الهجرة الى الخارج حلم أصبح يراود فئة عريضة من الشباب العربي، إما هرباً من الظروف الاقتصادية الصعبة، أو الملاحقات السياسية، وفي سبيل تحقيق ذلك يطرق الحالمون بالهجرة جميع الأبواب ويقومون بمحاولات عدة لاستيفاء شروط الحصول على تأشيرة، في حين يختار بعضهم المغامرة في (قوارب الموت) للوصول الى بلد يجد فيها لقمة عيش هانئة، أو حتى تقديراً لإنسانيته وطموحاته.
ومن بين الأساليب التي يلجأ إليها المهاجرون "الزواج على ورق" من شخص يحمل الجنسية الأجنبية، ينتهي بعد أن يحصل الطرف الأول على وثائق الإقامة، في حين يحصل الطرف الثاني على مبلغ مالي تم الاتفاق عليه مسبقاً.
وفي الغالب تحدث الزيجات الصورية عند زواج أشخاص ممن لا يحملون جنسية بلدان الاتحاد الأوروبي، من شخص من المنطقة الاقتصادية الأوروبية (EEA)، بما في ذلك المملكة المتحدة، ويكون بمثابة وسيلة للتحايل على قوانين الهجرة، ومحاولة الحصول على الإقامة طويلة الأجل ويكتسب الحق في العمل والاستفادة من الإعانات والخدمات الاجتماعية والحصول على جميع المزايا والفوائد المترتبة من حصوله على الجنسية، وتعد بريطانيا البلد الأكثر تأثرا بهذا النوع من التسلل الشرعي، حيث أن 10 آلاف زيجة لمهاجرين غير شرعيين تحدث كل عام في بريطانيا.
وعلى الرغم من أن العديد من البلدان تسمح للمهاجرين بالحصول على الجنسية عن طريق الزواج، لكن الذهاب، في الواقع، للزواج فقط من أجل الحصول على الجنسية يعد أمرًا غير قانوني، وتعتبر هذه الوسيلة نوعا من التجارة التي تلقى رواجاً كبيراً، وتزداد أرقامها خاصة مع استفحال البطالة والفقر رغم ما يثيره هذا الزواج من جدل بين رافض له ومتعاطف مع المقبلين عليه، ورغم أنه يتحول في بعض الأحيان إلى كابوس أو وسيلة للابتزاز، فإنه انتشر في أوساط الشباب الذين لا يرون أملا في تحقيق طموحاتهم الشخصية إلا من خلاله، ويحلمون بحياة الاستقلالية والرفاهية في أي بلد أوروبي حتى لو اقتضى الأمر الارتباط بأجانب بغضّ النظر عن انتماءاتهم الدينية.
ومن بين مجموعة من الشباب المصري المهاجر هنا وهناك بحثا عن العمل، أو التقدير المعنوي، أو حتى هرباً من الملاحقات السياسية من جهات الأمن، خاصة بعد فشل ثورة يناير في تحقيق أهدافها المرجوة، نرى البعض يعلق على هذا الأمر بصور وأشكال عدة منها.
أما الشباب فلهم رأي آخر، فقد وجد محسن الدويني، وهو مصري مقيم بالسويد، أن الحل الوحيد والبديل عن (البهدلة) في أي بلد آخر هو الزواج من أجل الحصول على الإقامة أو الجنسية وخصوصا لو لم يكن مرتبطا في بلده الأم، وهو ما يوفر العديد من المتاعب التي قد تنتهي بالترحيل، ولا ضير من الاستمرار في الزواج، والأمثلة على ذلك عديدة.
أما سارة، فترى أن الشباب أصبح ملزماً ببنات بلده، وعليه أن يحميهن من أخطار العنوسة وتأخر سن الزواج، فعدد النساء في العالم العربي يفوق عدد الرجال بكثير، ولا تمانع سارة في الزواج من أجنبي إن لم يكن هذا الزواج قائماً على المصلحة.
ومن المغرب ترى رقية أن هذا الزواج يجد إقبالاً كبيراً من طرف الفتيات الراغبات في الهجرة بطريقة غير قوارب الهجرة السرية، التي تحفها المخاطر، فيما يواجَه هذا الزواج بمعارضة شديدة من قبل الأهل والوسط الحقوقي بسبب أنه يربط بين مغربيات وأوروبيين بغضّ النظر عن عقيدتهم ووسطهم الاجتماعي ومعتقداتهم، ويزيد من حدة مشاكل الزواج المختلط ويرفع عدد المغاربة من أصل أجنبي بحكم أن قانون الجنسية الجديد أعطى الحق للمغربية المتزوجة من أجنبي بأن تمنح أطفالها الأجانب الجنسية المغربية، ولكنها في الوقت نفسه ترى فيه حلا وسطاً بين الحدّ من تفشي الانحراف وطريقة للخروج إلى عالم أوسع وأكثر تقدماً.
(مصر)