض الإنتاج، لا يمكن لجم المنتجين من خارج (أوبك)، ستستغل دول مثل روسيا ونيجيريا وحتى إيران الخفض لزيادة الإنتاج، وهذا يعني خسارة الإنتاج وخسارة الزبائن".
وكشف التقرير الصادر يوم الإثنين عن مؤسسة "جدوى" السعودية للأبحاث، عن أن احتياطي السعودية من العملات الأجنبية انخفض 49 مليار دولار في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2015، وذلك على خلفية تراجع أسعار النفط العالمية وزيادة الإنفاق الحكومي.
وبحسب التقرير، الذي نقلته وكالة "فرانس برس"، فإن الاحتياطي الأجنبي الذي تراكم خلال العقد الماضي نتيجة ارتفاع أسعار النفط الخام، انخفض من 732 مليار دولار نهاية عام 2014 إلى 683 مليار دولار بنهاية أبريل/نيسان الماضي.
وأضاف التقرير أنه في مارس/آذار وأبريل/نيسان الماضيين وحدهما، بلغ حجم التراجع في الاحتياطي الأجنبي للمملكة 31 مليار دولار.
وكان وزير البترول السعودي، المهندس علي النعيمي، قد قال قبل نحو شهرين في كلمة، خلال مؤتمر سنوي نظمته جمعية الاقتصاد السعودية، إن السعودية التي تتصدر قوائم منتجي النفط في العالم، تعلمت الدرس جيداً من خطأ ارتكبته في عام 1980 عندما قررت، مع بعض دول "أوبك"، خفض الإنتاج لأكثر من مرة، حفاظاً على سعر النفط عند مستوى معين كان المنتجون يعتقدون الوصول إليه. وأضاف أن هذه الخطوة أفقدت السعودية العملاء والسعر، حيث تراجع الإنتاج من 10 ملايين برميل يومياً في عام 1980 إلى أقل من 3 ملايين برميل يومياً في عام 1985، وانخفضت الأسعار من 40 دولاراً للبرميل إلى أقل من 10 دولارات.

قطر تؤيد عدم الخفض

فيما يبدو أنه موقف خليجي مشترك، ترفض قطر والكويت والإمارات خفض الإنتاج. ولا يعتقد وزير الطاقة والصناعة القطري، محمد بن صالح السادة، أن هناك حاجه لخفض الإنتاج وهو يري أن سوق النفط ستصبح أكثر توازناً خلال النصف الثاني من العام الحالي، في ظل مؤشرات على تعافي الاقتصاد العالمي، وتحسن الطلب على النفط.
ومن جانبه، يؤكد نائب رئيس الوزراء وزير الطاقة والصناعة القطري السابق، عبدالله بن حمد العطية، على أن "أوبك" ليس فقط لا تريد، بل لا تستطيع خفض إنتاجها لمواجهة تراجع الأسعار، الذي سبّبَتْهُ زيادة المعروض في السوق العالمية، بمقدار مليوني برميل يومياً.

