وقال عاملون في البنوك، فضلوا عدم ذكر اسمهم لحساسية موقفهم، إن هبوط الجنيه المصري مقابل الدولار خلال الأسبوعين الماضيين بعد أشهر من الاستقرار النسبي يرجع إلى عدة أسباب منها عمليات جني أرباح المستثمرين الأجانب في البورصة المصرية، وتسوية المراكز المالية للمستثمرين الأجانب قبل موسم أعياد الميلاد ونهاية العام، وقيام الشركات بتغطية المراكز المكشوفة بالنقد الأجنبي، وفتح المستوردين الاعتمادات المستندية لعمليات استيراد العام القادم 2018.
وقبل أيام، توقعت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني أن يرتفع متوسط سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري، في نهاية العام المالي 2019 - 2020 إلى 21.5 جنيها، كما توقعت أن يبلغ متوسط سعر الدولار أمام الجنيه بنهاية العام المالي الحالي الذي ينتهي في يونيو/حزيران 2018 إلى 19.5 جنيهاً.
وتقول الوكالة إن توقعاتها تشير إلى أن سعر صرف الجنيه لن ينخفض بشكل حاد مقابل الدولار خلال عامي 2019 و2020.
وكانت العملة المصرية قد هوت بشكل حاد بعد تحرير سعر الصرف في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 ليصل إلى نحو 19 جنيها للدولار، قبل أن يبدأ في أواخر يناير/كانون الثاني استعادة بعض عافيته ليصل في شهر فبراير/شباط إلى نحو 15.67 جنيها للدولار في بعض البنوك.
واستقر سعر الدولار عند مستويات بين 18.05 و18.15 جنيها في شهر مارس/آذار الماضي ليهبط إلى نحو 17.70 جنيها في أول أغسطس/آب الماضي، ويستقر عند هذا المستوى لفترة طويلة، قبل أن يعاود التراجع خلال الأسبوعين الماضيين.
وعزا محمد أبو باشا محلل الاقتصاد المصري في المجموعة المالية "هيرميس" (أكبر بنك استثماري مصري) تراجع قيمة الجنيه إلى تخفيف الأجانب لاستثماراتهم في أدوات الدين الحكومية لجني الأرباح وإغلاق مراكزهم المالية قبل نهاية العام مما عزز الطلب على الدولار.
وقال وزير المالية المصري عمرو الجارحي، اليوم الأحد، إن استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية (السندات وأذون الخزانة) بلغت نحو 19 مليار دولار منذ تحرير سعر الصرف في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016 وحتى السادس من ديسمبر/كانون الأول الحالي.
في تطور آخر، قال البنك المركزي المصري اليوم الأحد إن عجز ميزان المعاملات الجارية انخفض بنسبة 65.8% في الربع الأول من السنة المالية 2017-2018 إلى 1.6 مليار دولار من 4.8 مليارات قبل عام.
وأضاف البنك في بيان أن الفائض الكلي في ميزان المدفوعات ارتفع إلى نحو 5.1 مليارات دولار مقابل 1.9 مليار قبل عام.
وساهم قرار البنك المركزي بتحرير سعر صرف العملة المحلية، والذي نتج عنه فقدان الجنيه لنصف قيمته، في إنعاش التدفقات الأجنبية على السندات وأذون الخزانة الحكومية، وتوقع الجارحي أن تجذب أدوات الدين الحكومية 20 مليار دولار بنهاية العام الجاري 2017.
وقال نعمان خالد محلل الاقتصادي الكلي لدى شركة "سي.آي كابيتال لإدارة الأصول" ( بنك استثمار مصري) إن هناك تخارج (انسحاب) للأجانب من أدوات الدين الحكومية، ولذا وتيرة استثماراتهم الشهرية وصلت لأقل مستوى ممكن في شهر نوفمبر الماضي.
وأضاف محلل الاقتصادي الكلي أن "خروج الأجانب من أدوات الدين يمثل ضغطا على سوق الانتربنك لأن الخروج يتم من خلال البنوك بينما الدخول من خلال البنك المركزي ولذا جاء قرار فرض رسوم دخول على استثمارات الأجانب في المحافظ المالية من خلال آلية البنك المركزي".
وبدأ البنك المركزي المصري في تحصيل رسوم تبلغ 1% على دخول استثمارات الأجانب الموجهة للمحافظ المالية منذ الثالث من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بينما أبقى رسوم الخروج عند 0.5%.
وأضاف خالد أن قرار فرض رسوم 1% على دخول استثمارات الأجانب سيدفع الأجانب لإدخال استثماراتهم عبر الانتربنك.
وقد يؤدي انخفاض الجنيه المصري إلى ارتفاع تكلفة فاتورة الواردات المصرية الضخمة رغم شكوى التجار من ركود حاد في الأسواق حسب محللين.
وقال مستورد للأجهزة المنزلية والكهربائية لـ"رويترز" إن "حركة الشراء والبيع بطيئة جدا. لا نعلم سبب الزيادة في أسعار الدولار بهذا الشكل في فترة قصيرة".
ورغم ارتفاع أسعار بيع الدولار في أغلب البنوك الخاصة العاملة في مصر، إلا أن البنوك الحكومية مازالت تعرض أسعارا أقل لبيع الدولار عند 17.79 جنيها للدولار".
(العربي الجديد، رويترز)