الدين العام في الأردن: لا خطة للنهوض

20 ديسمبر 2015
ارتفاع حجم الدين العام الأردني (ربيع مغربي/ فرانس برس)
+ الخط -
تثير أزمة المديونية في الأردن قلقاً عميقاً، بعدما بلغ الدين العام مطلع العام الحالي ما يقارب 248.27 مليون دينار.
ويلجأ الأردن، الذي يحتل بحسب صندوق النقد الدولي المرتبة الرابعة عربياً، والمرتبة 136عالمياً بقياس حجم دينه العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، إلى الاقتراض من أجل سد الفجوة.
ساعد تراجع الإيرادات المحلية خلال السنوات الماضية بحسب الخبير الاقتصادي سمير التل، إلى انخفاض معدلات النمو والتهرب الضريبي والإعفاءات الضريبية، ناهيك عن وجود خلل في استخراج واستثمار موارد الطاقة، ولذا كانت القروض البديل للإنفاق على البنى التحتية. ويقول التل: "إن تركيز الحكومات المتعاقبة على الاقتراض، سواء الداخلي، عبر أذونات وسندات الخزينة، أو الخارجي من المؤسسات الدولية، يعتبر أحد أسوأ الخيارات البديلة، لأنه يمثل عائقا في وجه تطور الاقتصاد الكلي، ما أدى إلى تراجع معدلات النمو، وقلل من قدرة الدولة على تنفيذ أولوياتها التنموية". ويشير التل إلى أن الاعتماد على القطاع الخاص في عملية النمو بعد إجراءات الخصخصة لم يحقق النتائج المرجوة، لأن الخصخصة ركزت على المشاريع والنفقات الحكومية، وهذا ما أفقدها دورها التنموي.

الاستقرار الاقتصادي
ويُعزى ارتفاع مديونية المملكة إلى مستويات عالية، بحسب بيانات وزارة المالية، إلى الأعباء المالية التي تترتب من جراء وجود أكثر من مليون لاجئ سوري، واستمرار تمويل خسائر شركة الكهرباء الوطنية، حيث يمثل قطاع الطاقة التحدي الأكبر الذي يواجه الاقتصاد الأردني والمالية العامة، بعد توقف إمدادات الغاز المصري.
تبلغ حصة شركة الكهرباء الوطنية من هذه المديونية نحو 5 مليارات دينار تقريباً، وبلغت خسائرها ومديونيتها في عام 2014 حسب التقديرات الحكومية نحو 1350 مليون دينار. ومن المفترض أن يتخلص الأردن من عبء دعم الكهرباء في عام 2017 ، وذلك بعد تعديل الأسعار لتصبح بسعر التكلفة حسب التصريحات الرسمية. فيما تقدر أعباء استضافة اللاجئين السوريين بنحو 3.67 مليارات دينار أي بواقع 248 مليون دينار عن كل سنة من سنوات استضافتهم.
وفي وقت سابق، اعتمدت الحكومة على عائدات الخصخصة المتحصلة منذ المباشرة بإجراءاتها في المملكة قبل أكثر من خمسة عشر عاماً في إطار مشروع شامل لإصلاح الاقتصاد، وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي، في عملية سداد القروض. أما اليوم فقد عادت القروض لتضغط من جديد، متزامنة مع توجه حكومي للاقتصار بها على مصادر خارجية وتخفيضها من المصارف المحلية، بهدف عدم التأثير على السيولة، وتركها لغايات دعم القطاع الخاص والأفراد.
ذهبت المديونية في السنوات الخمس التي تلت عام 2000 بحسب الخبير الاقتصادي أحمد الحياري نحو مشاريع تنموية ومشاريع البنى التحتية المختلفة، التي نقلت الأردن إلى دولة مدنية متطورة، في حين ذهبت معظم الديون والقروض التي تم الحصول عليها في الأعوام الأخيرة للإنفاق الحكومي، لاسيما بند الرواتب الذي ارتفعت كلفته إلى 4.5 مليارات دينار بسبب التضخم الذي شهده جهاز الدولة. ويضيف الحياري :" ومع ذلك لم تحل معظم الإجراءات الإسعافية دون ظهور صعوبات اقتصادية، تفاقم من خلالها العجز المالي في الموازنة العامة، ولذا لقد أصبحنا مجبرين على توظيف مجمل نتائج العمليات الاقتصادية لخدمة الديون، دون القيام بأي مشاريع جديدة أو تطوير القائم منها، أو معالجة مظاهر الفقر والبطالة وتحسين مستويات المعيشة، لأن تسديدها شكل تحدياً كبيراً للموازنة، وضغطاً كبيراً على الاحتياطيات الرسمية للدولة. وفي المحصلة أثّرت هذه الديون على فاعلية الاقتصاد الوطني، وأجهضت خطط التنمية، وأحدثت خللاً كانت له تداعياته على الحياة العامة في الأردن، بحسب الحياري.
ويربط الخبير الاقتصادي فيصل حوامدة احتمال توفر السيولة المالية لسداد الديون، بتوفر العائدات من مشاريع الطاقة واستخراج النفط من الصخر الزيتي. ويرى أن الآمال معقودة خلال السنوات القادمة على هذه المشروعات، والتي يبلغ عددها نحو 24 مشروعاً، لتخليص الاقتصاد من أزمته، مع جهود أخرى من المفترض أن تبذلها الدولة، لإجراء إصلاحات في هيكلية الاقتصاد، وتخفيض الإنفاق الحكومي، مع تشجيع الصادرات، وتوفير بيئة مشجعة للاستثمار، وخلق فرص عمل نوعية، ما يعني استخدامها السياسات الاقتصادية بالشكل الذي يخدم الاقتصاد الوطني.

اقرأ أيضاً:الهموم المعيشية تقلق المواطن الأردني




المساهمون