يحاول المزارع الإيراني، محمد إسماعيلي، فتح إحدى قنوات الري التي توصل المياه إلى أرضه مجدداً، إذ كان يروي أرضه الزراعية الواقعة في محيط العاصمة طهران، من قنوات مائية جفّت، لكن واحدة منها تبقى فيها بعض المياه،، ما يجعله قادراً على ري أرضه المزروعة بأشجار التوت، التي لم تعد، اليوم، قادرة على إنتاج ذات الكمية من المحصول، والسبب الرئيس هو الجفاف الذي تعاني منه أرضه، والمناطق المحيطة بها.
إيران دخلت مرحلة الخطر
يكشف أحدث تقرير صدر عن مركز الإحصاء الإيراني، أن معدل هطول الأمطار، في "الجمهورية الإسلامية"، (التي تقع في منطقة جافة)، يبلغ ثلث معدل الهطول العالمي، وتعاني البلاد من تناقص مستمر لمعدل الهطول السنوي، ما دفع مدير مكتب دراسات وأبحاث المنابع المائية التابع لوزارة الطاقة، رضا راعي عز أبادي، إلى الإعلان عن أن 12 محافظة من بين 31 محافظة إيرانية دخلت مرحلة الخطر، قائلاً "المخزون وراء 160 سداً صار شبه خالٍ، إذ وصل حجم الماء فيها إلى أقل من النصف، على الرغم من أهميتها في تأمين مياه الشرب والزراعة للإيرانيين".
وثقت "العربي الجديد" عبر إحصائيات مركز الإحصاء الإيراني، دخول 26.2 مليار متر مكعب من المياه إلى السدود، منذ شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وحتى شهر يونيو/حزيران من العام الجاري، بينما كانت المياه الواصلة، خلال الفترة ذاتها من العام الفائت 30.11 مليار متر مكعب، بينما تتسع سدود إيران لـ49.1 مليار متر مكعب من المياه، ما يعني أن 52% من مخازن السدود خالية حالياً.
يفسر ذلك المركز الوطني للجفاف وإدارة الكوارث التابع للأرصاد الجوية الإيرانية، بأن معدل هطول الأمطار، انخفض 18%، خلال هذا العام، مقارنة بالعام الماضي، وبمقارنة الجداول والأرقام التي ترصد معدلات الهطول في المناطق الإيرانية، وثقت معدة التحقيق، أن محافظة هرمزغان جنوباً، هي الأقل من بين المحافظات، إذ تضاءلت نسبة هطول الأمطار بنسبة 53% عن العام الماضي، وتليها محافظة بوشهر بنسبة 48%، وبعدها البرز، المحاذية لطهران بنسبة 41%.
يترافق ذلك مع عدم ترشيد استخدام المياه في إيران، إذ ذكر مركز الاحصاء الرسمي، أن كل إيراني يستهلك، يومياً، ما يعادل 170 ليتراً من الماء، أي ضعفي معدل الاستهلاك العالمي للفرد الواحد، في الوقت الذي يبلغ فيه معدل هطول الأمطار السنوي 251 ملليمتراً، بينما يصل الرقم ذاته في العالم إلى 800 ملليمتر.
اقرأ أيضا: عصابات إيران.."المطابخ" تغرق طهران بالمخدرات
السدود أخطر الأسباب
ينتقد عدد من خبراء المياه في إيران، مشاريع بناء السدود التي تتبناها وزارة الطاقة، إذ تؤثر بحسب هؤلاء على مسار الأنهار التي تمر في إيران وكمية المياه فيها، بالمقابل ترى الحكومة، أن هذا الخيار هو الأسلم للمستقبل، بحسب مدير شركة إيران للمنابع المائية، محمد حاج رسولي، الذي قال لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، إن "البلاد تنوي بناء 119 سداً جديداً، 24 منها ستكون جاهزة، خلال العام المقبل"، لكن خبراء البيئة يقولون، إن السدود الحالية تسببت في جفاف عدد من الأنهار، بل وأضرت الأراضي الزراعية".
ويتفق عضو لجنة الزراعة في البرلمان الإيراني، محمد سادات إبراهيمي، مع الآراء المنتقدة للتوسع في بناء السدود، قائلا لموقع جام جم الإيراني إن "وزارة الطاقة ليس لديها مخططات دقيقة ومجدية، وعلى الرغم من أن بناء السدود يحتاج لميزانيات باهظة دون أن تحقق فائدة عملية، في حل المشكلة".
