على عكس المشهد السياسي المعلق تقريباً، بانتظار بدء أولى جلسات مؤتمر جنيف اليمني يوم الأحد المقبل، تتسارع التطورات الميدانية انطلاقاً من الحدود اليمنية السعودية. وبعد أنباء المواجهات داخل جيزان السعودية، تحدثت أنباء للمرة الأولى، منذ مساء أول من أمس، عن تصدي القوات اليمنية الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح والحوثيين لمحاولة تقدم من قبل القوات السعودية من جهة جيزان باتجاه مدينة حرض اليمنية التابعة إدارياً لمحافظة حجة الحدودية. تطور يكشف عن تحول محتمل بمسار الحرب في اليمن، من خلال انتقال الجانب السعودي من الدفاع إلى محاولة التقدم، لكن في المنطقة الحدودية السهلية الأقل خطراً.
وكان التمهيد للتصعيد في محافظة حجة على الحدود مع جيزان، قد بدأ الأسبوع الماضي، من خلال إعلان الجانب السعودي صده لهجوم مخطط وكبير من قبل قوات الحرس الجمهوري الموالية لصالح. في المقابل لم يتحدث الطرف الآخر، ممثلاً بالحوثيين وأنصار صالح، عن عملية نوعية في ذلك اليوم مختلفة عما يتم إعلانه بصورة يومية من شنّ هجمات ضد مواقع عسكرية حدودية.
وأعقب الإعلان عن الهجوم على جيزان استقدام تعزيزات كبيرة من الجانب السعودي. وتحدثت مصادر سعودية عن تكتيك جديد بالتعامل مع الوضع في الحدود. وفيما لم يتم الإعلان رسمياً عن طبيعة الخطة الجديدة المرتبطة بالتعامل في المناطق الحدودية، لم يستبعد مراقبون أن تتضمن الانتقال من الدفاع إلى الهجوم ومحاولة التقدم في العمق اليمني الساحلي، الذي يعدّ الأسهل، انطلاقا من محافظة حجة باعتبارها منطقة سهلية التقدم فيها أقل مخاطرة منه في المناطق الجبلية.
وتبلغ مساحة حجة ما يزيد على 10 آلاف كيلومتر، ويقرب عدد سكانها من مليوني مواطن، يتوزعون في الجزء الجبلي الأقرب إلى صعدة، والجزء الساحلي الأقرب الذي يقع ضمن سهل تهامة. وكانت مدينة حجة، مركز المحافظة، تعد الحديقة الخلفية لدولة الإمامة المتوكلية التي حكمت في اليمن قبل أن يتم الإطاحة بها في ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962.
وتكتسب مديريات محافظة حجة التهامية، أهمية استراتيجية، إذ تضم ميناء وعشرات الجزر، وأهم المديريات في هذا الجزء "ميدي"، "عبس"، حرض"، "حيران". وتضم المحافظة، نحو 67 جزيرة، متفاوتة الأهمية، وتتبع مديرية "ميدي"، حيث الميناء البحري الذي يحمل نفس الاسم.
كما تقع حجة غرب صعدة معقل الحوثيين، ويمكن لأي تقدم للقوات السعودية أن يضيق الخناق على صعدة من الغرب. وعملياً فإن أغلب معسكرات الجيش الموالية لصالح في تلك المناطق تم قصفها بعشرات الغارات الجوية، ما يضعف قدرتها على المواجهة.
اقرأ أيضاً: اليمن ــ السعودية: الحرب تجتاز الحدود
في المقابل، فإن أي تقدم للقوات السعودية لن يكون سهلاً، ويتوقع أن يتعرض الجنود لكمائن وحرب استنزاف طويلة الأمد. الأمر الذي يقلل من احتمال محاولات التوسع، إلا في مناطق حدودية محدودة، أو هجمات كر وفر.
أما في محافظة صعدة، معقل الحوثيين، فشنّ التحالف سلسلة غارات استهدفت مواقع في مديرية شدا، وأخرى في منطقة مران معقل الحوثيين. كما استهدف شاحنات نقل وقود، في منطقة المهاذر.
في موازاة المواجهات الحدودية، أوضحت مصادر محلية في محافظة تعز، أن عدداً من مسلحي الحوثي قتلوا في كمين من قبل مسلحي "المقاومة الشعبية"، في أحد الأحياء. جنوباً، شنّت مقاتلات التحالف غارات هي الأكثر عدداً منذ انطلاق عملياتها، مستهدفة مواقع ومعسكرات وأرتالا عسكرية وعربات وآليات لمليشيات الحوثيين والمخلوع في مختلف الجبهات في لحج وأبين وشبوة. وحسب مصادر في "المقاومة الشعبية" في عدن لـ "العربي الجديد" فإن "غارات التحالف لم يسبق لها مثيل". كما نفذت طائرات التحالف في الضالع، أكثر من عشر غارات، ولا يزال الغموض يلف غارة استهدفت مدرسة تتبع لـ "المقاومة الشعبية".
سياسياً، يجتمع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، غداً الخميس، في الرياض لبحث الأوضاع في اليمن فضلاً عن تطورات المنطقة، في وقت أعلن فيه أحمد فوزي المتحدث باسم الأمم المتحدة، أن الأمين العام بان كي مون، سيشارك في اجتماعات جنيف التي ستكون "على مستوى منخفض وستنتهي في الـ17 من الشهر نفسه". في غضون ذلك، جدد حزب المؤتمر الشعبي العام، بقيادة صالح ترحيبه بالمحادثات، لكنه لفت إلى أنه "لم يتلقّ دعوة رسمية" بعد للمشاركة في المؤتمر، وبالتالي لم يقرر بعد من سيمثله فيها.
اقرأ أيضاً: قتلى وجرحى بالمعارك والغارات الجوية في تعز والضالع والصعدة