ارتفع سعر صرف الدولار بدولة جنوب السودان إلى أرقام قياسية، حيث وصل لأول مرة في تاريخ الدولة الوليدة إلى 50 جنيها في السوق السوداء، في حين يبلغ سعره الرسمي 35 جنيها.
ويأتي ارتفاع عملة جنوب السودان في ظل تدهور إنتاج النفط، بالإضافة إلى تطبيق الحكومة سياسة تعويم العملة في السوق، وتأخر المانحين في ضخ أموال المساعدات بسبب اتهامهم طرفي النزاع في الدولة بعدم الجدية في إنفاذ اتفاقية السلام الثنائية.
وكان المانحون قد اشترطوا على طرفي النزاع، وهما الحكومة الحالية بقيادة الرئيس سلفاكير مَيارديت، ومعارضيه برئاسة رياك مشار، التوصل إلى اتفاق لإنهاء النزاع بينهما كشرط أساسي من شروط تقديم المساعدات.
وعزا تجار في عاصمة جنوب السودان (جوبا) ارتفاع سعر الدولار إلى ندرته في المصارف وشركات الصرافة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بلغ خلاله "جوال" الذرة 3000 جنيه جنوبي.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي بجنوب السودان، استيفن لوال، لـ"العربي الجديد"، إن اقتصاد البلاد "شبه منهار" حيث رهن البنك الدولي إنعاش الاقتصاد بتوصل مجموعتي رياك مشار وسلفاكير إلى اتفاق بينهما لإنهاء النزاع، ولكن ذلك لم يحدث، وحمّل الطرفين مسؤولية تدهور الاقتصاد في دولة جنوب السودان.
وشهدت مدينة جوبا العاصمة إضرابات كانت آخرها احتجاجات القضاة لعدم صرف المرتبات لثلاثة أشهر، بدءا باحتجاجات الأطباء ومرورا بالمعلمين ثم أساتذة الجامعات، ولم يتم صرف الرواتب أيضا لجميع موظفي الخدمة المدنية بما في ذلك الحكوميين والدستوريين.
وأعلنت حكومة جوبا عجزها عن سداد مرتبات العاملين بالخدمة العامة الذين أعلنوا إضرابهم احتجاجا على عدم صرفهم رواتبهم طوال الثلاثة أشهر الماضية، ولكن رئاسة الدولة تعللت بتلكؤ المجتمع الدولي في التزاماته.
بل وصل الأمر إلى تأكيد وزير الإعلام بجنوب السودان، مايكل ماكوي، لوسائل إعلام محلية، أخيراً، عدم استلام راتبه لمدة ثلاثة أشهر.
اقــرأ أيضاً
وأعلنت حكومة سلفاكير على لسان السكرتير الصحافي اتيني ويك اتيني، عجز الحكومة عن صرف مرتبات موظفيها في الخدمة المدنية، الأمر الذي نظر له المحللون على أنه حيلة استباقية للحكومة لتحجيم موجة الإضرابات وإرسال رسالة واضحة للموظفين بأنه لا انفراج وشيك في الوضع الاقتصادي، ومن ثم تحجيم طلباتهم بدفع متأخرات الثلاثة أشهر.
وترى خبيرة بشؤون جنوب السودان، انصاف العوض، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن الحرب هي التي أدت إلى تدهور اقتصاد حكومة جوبا التي امتصت العملة من المصرف المركزي واتجهت إلى تسليح نفسها والصرف على القوات من الدول المجاورة، ما دعا جوبا إلى الاقتراض من شركات النفط خاصة شركة " بترودار" لتمويل الحرب الدائرة، خاصة وأن البنك المركزي يحصل على الدولار من بترودار.
وأكدت العوض أن الإنفاق على قطاع الأمن سيظل الهاجس الذي يواجه الميزانية العامة كونه يستهلك أكثر من 53% من الميزانية التي كانت 3 مليارات دولار عام 2011، وحالياً لا توجد إحصاءات دقيقة لميزانية الجنوب بسبب غياب المساءلة والشفافية لوجود 3 حكومات وفصائل مشاركة في إدارة الدولة.