بسبب تفاقم أزمة الجفاف، خلال العقد الأخير، يوجه خبراء النقد إلى حكومات الرئيس السابق، أحمدي نجاد، من بينهم مستشارة الرئيس الحالي لشؤون البيئة معصومة ابتكار.
تؤكد ابتكار على صحة حديثها، قائلة لـ"العربي الجديد": "الحكومة السابقة مسؤولة عن حفر 50 ألف بئر في المنطقة المحيطة ببحيرة أرومية الواقعة شمال غرب إيران، مما أدى إلى جفاف البحيرة"، وتابعت "مشاريع عديدة للبحث عن المياه الجوفية عبر حفر آبار عميقة ساهمت كذلك في جفاف المنابع المائية، فضلاً عن تحويل مسار أنهار في مناطق أخرى دون تخطيط دقيق وكل هذا أدى إلى زيادة مشكلة الجفاف تعقيداً".
ترى ابتكار أن الحكومة الحالية تسلمت إرثاً ثقيلاً من الحكومة السابقة، والحلول تحتاج لوقت حسب رأيها، فيما ترى أن اللوم الذي يوجهه بعضهم للحكومة الحالية بسبب عدم اتخاذ خطوات عملية غير منصف، إذ إن معدلات هطول الأمطار المنخفضة هي المسبب الرئيس لهذه المشكلة.
وعن تحويل مسار بعض الأنهار أو بناء السدود عليها، تقول ابتكار "إنها سياسة بدأت بها الحكومة السابقة أيضاً، والأنهار الواقعة في شرق البلاد، ستبدأ طهران بمفاوضات مع أفغانستان قريباً، في محاولة لإقناعها بعدم فتح قنوات في مسار تلك الأنهار التي تمر أولاً داخل أفغانستان، حتى لا تتعقد المشكلة".
اقرأ أيضا: اغتيال علماء الذرة.. حرب إسرائيل المستمرة ضد إيران
الزراعة
تستهلك إيران قرابة 90% من مياهها في ري الأراضي الزراعية، بينما لا يعود القطاع الزراعي بالمقابل على الاقتصاد الإيراني بفائدة كبرى، هو ما يؤكده مختار هاشمي الخبير في مجال الطاقة والمياه وأستاذ جامعة كردستان إيران، يضيف أن "عدد سكان القرى والأرياف في إيران يصل إلى 23 مليوناً، ويستخدم هؤلاء المياه بشكل كبير دون اللجوء لطرق الري الحديثة، ودون أن يعودوا بمردود تجاري واقتصادي كبير على البلاد".
يدعو هاشمي إلى ترشيد الاستهلاك واستخدام طرق الري الحديثة، أو حتى الاستغناء عن سياسة الاكتفاء الذاتي بتأمين المنتج الزراعي في الداخل في مقابل توفير المزيد من المياه، ويضيف هاشمي لـ"العربي الجديد" إنها "أزمة ليست جديدة وإنما تزيد وتقل بين عقد وآخر"، معتبراً أن المطلوب، حالياً، هو إيجاد خطوات احترازية عملية قبل تفاقم المشكلة.
يرى هاشمي أن الجفاف ساهم في زيادة معدلات الهجرة من الأرياف إلى المدن، وترافق هذا مع زيادة عدد السكان باضطراد، وتزامن الأمر مع زيادة الاستهلاك وقلة معدلات المياه المتوافرة، "فقبل سنوات كانت حصة الفرد في إيران من الماء 7 آلاف متر مكعب، بينما تبلغ حالياً 1300"، حسب قوله.
تهديد بيئي واجتماعي
تبقى المناطق الجنوبية لإيران هي الأكثر جفافاً والأعلى حرارة، ويتخوف عديدون في تلك المناطق من تبعات الجفاف، إذ يعتمد عدد كبير من العائلات في منطقة بوشهر جنوب إيران على زراعة النخيل وتجارة التمر، (توجد بها 4 ملايين نخلة تنتج سنوياً ما يقارب 120 ألف طن من أجود أنواع التمر الإيراني الذي يصدر إلى الخارج)، ويعمل الآلاف في هذا المجال.
شركة مياه بوشهر أعلنت في تقريرها، أن سد هذه المدينة الذي كان يحتوي على 263 مليون متر مكعب من المياه، العام الماضي، يوجد به الآن 112 مليون متر مكعب فقط، ومع الانخفاض الشديد لمعدلات هطول الأمطار، يترقب أهل المنطقة، تبعات المشكلة التي تهدد اقتصادهم وحياتهم.
