وتحضر وجوه غابت عن لقاءات الجمعية العامة منذ سنوات طويلة، كالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي سبق أن ألقى ثلاثة خطابات أمام الجمعية العامة في الأعوام 2000 و2003 و2005. كذلك دارت التكهنات مجدداً حول نية الرئيس السوداني عمر البشير، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، حضور الاجتماعات، بعد تأكيد البعثة السودانية للأمم المتحدة ذلك على الرغم من نفي الأمم المتحدة علمها بمشاركته. وبعد غياب دام عشرين عاماً سيُشارك بابا الفاتيكان في الاجتماعات أيضاً، على أن يُلقي البابا فرنسيس كلمته في 25 سبتمبر/أيلول، ويقوم بعدها بزيارة مدن أميركية عدة.
وستُدشن البرازيل ككل عام، بحسب العرف المتبع إثر افتتاح وزير خارجيتها أوزفالدو أرانيا الجلسة العامة الأولى في عام 1947، المداولات العامة في 28 سبتمبر/أيلول. وتليها الولايات المتحدة كدولة مضيفة، عبر رئيسها باراك أوباما. ومن المتوقع أن يتحدث أوباما عن الاتفاق النووي مع إيران ومحاربة الإرهاب وقضايا المناخ والأمن والسلام العالمي. كذلك سيتحدث في اليوم الأول رؤساء وممثلو 36 دولة، بما فيها فرنسا وروسيا والصين وإيران. أما عربياً، فمن المفترض أن يتحدث أمراء وملوك أربع دول عربية في اليوم الأول، وهي الأردن وقطر والمغرب والبحرين. ومن غير الواضح إذا ما كان أوباما سيجتمع مع الرئيس الإيراني حسن روحاني أو بوتين في لقاءات ثنائية.
ولعلّ من أبرز القضايا المطروحة للنقاش على صعيد هيكلة الأمم المتحدة، تلك المتعلقة بمسألة التمثيل العادل في مجلس الأمن وزيادة عدد الأعضاء وأمور أخرى. والمقصود هنا مسألة حق النقض (فيتو)، والذي تتمتع به الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وهي بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والصين.
وتعالت الأصوات، بما في ذلك أصوات لدول غربية منتقدة الوضع الذي آل إليه مجلس الأمن، مطالبة بالحد من إمكانية استخدام الـ"فيتو"، لأنها ترى أن مجلس الأمن أظهر عجزه عن حلّ الأزمات العالقة والمهمة بسبب استخدامه حقّ النقض، خصوصاً في القضيتين الفلسطينية والسورية. كذلك يتوقع أن يناقش طلب انضمام دول عدة للدول الخمس دائمة العضوية، بما فيها ألمانيا والهند واليابان.
اقرأ أيضاً: خطة دي ميستورا لدفع النظام والمعارضة لتوقيع "جنيف المعدَّل"
عربياً، تبرز القمة المقرر عقدها خلال الدورة، في 29 سبتمبر/أيلول، برئاسة أوباما وبحضور قادة التحالف الدولي ضد "داعش" في سورية والعراق. ومن المفترض أن تناقش القمة سبل الحدّ من تمدّد التنظيم، والذي بسط نفوذه في دول عدة بالمنطقة، من بينها ليبيا واليمن.
كذلك ستناقش القمة استراتيجيات التعاون والجهود المشتركة للدول الخمسين، والتي انضمت إلى جهود القضاء على التنظيم برعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة، والتي أُطلقت العام الماضي خلال اجتماعات الجمعية العامة للدورة الـ69. وسعت اجتماعات وقرارات الدورة الماضية للحد من تدفق المقاتلين الأجانب إلى الأراضي السورية والعراقية، بغية الالتحاق بـ"داعش"، بالإضافة إلى محاربتها والحدّ من انتشارها. وتأتي قمة هذا العام، في وقتٍ تفيد فيه تقارير عدة، أن عدد المقاتلين الأجانب الملتحقين بالتنظيم، لم يتراجع بل على العكس، الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات حول الاستراتيجيات المستخدمة.
وستُشكل اللقاءات كذلك، فرصة للوقوف على آخر التطورات في ما يتعلق بالمسار السوري وخطط المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، والأزمة الإنسانية داخل العراق وسورية، والوقوف أيضاً أمام أعباء اللجوء على دول الجوار كلبنان والأردن.
وستستمع اللجان المختصة كذلك لتقرير الأمم المتحدة حول "البقعة النفطية على الشواطئ اللبنانية"، والأثر السلبي لها وتنفيذ القرار الخاص في هذا الشأن. كذلك ستكون القضية الفلسطينية حاضرة وبقوة في اجتماعات عدة، مع رفع تقارير حول الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما في ذلك القدس المحتلة ووضعية الأماكن المقدسة على ضوء بلوغ الاعتداءات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى ذروتها في إطار التهويد والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، كما مسألة الاستيطان ومسألة أملاك الغائبين إضافة إلى جهود إعادة إعمار غزة، والوضع في الجولان السوري المحتل.
وعلى صعيد أهداف التنمية المستدامة، فإن تمويل خطط عدة، من بينها مكافحة الفقر وآثار تغير المناخ بحلول عام 2030، والتحضير على هذا الصعيد لقمة باريس حول المناخ المقرّر عقدها في ديسمبر/كانون الأول، من النقاط الرئيسية على جدول أعمال الجمعية.
وتأتي أهداف التنمية المستدامة لتحل مكان الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية، في عام 2000، والتي سعت من أجل التركيز على احتياجات الفقراء في الأرض قبل عام 2015. وفي هذا الصدد ستُعقد قمة مخصصة لاعتماد خطة التنمية لما بعد عام 2015، وذلك بين 25 و27 سبتمبر/أيلول. ومن المقرر كذلك مناقشة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحّر، في البلدان التي تعاني من الجفاف الشديد و/ أو من التصحّر، خصوصاً الدول الأفريقية. ويُقدّر خبراء في الأمم المتحدة ومنظمات أخرى، أن تصل تكاليف العمل على أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، إلى ما بين 3.3 و4.5 تريليون دولار سنوياً.
وتُعدّ الأمم المتحدة هذه الخطة تحت عنوان "الطريق إلى العيش بكرامة بحلول عام 2030: القضاء على الفقر وتغيير حياة الجميع وحماية كوكب الأرض". كذلك ستناقش الجمعية دور المرأة في التنمية المستدامة، وسيقدم الأمين العام بان كي مون، في هذا الصدد، تقريراً حول الدراسة الاستقصائية العالمية عن دور المرأة في التنمية.
ولن يقتصر نقاش دور المرأة على التنمية المستدامة بل سيتم تقديم تقرير ونقاشه حول تحسين دور المرأة في المناطق الريفية، وتكثيف الجهود للقضاء على جميع أنواع العنف ضد المرأة، بالإضافة إلى تقارير حول حالة اتفاقيات القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وتأتي هذه الدورة في مرحلة حرجة للأمم المتحدة، تزداد فيها الشكوك بقدرتها على القيام بدورها المفترض بشكل فعّال، في عالم يصطخب بالحروب والنزاعات والأزمات. كذلك تتصاعد الانتقادات الموجهة إليها كمؤسسة فقدت الكثير من مصداقيتها، خصوصاً بعد عدد من الفضائح التي اتهم فيها عناصر من قوات حفظ السلام في أفريقيا بأعمال اغتصاب وتحرّش.
اقرأ أيضاً: إيران النووية.. ما الذي تغيّر؟