وتقول الخبيرة بشؤون الجنوب إن المواطن يحصل على الكثير من احتياجاته الأساسية من السودان، بدءا بملح الطعام وانتهاءً بحديد التسليح، ولكنها ترى أيضا أن الأمر مهدد وعرضة لجملة من المخاطر، أهمها الوسطاء والمهربين والهجوم من قبل المليشيات المتمردة على كلا الحكومتين.
ويرجع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في جنوب السودان بسبب استيراد معظمها بالعملات الصعبة من دول أوغندا وكينيا والسودان، حسب محللين.
وحسب محللين، فإن ندرة الدولار أجبرت البنك المركزي بجنوب السودان على تعويم العملة في نهاية العام الماضي، وهي القشة التي قصمت ظهر الاقتصاد، كما أن المستثمرين في مجال النفط ضغطوا على حكومة جوبا لتعويم العملة، فأصبح الدولار يباع ويُشترى دون ضوابط وسياسات نقدية واضحة.
وبدأ سعر الدولار بالارتفاع تدريجيا خلال الأشهر الأخيرة، عقب سياسة تعويم الجنيه بالبلاد من 2.9 جنيه رسمياً، في حين كان السعر المتداول في السوق السوداء 17.5 جنيها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ثم إلى 35 جنيها فـ 40 جنيها ثم تخطى حاجز الـ50 جنيها خلال الأيام الماضية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.
ويعتمد اقتصاد جنوب السودان على النفط، وبلغ أعلى إنتاج له في عام 2011 نحو 370 ألف برميل يوميا، وعقب اندلاع المعارك بين مجموعتي سلفاكير ورياك مشار في ديسمبر/ كانون الأول عام 2013 انخفض إنتاج النفط إلى أقل من الثلث، وأصبح ما بين 123 و170 ألف برميل في اليوم. وتسببت الحرب في إيقاف وتدمير بعض الحقول في ولاية الوحدة التي تنتج 189 ألف برميل في اليوم.
ويقول وزير البترول والمعادن بدولة جنوب السودان، استيفن داو، في تصريحات صحافية، أخيراً، إن حقول النفط في ولاية الوحدة تحتاج إلى ما يزيد عن العام من أجل تقييم الأضرار وإصلاحها لتنتج نصف ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب، مشيراً إلى أن عودة إنتاج جنوب السودان إلى ما كانت عليه عند الانفصال تحتاج إلى وقت طويل.
والأمر يعني أنه إذا لم تنجح جوبا في جذب استثمارات جديدة والعمل في حقول جديدة وتطوير الحقول القائمة بولاية أعالي النيل، فإن الاقتصاد بدولة الجنوب سيمر بفترة ركود طويله تقعده عن النمو مرة أخرى لسد عجز موازنة الدولة، حسب الوزير.
ويقول استيفن داو إن اقتصاد الجنوب يعتمد على البترول فقط برغم وجود موارد مائية وزراعية وحيوانية ومقومات بشرية هائلة.
وتحاول جنوب السودان الاستفادة من جيرانها لتخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها، ورغم أن جنوب السودان تعد من الدول الوليدة في القارة الأفريقية إلا أنها تعتبر الشريك التجاري الأول لدولة أوغندا، حيث إن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين أجبرت كمبالا على تشكيل حضور فاعل لحماية استثماراتها ومستثمريها في جنوب السودان، حيث تمتلك أوغندا استثمارات في صناعة البيرة والمياه والمياه الغازية والصناعات الصغيرة والأدوية وصناعة الذخيرة بجانب حركة الطيران الكثيفة بينهما.
وتأتي علاقة كينيا مع جنوب السودان بعد أوغندا من حيث حجم التبادل التجاري، وتحصل دولة الجنوب من كينيا على كافة السلع الاستهلاكية، مثل الطوب والخشب والحديد والبلاستيك.
وحسب محللين، فإن علاقة السودان بدولة الجنوب لا يمكن رصدها بشكل رسمي لجملة أسباب، من ضمنها إغلاق الحدود بين الطرفين وتوقف التجارة بينهما منذ عام 2012.
ويقول السفير الجنوبي في السودان، ميان دوت، ربما تكون هنالك مصالح فردية بين التجار أنفسهم، ولكن على مستوى الدول ليس هنالك منفعة، إلا أن ذلك لم يمنع المواطن الجنوبي من أن يحصل على الكثير من احتياجاته عبر السودان.