في مكان آخر من إيران وهذه المرة في أصفهان وسط البلاد، يتذكر الأصفهانيون بحسرة منظر نهر "زاينده رود" والذي يعني بالعربية النهر المولد أو النهر الحي، وباتوا يسمونه، اليوم، "خشكه رود" أو النهر الجاف، يلوم أهل المنطقة الحكومة، التي حولت مسار النهر، خلال السنوات الماضية، لتروي مناطق أكثر جفافاً حول أصفهان، لكنها ساهمت في جفاف النهر.
المدير المسؤول عن القطاع الزراعي في أصفهان، اسفنديار أميني، قال لوكالة أنباء مهر إن "حفر القنوات على مسار النهر وتوزيع مياهه وبناء سد عليه كلها أمور غير قانونية، أدت، أيضاً، إلى هجرة سكان القرى المجاورة بنسبة 80%".
من جهته قال مدير دائرة حماية البيئة في أصفهان، حميد ظهرابي، "إنه، منذ شهر يوليو الماضي، تم إغلاق مسار النهر من جديد، وهو ما جعله يجف في أصفهان مجدداً، مما أدى إلى موت عدد كبير من الأسماك التي انخفض عنها مستوى سطح الماء تدريجياً، وأضاف أن أنواع الطيور التي كانت تعيش بالقرب من هذا النهر، كانت تزيد عن سبعين نوعاً، لا تتجاوز الآن العشرين نوعاً".
في محافظة إيلام جنوباً، تنقل تقارير من هناك أن الوضع في تدهور، إذ إن أنابيب شبكة المياه التي يصل طولها إلى 460 كيلومتراً أصبحت شبه تالفة ما يؤدي إلى تسرب المياه منها، وهو ما يؤدي إلى إهدار 300 لتر من الماء في الثانية الواحدة، وأضافت تقارير مؤسسة المياه في تلك المحافظة، أن إصلاح الأنابيب يتطلب مبلغ 85 مليار تومان إيراني (25 مليون دولار)، بينما تقدر خسائر المحافظة بسبب الأنابيب التالفة بـ 120 مليار تومان (36 مليون دول أميركي)، كما أن هجرة أهل المنطقة إلى الضواحي القريبة من المنطقة، بسبب المشكلة، ومد أكثر من 700 أنبوب من الشبكة الأصلية، زاد من تفاقهم المشكلة.
بسبب الجفاف في إيران، ارتفعت درجات الحرارة بشكل كبير، وزادت مشكلة العواصف الرملية، التي تعد أحدث المشاكل البيئية التي تواجه إيران، فيما يعوق نقص المياه، محاولات حلها عبر التشجير، وهو ما جعل الأمر تحدياً صعباً على الحكومة التي تراكمت عليها المشكلات الطبيعية والإنسانية، بينما يطالب المتخصصون بدراسة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للسدود التي من المنتظر بناؤها، خلال الفترة المقبلة، لكن الكل في إيران باتوا يجمعون على أن البلاد قد تكون على موعد مع أزمة خطيرة، تتطلب وعياً مجتمعياً، وتوعية وحلولاً ذكية للحكومة.
-------
اقرأ أيضا:
الأفغان في سورية.. جنود "آيات الله" في خدمة الأسد
إيران دخلت مرحلة الخطر
يكشف أحدث تقرير صدر عن مركز الإحصاء الإيراني، أن معدل هطول الأمطار، في "الجمهورية الإسلامية"، (التي تقع في منطقة جافة)، يبلغ ثلث معدل الهطول العالمي، وتعاني البلاد من تناقص مستمر لمعدل الهطول السنوي، ما دفع مدير مكتب دراسات وأبحاث المنابع المائية التابع لوزارة الطاقة، رضا راعي عز أبادي، إلى الإعلان عن أن 12 محافظة من بين 31 محافظة إيرانية دخلت مرحلة الخطر، قائلاً "المخزون وراء 160 سداً صار شبه خالٍ، إذ وصل حجم الماء فيها إلى أقل من النصف، على الرغم من أهميتها في تأمين مياه الشرب والزراعة للإيرانيين".
وثقت "العربي الجديد" عبر إحصائيات مركز الإحصاء الإيراني، دخول 26.2 مليار متر مكعب من المياه إلى السدود، منذ شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وحتى شهر يونيو/حزيران من العام الجاري، بينما كانت المياه الواصلة، خلال الفترة ذاتها من العام الفائت 30.11 مليار متر مكعب، بينما تتسع سدود إيران لـ49.1 مليار متر مكعب من المياه، ما يعني أن 52% من مخازن السدود خالية حالياً.