اقرأ أيضا: أوبك.. قمة الأغنياء والفقراء

وقال العطية، في تصريحات سابقة، إنه إذا ما خفضت أوبك إنتاجها بمقدار مليوني برميل يومياً، ستفقد المزيد من حصتها السوقية، بينما سيلجأ المنتجون من خارج "أوبك" إلى زيادة إنتاجهم، ويتمتعون هم بالأسعار المرتفعة.
ويشدد على أن منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، لن تقوم ولا يجب عليها أن تقوم بأية خطوة لمواجهة انخفاض أسعار النفط، لأنها لم تعد تلعب دور (المنتج المرجح) في سوق النفط العالمية مثلما كان الوضع في الثمانينيات، إلا إذا توحدت الدول الرئيسية المنتجة للنفط من خارج المنظمة معها، مضيفاً أنه حينها فقط يمكن الاتفاق على قرار موحد.
ولا يختلف موقف الكويت عن السعودية، فهي أيضا مستعدة لتحمل خسارة تراها مؤقتة من أجل أن تحافظ على حصتها من السوق. وأعلن وزير النفط الكويتي، علي العمير، موقف بلاده صراحة عندما أكد على أن كل البلدان الخليجية الأعضاء في "أوبك" تؤيد إبقاء سقف الإنتاج الحالي للمنظمة.
وقال العمير لوكالة الأنباء الكويتية الرسمية، كونا:"إن المشهد العالمي يتطلب منهم عدم اتخاذ أي قرار من شأنه التأثير سلباً على السوق والخيارات المتاحة أمام (أوبك) هي، إما الإبقاء على سقف الإنتاج أو زيادة الإنتاج".
وتنتج الكويت حاليا 2.9 مليوني برميل في اليوم، وهي تسعى لزيادة إنتاجها لتعويض خسارة 250 ألف برميل في اليوم بسبب خلاف مع السعودية حول استغلال حقول مشتركة بين البلدين، كما فقدت الكويت نحو 20 مليار دولار نتيجة انخفاض الأسعار بمعدل خسارة نحو 50 مليون ريال يومياً.
ونسبت رويترز أمس إلى وزير النفط الكويتي، علي صالح العمير، قوله أمام ندوة لأوبك في فيينا، يوم الخميس، إنه إذا ظلت أسعار النفط دون 77 دولاراً للبرميل فستشهد الكويت "عجزاً بسيطاً" في الموازنة. ورداً على سؤال عما إذا كانت الكويت راضية عن استراتيجية أوبك بالدفاع عن حصتها السوقية، قال الوزير "ميزانيتنا تمضي بالكاد. ليس هذا بالوضع الأمثل الذي نفضله ولذا يتوقف الأمر على النصف الثاني...".

رفض إماراتي للخفض

من جانبه، يعتبر وزير النفط الإماراتي، سهيل محمد المزروعي، أن الإبقاء على مستوى إنتاج النفط دون تغيير، سيكون خياراً جيداً معرباً عن تفاؤله بمستقبل أفضل وبتحسن أسعار النفط. وقال "نحن متفائلون وهناك ارتداد، بمعنى حركة تصحيحية في السوق، تنبئ بأن المستقبل سيكون أفضل".

وأضاف: "سعر النفط يكون عادة في الربع الثاني من العام أقل، ولكننا، والحمد لله، نرى أن الربع الثاني أفضل من الربع الأول، وهذا شيء إيجابي، يدل على أن الحركة الاقتصادية العالمية في تطور، وهناك زيادة، وهذه كلها أشياء إيجابية".
وفقدت الإمارات ما يقارب 22 مليار دولار من تراجع الأسعار حتى الآن وهي تنتج 3.2 ملايين برميل يومياً من النفط، ولديها خطط لزيادة إنتاجها إلى 3.9 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2017. ويبدو أن دول الخليج ستدافع بشدة عن موقفها الرافض لخفض سقف الإنتاج في اجتماع اليوم.
ويعتقد وزراء دول الخليج أن سوق النفط تمنح إشارات إيجابية حتى الآن. وقال مندوب خليجي في فيينا: "إن آفاق سوق النفط إيجابية وبصفة خاصة في النصف الثاني من العام"، كما قال وزير النفط القطري، محمد السادة، إن السوق من المنتظر أن تكون "أكثر توازناً". وقال وزير النفط السعودي علي النعيمي، الإثنين الماضي: "يمكنكم ملاحظة أنني لست قلقاً لكني سعيد".
ولكن ربما تكون هنالك صعوبات من الجانب الإيراني، حيث يقول محللون إنه لا تزال هناك بعض اللحظات المتقلبة، فإيران تسعى لضمان حيز لها مع عودتها التدريجية إلى سوق النفط، بعد غياب لسنوات حيث قلصت العقوبات صادراتها بنحو النصف إلى حوالي مليون برميل يومياً.
ورغم التصريحات الإيرانية بأنها قادرة على رفع الإنتاج فوراً إذا رفع الحظر في نهاية الشهر الجاري، أو بداية يوليو/ تموز، فإن خبراء يعتقدون أن زيادة الإنتاج الإيراني سيستغرق أشهراً إن لم يكن عاماً أو أكثر، قبل أن يبدأ الإنتاج الإيراني في التعافي، وهو سيجعل "أوبك" تترك البحث في هذه المسألة الآن.
وكتب محللون لدى بنك باركليز البريطاني: "نظراً للضبابية المتزايدة بشأن صفقة (إيران النووية)...نعتقد أن أوبك من المرجح أن تتخذ منحى الترقب في هذا الاجتماع".

اقرأ أيضا: خلاف جديد بين السعودية وإيران ساحته أوبك
المساهمون