يقترب الدخول الأدبي في فرنسا (خريف 2016)، كعادته، وفي جعبته المئات من الروايات الفرنسية، بعضها يدخل بها أصحابها عالَم الكتابة الروائية، لأول مرة.
يَشهَد الدخول الأدبي أيضاً صدور كثير من الروايات المترجمة إلى اللغة الفرنسية. وهو ما يفتح شهية القارئ الفرنسي، الوفيّ لهذا الموعد الأدبي، كما يفتح شهية دور النشر الفرنسية التي تفعل كل شيء من أجل عرض جيّد لإصداراتها، وفي مرحلة ثانية تأمل في فوز روائييها بالجوائز الأدبية، التي سيبدأ التباري عليها ابتداء من 17 آب/ أغسطس، دون أن تهمل تكتيكات الدخول الأدبي الثاني في شهر آذار/ مارس (الشتاء)، الذي يترافق مع معرض الكتاب الباريسي السنوي، في شهر آذار/ مارس.
وسيشهد هذا الدخول الذي يبدأ مع منتصف شهر آب/ أغسطس صدور نحو 560 رواية ومجموعة قصصية، فرنسية وأجنبية، وهو ما كشفت عنه الصحيفة الفرنسية المتخصصة في الكتاب "ليفر إيبدو". هذا الرقم الذي يبدو كبيراً يشكّل انخفاضاً في الإصدارات، مقارنة بسنتي 2014، التي بلغت غلّتها الأدبية 607 روايات و2015 التي شهدت صدور 589 رواية فرنسية وأجنبية، خصوصاً في ما يتعلق بالروايات الفرنسية، حيث ستصدُرُ في هذا الدخول 363 رواية، مقارنة مع 393 رواية فرنسية في السنة الماضية.
بهذه المناسبة، سيكتشف الجمهور الفرنسي 66 روائياً جديداً، يكتبون أو ينشرون روايات لأول مرة. وككل سنة يحافظ بعض الروائيين البارزين على الموعد الذي يضربونه مع قرّائهم في هذا الدخول، ومنهم الجزائري ياسمينة خضرا (محمد بولمسهول)، الذي يصدر رواية بعنوان "الربّ لا يسكن هافانا"، حيث يتناول حنين شباب كوبي ضائع، وسط متغيرات لا ترحم، وإيريك إيمانويل شميدت وفيليب فوريست وريجيس جوفري وكارين تويل وفرانسوا بيغودو وياسمينا رضى وأيضاً البلجيكية إميلي نوثومب، التي لم تغب عن المشهد منذ سنة 1992، والتي تؤلف روايتين أو أكثر في السنة.
ومثلما يوجد لهؤلاء الكتاب الفرنسيين أو الفرنكوفونيين قرّاء أوفياء، فكذلك سيكون جمهور الترجمات الفرنسية للروايات الأجنبية على موعد مع الراحل جيم هاريسون ومع سلمان رشدي ودافيد فان، وغيرهم.
وتجدر الإشارة إلى أن الجمهور يجد في هذه الإصدارات كل أذواقه وهواجسه، إذ تقدم هذه الروايات خيارات كثيرة ما بين الرواية الكلاسيكية والتجريبية والأوتوبيوغرافية وكتابة التخييل الذاتي، مع ظهور جنس أدبي جديد في السنوات القليلة الأخيرة يخلق التخييل انطلاقاً من عناصر واقعية (exofiction)، وغيرها، كما لا تغيب السياسة في بعض هذه النصوص، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ولا الواقع الأمني والنفسي الضاغط في فرنسا خصوصاً بعد الاعتداءات الإرهابية التي عرفتها فرنسا وبلجيكا.
هكذا، لا تزال فرنسا غيورة على هذا الدخول الأدبي الذي لا يوجد في بلد غيرها، وهو ما تسميه بـ"الاستثناء الثقافي" العزيز على قلب السياسيين الفرنسيين من كل الأطياف، والذي تشهره سلاحاً في وجه الأمْرَكة الزاحفة.