يترافق ذلك مع عدم ترشيد استخدام المياه في إيران، إذ ذكر مركز الاحصاء الرسمي، أن كل إيراني يستهلك، يومياً، ما يعادل 170 ليتراً من الماء، أي ضعفي معدل الاستهلاك العالمي للفرد الواحد، في الوقت الذي يبلغ فيه معدل هطول الأمطار السنوي 251 ملليمتراً، بينما يصل الرقم ذاته في العالم إلى 800 ملليمتر.
اقرأ أيضا: عصابات إيران.."المطابخ" تغرق طهران بالمخدرات
السدود أخطر الأسباب
ينتقد عدد من خبراء المياه في إيران، مشاريع بناء السدود التي تتبناها وزارة الطاقة، إذ تؤثر بحسب هؤلاء على مسار الأنهار التي تمر في إيران وكمية المياه فيها، بالمقابل ترى الحكومة، أن هذا الخيار هو الأسلم للمستقبل، بحسب مدير شركة إيران للمنابع المائية، محمد حاج رسولي، الذي قال لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، إن "البلاد تنوي بناء 119 سداً جديداً، 24 منها ستكون جاهزة، خلال العام المقبل"، لكن خبراء البيئة يقولون، إن السدود الحالية تسببت في جفاف عدد من الأنهار، بل وأضرت الأراضي الزراعية".
ويتفق عضو لجنة الزراعة في البرلمان الإيراني، محمد سادات إبراهيمي، مع الآراء المنتقدة للتوسع في بناء السدود، قائلا لموقع جام جم الإيراني إن "وزارة الطاقة ليس لديها مخططات دقيقة ومجدية، وعلى الرغم من أن بناء السدود يحتاج لميزانيات باهظة دون أن تحقق فائدة عملية، في حل المشكلة".
بسبب تفاقم أزمة الجفاف، خلال العقد الأخير، يوجه خبراء النقد إلى حكومات الرئيس السابق، أحمدي نجاد، من بينهم مستشارة الرئيس الحالي لشؤون البيئة معصومة ابتكار.
تؤكد ابتكار على صحة حديثها، قائلة لـ"العربي الجديد": "الحكومة السابقة مسؤولة عن حفر 50 ألف بئر في المنطقة المحيطة ببحيرة أرومية الواقعة شمال غرب إيران، مما أدى إلى جفاف البحيرة"، وتابعت "مشاريع عديدة للبحث عن المياه الجوفية عبر حفر آبار عميقة ساهمت كذلك في جفاف المنابع المائية، فضلاً عن تحويل مسار أنهار في مناطق أخرى دون تخطيط دقيق وكل هذا أدى إلى زيادة مشكلة الجفاف تعقيداً".
ترى ابتكار أن الحكومة الحالية تسلمت إرثاً ثقيلاً من الحكومة السابقة، والحلول تحتاج لوقت حسب رأيها، فيما ترى أن اللوم الذي يوجهه بعضهم للحكومة الحالية بسبب عدم اتخاذ خطوات عملية غير منصف، إذ إن معدلات هطول الأمطار المنخفضة هي المسبب الرئيس لهذه المشكلة.
وعن تحويل مسار بعض الأنهار أو بناء السدود عليها، تقول ابتكار "إنها سياسة بدأت بها الحكومة السابقة أيضاً، والأنهار الواقعة في شرق البلاد، ستبدأ طهران بمفاوضات مع أفغانستان قريباً، في محاولة لإقناعها بعدم فتح قنوات في مسار تلك الأنهار التي تمر أولاً داخل أفغانستان، حتى لا تتعقد المشكلة".
اقرأ أيضا: اغتيال علماء الذرة.. حرب إسرائيل المستمرة ضد إيران
الزراعة
تستهلك إيران قرابة 90% من مياهها في ري الأراضي الزراعية، بينما لا يعود القطاع الزراعي بالمقابل على الاقتصاد الإيراني بفائدة كبرى، هو ما يؤكده مختار هاشمي الخبير في مجال الطاقة والمياه وأستاذ جامعة كردستان إيران، يضيف أن "عدد سكان القرى والأرياف في إيران يصل إلى 23 مليوناً، ويستخدم هؤلاء المياه بشكل كبير دون اللجوء لطرق الري الحديثة، ودون أن يعودوا بمردود تجاري واقتصادي كبير على البلاد".