اقــرأ أيضاً
ويأتي ارتفاع عملة جنوب السودان في ظل تدهور إنتاج النفط، بالإضافة إلى تطبيق الحكومة سياسة تعويم العملة في السوق، وتأخر المانحين في ضخ أموال المساعدات بسبب اتهامهم طرفي النزاع في الدولة بعدم الجدية في إنفاذ اتفاقية السلام الثنائية.
وكان المانحون قد اشترطوا على طرفي النزاع، وهما الحكومة الحالية بقيادة الرئيس سلفاكير مَيارديت، ومعارضيه برئاسة رياك مشار، التوصل إلى اتفاق لإنهاء النزاع بينهما كشرط أساسي من شروط تقديم المساعدات.
وعزا تجار في عاصمة جنوب السودان (جوبا) ارتفاع سعر الدولار إلى ندرته في المصارف وشركات الصرافة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بلغ خلاله "جوال" الذرة 3000 جنيه جنوبي.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي بجنوب السودان، استيفن لوال، لـ"العربي الجديد"، إن اقتصاد البلاد "شبه منهار" حيث رهن البنك الدولي إنعاش الاقتصاد بتوصل مجموعتي رياك مشار وسلفاكير إلى اتفاق بينهما لإنهاء النزاع، ولكن ذلك لم يحدث، وحمّل الطرفين مسؤولية تدهور الاقتصاد في دولة جنوب السودان.
وشهدت مدينة جوبا العاصمة إضرابات كانت آخرها احتجاجات القضاة لعدم صرف المرتبات لثلاثة أشهر، بدءا باحتجاجات الأطباء ومرورا بالمعلمين ثم أساتذة الجامعات، ولم يتم صرف الرواتب أيضا لجميع موظفي الخدمة المدنية بما في ذلك الحكوميين والدستوريين.
وأعلنت حكومة جوبا عجزها عن سداد مرتبات العاملين بالخدمة العامة الذين أعلنوا إضرابهم احتجاجا على عدم صرفهم رواتبهم طوال الثلاثة أشهر الماضية، ولكن رئاسة الدولة تعللت بتلكؤ المجتمع الدولي في التزاماته.
بل وصل الأمر إلى تأكيد وزير الإعلام بجنوب السودان، مايكل ماكوي، لوسائل إعلام محلية، أخيراً، عدم استلام راتبه لمدة ثلاثة أشهر.
وأعلنت حكومة سلفاكير على لسان السكرتير الصحافي اتيني ويك اتيني، عجز الحكومة عن صرف مرتبات موظفيها في الخدمة المدنية، الأمر الذي نظر له المحللون على أنه حيلة استباقية للحكومة لتحجيم موجة الإضرابات وإرسال رسالة واضحة للموظفين بأنه لا انفراج وشيك في الوضع الاقتصادي، ومن ثم تحجيم طلباتهم بدفع متأخرات الثلاثة أشهر.
وترى خبيرة بشؤون جنوب السودان، انصاف العوض، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن الحرب هي التي أدت إلى تدهور اقتصاد حكومة جوبا التي امتصت العملة من المصرف المركزي واتجهت إلى تسليح نفسها والصرف على القوات من الدول المجاورة، ما دعا جوبا إلى الاقتراض من شركات النفط خاصة شركة " بترودار" لتمويل الحرب الدائرة، خاصة وأن البنك المركزي يحصل على الدولار من بترودار.
وأكدت العوض أن الإنفاق على قطاع الأمن سيظل الهاجس الذي يواجه الميزانية العامة كونه يستهلك أكثر من 53% من الميزانية التي كانت 3 مليارات دولار عام 2011، وحالياً لا توجد إحصاءات دقيقة لميزانية الجنوب بسبب غياب المساءلة والشفافية لوجود 3 حكومات وفصائل مشاركة في إدارة الدولة.
وتقول الخبيرة بشؤون الجنوب إن المواطن يحصل على الكثير من احتياجاته الأساسية من السودان، بدءا بملح الطعام وانتهاءً بحديد التسليح، ولكنها ترى أيضا أن الأمر مهدد وعرضة لجملة من المخاطر، أهمها الوسطاء والمهربين والهجوم من قبل المليشيات المتمردة على كلا الحكومتين.
