بندوة حول "سرديات التشويق"، افتتح "مختبر السرديات" في الدار البيضاء، نهاية الأسبوع الماضي، سلسلة نشاطاته الثقافية، بحضور عدد من الكتّاب والنقّاد، الذين ناقشوا قضايا الرواية البوليسية العربية.
المشاركون في الندوة، التي نظّمتها "كليّة الآداب والعلوم الإنسانية"، اتّفقوا على أن قدرة التخييل في الرواية البوليسية وتوظيفها اللامحدود لكل العناصر الممكنة، أسهمت في جعلها نوعاً روائياً يوظّف كل المعارف والقضايا، ضمن رؤية فنية مؤطّرة بالتحرّي وفك اللغز.
في حديثه عن "الرواية البوليسية وسؤال التجنيس"، شدّد الناقد صدوق نور الدين على أن "تشكيل تصوّر عن بلاغة التشويق، يقتضي توافر كمّ نصّي يؤهّل المتلقّي للقراءة أولاً، ثم التأويل ثانياً، والمقارنة ثالثاً، ويضيف: "بانتفاء التحقّق المتمثّل في التراكم، عربياً ومغربياً، يصعب إرساء قواعد للتقييم النصي المنجز".
يربط نور الدين هذا النوع الروائي بما يسمّيه "التمدّن" و"التحضّر"؛ حين يقول إن "الجريمة، بتعدّد مظاهرها وأشكالها، وُلدت في ظلّهما، وهو ما دفع إلى إيجاد إبداع يوازي هذه التحوّلات".
وأشار الناقد إلى نموذج لم يتداوله التلقّي النقدي العربي ويتعلّق بتوظيف تقنيات الكتابة البوليسية لدى الروائي الفلسطيني غسان كنفاني، من خلال روايتيه "الشيء الآخر" و"من قتل ليلى الحايك؟".
نور الدين أشار أيضاً إلى تجربة المفكّر عبد الله العروي، الذي قال إنه وظف شكل الكتابة البوليسية في روايته "غيلة"، كما وظف الشكل البوليسي والخيال العلمي في الرواية الأخيرة من مشروعه "الآفة".
يخلص الناقد إلى أن العديد من التجارب الناجحة في الكتابة الروائية البوليسية استأثرت باهتمام المخرجين الذين أقدموا على تحويلها إلى حقل الصورة، بما له من بلاغة وقّوة في التأثير.
خلال اللقاء، ناقش باحثون ثلاثة نصوص روائية بوليسية من المغرب؛ هي: "السكّين الحرون" لـ الميلودي حمدوشي و"يوميات شرطي ودراجة" لـ محمد الأزهر و"الموتى يخطّطون" لـ إبراهيم مدران.
وبينما توقّف رضوان متوكل عند عناصر العمل البوليسي في "السكّين الحرون"، على غرار الجريمة والقتيل والمجرم والمحقّق، تطرّق عبد الله دمياني إلى عناصر السخرية في "يوميات شرطي ودراجة"، في حين تناولت مريم الطهروني علاقة مضامين "الموتى يخطّطون" بالشكل الروائي البوليسي.