يدعو هاشمي إلى ترشيد الاستهلاك واستخدام طرق الري الحديثة، أو حتى الاستغناء عن سياسة الاكتفاء الذاتي بتأمين المنتج الزراعي في الداخل في مقابل توفير المزيد من المياه، ويضيف هاشمي لـ"العربي الجديد" إنها "أزمة ليست جديدة وإنما تزيد وتقل بين عقد وآخر"، معتبراً أن المطلوب، حالياً، هو إيجاد خطوات احترازية عملية قبل تفاقم المشكلة.
يرى هاشمي أن الجفاف ساهم في زيادة معدلات الهجرة من الأرياف إلى المدن، وترافق هذا مع زيادة عدد السكان باضطراد، وتزامن الأمر مع زيادة الاستهلاك وقلة معدلات المياه المتوافرة، "فقبل سنوات كانت حصة الفرد في إيران من الماء 7 آلاف متر مكعب، بينما تبلغ حالياً 1300"، حسب قوله.
تهديد بيئي واجتماعي
تبقى المناطق الجنوبية لإيران هي الأكثر جفافاً والأعلى حرارة، ويتخوف عديدون في تلك المناطق من تبعات الجفاف، إذ يعتمد عدد كبير من العائلات في منطقة بوشهر جنوب إيران على زراعة النخيل وتجارة التمر، (توجد بها 4 ملايين نخلة تنتج سنوياً ما يقارب 120 ألف طن من أجود أنواع التمر الإيراني الذي يصدر إلى الخارج)، ويعمل الآلاف في هذا المجال.
شركة مياه بوشهر أعلنت في تقريرها، أن سد هذه المدينة الذي كان يحتوي على 263 مليون متر مكعب من المياه، العام الماضي، يوجد به الآن 112 مليون متر مكعب فقط، ومع الانخفاض الشديد لمعدلات هطول الأمطار، يترقب أهل المنطقة، تبعات المشكلة التي تهدد اقتصادهم وحياتهم.
في مكان آخر من إيران وهذه المرة في أصفهان وسط البلاد، يتذكر الأصفهانيون بحسرة منظر نهر "زاينده رود" والذي يعني بالعربية النهر المولد أو النهر الحي، وباتوا يسمونه، اليوم، "خشكه رود" أو النهر الجاف، يلوم أهل المنطقة الحكومة، التي حولت مسار النهر، خلال السنوات الماضية، لتروي مناطق أكثر جفافاً حول أصفهان، لكنها ساهمت في جفاف النهر.
المدير المسؤول عن القطاع الزراعي في أصفهان، اسفنديار أميني، قال لوكالة أنباء مهر إن "حفر القنوات على مسار النهر وتوزيع مياهه وبناء سد عليه كلها أمور غير قانونية، أدت، أيضاً، إلى هجرة سكان القرى المجاورة بنسبة 80%".
في محافظة إيلام جنوباً، تنقل تقارير من هناك أن الوضع في تدهور، إذ إن أنابيب شبكة المياه التي يصل طولها إلى 460 كيلومتراً أصبحت شبه تالفة ما يؤدي إلى تسرب المياه منها، وهو ما يؤدي إلى إهدار 300 لتر من الماء في الثانية الواحدة، وأضافت تقارير مؤسسة المياه في تلك المحافظة، أن إصلاح الأنابيب يتطلب مبلغ 85 مليار تومان إيراني (25 مليون دولار)، بينما تقدر خسائر المحافظة بسبب الأنابيب التالفة بـ 120 مليار تومان (36 مليون دول أميركي)، كما أن هجرة أهل المنطقة إلى الضواحي القريبة من المنطقة، بسبب المشكلة، ومد أكثر من 700 أنبوب من الشبكة الأصلية، زاد من تفاقهم المشكلة.
بسبب الجفاف في إيران، ارتفعت درجات الحرارة بشكل كبير، وزادت مشكلة العواصف الرملية، التي تعد أحدث المشاكل البيئية التي تواجه إيران، فيما يعوق نقص المياه، محاولات حلها عبر التشجير، وهو ما جعل الأمر تحدياً صعباً على الحكومة التي تراكمت عليها المشكلات الطبيعية والإنسانية، بينما يطالب المتخصصون بدراسة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للسدود التي من المنتظر بناؤها، خلال الفترة المقبلة، لكن الكل في إيران باتوا يجمعون على أن البلاد قد تكون على موعد مع أزمة خطيرة، تتطلب وعياً مجتمعياً، وتوعية وحلولاً ذكية للحكومة.
-------
اقرأ أيضا:
الأفغان في سورية.. جنود "آيات الله" في خدمة الأسد