ويرجع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في جنوب السودان بسبب استيراد معظمها بالعملات الصعبة من دول أوغندا وكينيا والسودان، حسب محللين.
وحسب محللين، فإن ندرة الدولار أجبرت البنك المركزي بجنوب السودان على تعويم العملة في نهاية العام الماضي، وهي القشة التي قصمت ظهر الاقتصاد، كما أن المستثمرين في مجال النفط ضغطوا على حكومة جوبا لتعويم العملة، فأصبح الدولار يباع ويُشترى دون ضوابط وسياسات نقدية واضحة.
وبدأ سعر الدولار بالارتفاع تدريجيا خلال الأشهر الأخيرة، عقب سياسة تعويم الجنيه بالبلاد من 2.9 جنيه رسمياً، في حين كان السعر المتداول في السوق السوداء 17.5 جنيها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ثم إلى 35 جنيها فـ 40 جنيها ثم تخطى حاجز الـ50 جنيها خلال الأيام الماضية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.
ويعتمد اقتصاد جنوب السودان على النفط، وبلغ أعلى إنتاج له في عام 2011 نحو 370 ألف برميل يوميا، وعقب اندلاع المعارك بين مجموعتي سلفاكير ورياك مشار في ديسمبر/ كانون الأول عام 2013 انخفض إنتاج النفط إلى أقل من الثلث، وأصبح ما بين 123 و170 ألف برميل في اليوم. وتسببت الحرب في إيقاف وتدمير بعض الحقول في ولاية الوحدة التي تنتج 189 ألف برميل في اليوم.
ويقول وزير البترول والمعادن بدولة جنوب السودان، استيفن داو، في تصريحات صحافية، أخيراً، إن حقول النفط في ولاية الوحدة تحتاج إلى ما يزيد عن العام من أجل تقييم الأضرار وإصلاحها لتنتج نصف ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب، مشيراً إلى أن عودة إنتاج جنوب السودان إلى ما كانت عليه عند الانفصال تحتاج إلى وقت طويل.
والأمر يعني أنه إذا لم تنجح جوبا في جذب استثمارات جديدة والعمل في حقول جديدة وتطوير الحقول القائمة بولاية أعالي النيل، فإن الاقتصاد بدولة الجنوب سيمر بفترة ركود طويله تقعده عن النمو مرة أخرى لسد عجز موازنة الدولة، حسب الوزير.
ويقول استيفن داو إن اقتصاد الجنوب يعتمد على البترول فقط برغم وجود موارد مائية وزراعية وحيوانية ومقومات بشرية هائلة.
وتحاول جنوب السودان الاستفادة من جيرانها لتخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها، ورغم أن جنوب السودان تعد من الدول الوليدة في القارة الأفريقية إلا أنها تعتبر الشريك التجاري الأول لدولة أوغندا، حيث إن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين أجبرت كمبالا على تشكيل حضور فاعل لحماية استثماراتها ومستثمريها في جنوب السودان، حيث تمتلك أوغندا استثمارات في صناعة البيرة والمياه والمياه الغازية والصناعات الصغيرة والأدوية وصناعة الذخيرة بجانب حركة الطيران الكثيفة بينهما.
وتأتي علاقة كينيا مع جنوب السودان بعد أوغندا من حيث حجم التبادل التجاري، وتحصل دولة الجنوب من كينيا على كافة السلع الاستهلاكية، مثل الطوب والخشب والحديد والبلاستيك.
وحسب محللين، فإن علاقة السودان بدولة الجنوب لا يمكن رصدها بشكل رسمي لجملة أسباب، من ضمنها إغلاق الحدود بين الطرفين وتوقف التجارة بينهما منذ عام 2012.
ويقول السفير الجنوبي في السودان، ميان دوت، ربما تكون هنالك مصالح فردية بين التجار أنفسهم، ولكن على مستوى الدول ليس هنالك منفعة، إلا أن ذلك لم يمنع المواطن الجنوبي من أن يحصل على الكثير من احتياجاته عبر السودان.