الجزائر وموريتانيا: أزمة دبلوماسية تثير مخاوف من انعكاساتها الأمنية

01 مايو 2015
العلاقة بين البلدين لم يتم تطويرها (فرانس برس)
+ الخط -

ألقت الأزمة الدبلوماسية الطارئة بين الجزائر وموريتانيا بظلالها على المشهد الإقليمي، على خلفية طرد واتهام الأخيرة لدبلوماسي جزائري بالوقوف وراء تسريب معلومات إلى وسائل إعلام موريتانية، قالت إنها أضرت بعلاقاتها الخارجية.

وكانت التخوفات في الجزائر، كما في موريتانيا، من أن تنسحب الأزمة السياسية على الشق الأمني بين البلدين، فذكرت وسائل إعلام موريتانية أمس الأول أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، أجّل الاجتماع الأسبوعي للحكومة، وقرر عقد سلسلة اجتماعات مع قائد جهاز الاستخبارات الخارجية اللواء محمد ولد محمد أزناكي، وقائد جهاز الشرطة اللواء محمد ولد مكت، وقائد جهاز الدرك السلطان ولد أسواد، وبعض كبار الضباط العاملين في الأجهزة الأمنية والعسكرية، بسبب شعور السلطات الموريتانية باحتمال خفض الجزائر لتعاونها الأمني والاستخباراتي مع موريتانيا أو تجميدها، في ظل المخاطر الأمنية التي تعرفها منطقة الساحل. ويأتي هذا التخوّف بعد قرار الجزائر خفض مستوى تمثيلها في اجتماع وزراء الداخلية لاتحاد المغرب العربي، إذ أرسلت الأمين العام للوزارة، بدلاً من وزير الداخلية الطيب بلعيز، كما قررت أن ينسحب هذا القرار على مجمل الفعاليات السياسية التي تحتضنها موريتانيا.

وترتبط الجزائر وموريتانيا باتفاقيات تعاون أمني وعسكري، وكذلك في تعاون بإطار القيادة العسكرية المشتركة، أو ما يُعرف بلجنة الأركان العملياتية المشتركة لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل، ومقرها في مدينة تمنراست جنوبي العاصمة الجزائرية، وهي لجنة شكّلتها الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر في أبريل/نيسان من العام 2010، وعقدت عدداً من الاجتماعات في الجزائر ونواكشوط وبماكو، لمناقشة آليات تنسيق مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتفعيل أكبر للتعاون والتنسيق ضمن لجنة الأركان العملياتية المشتركة، وخصوصاً أن الدول الخمس ظلت تواجه تهديدات أمنية متزايدة منذ سيطرة "حركة تحرير الأزواد" وتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وحركة "الجهاد والتحدي" في غرب أفريقيا وحركة "أنصار الدين" على إقليم شمال مالي في شهر مارس/آذار 2012.

وتزيد التحركات الأخيرة للمجموعات الإرهابية في كل من مالي والنيجر واستهداف قوات أممية وأفريقية في المنطقة، من حدة المخاوف من أن تؤثر الأزمة الدبلوماسية على التعاون الأمني بين البلدين.

اقرأ أيضاً: موريتانيا والجزائر: علاقات تسوء ... والمغرب يستفيد

ويقول المحلل السياسي الموريتاني سيد أحمد المصطفى، لـ"العربي الجديد"، إن "تنافر الأجندات الجزائرية الموريتانية لا يمكن إلا أن يصب في صالح الحركات المسلّحة"، معتبراً أن "الأزمة يجب أن تبقى في صعيدها الدبلوماسي، وأن أي توجّه للأزمة في أي اتجاه يتصل بقضايا التنسيق والتعاون الأمني والعسكري، لن يكون في صالح البلدين".

اللافت في تطورات الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وموريتانيا، أن تصعيد الموقف من الجانب الجزائري، واتخاذ قرار خفض التمثيل السياسي في أي من المؤتمرات التي تعقد في موريتانيا، مؤشر على حالة من العلاقة الفاترة التي لم تتعمق بأي شكل من الأشكال بين البلدين، إذ لم يجرِ تطويرها على الصعيد السياسي ولا على الصعيد الاقتصادي، على الرغم من أنه لم تسبق الأزمة أي مؤشرات تدل على وجود توتر في العلاقة بين البلدين، وبخلاف ذلك كان وفد رفيع من وزارة الخارجية الموريتانية في الجزائر قبل أسبوع، كما أسهمت الجزائر في نقل الدبلوماسيين الموريتانيين من العاصمة اليمنية صنعاء إلى الجزائر ومنها إلى نواكشوط برفقة عائلاتهم، إضافة إلى أن الوضع المتوتر في منطقة الساحل وتزايد نشاط المجموعات الإرهابية، كان عاملاً إضافياً في تركيز العلاقات بين البلدين.

غير أن بعض التحليلات تحاول استدعاء عوامل خلافية بين الجزائر وموريتانيا، ذات صلة بقضية الصحراء الغربية أو الضغوط المغربية أو الموقف الجزائري من الانقلاب الذي قاده الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عام 2008، وهو موقف تم تجاوزه لاحقاً بعد إجراء الانتخابات في موريتانيا، أو بتجاهل الجزائر لموريتانيا في سياساتها الإقليمية، وخصوصاً أن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة لم يقم بأي زيارة لنواكشوط خلال الـ15 عاماً من حكمه للبلاد.

وكان الرئيس الموريتاني تطرّق إلى الأزمة الدبلوماسية الطارئة بين بلاده الجزائر، محذراً خلال اجتماعه أمس الأول مع مسؤولي المؤسسات الصحفية في موريتانيا، "الإعلاميين الموريتانيين من الارتماء بالأجندات الأجنبية في البلاد أو تطبيق أجنداتها على حساب مصالح الوطن".

وساق محمد ولد عبد العزيز نماذج وصفها "بغير المقبولة حصلت خلال الفترة الماضية"، مذكّراً في السياق بحادثة المستشار الأول في السفارة الجزائرية بلقاسم الشرواتي والذي أبعدته موريتانيا الأسبوع الماضي بعدما زعمت صلته بتزويد موقع إخباري موريتاني بمعلومات تتصل بإيداع موريتانيا شكوى ضد المغرب في الأمم المتحدة حول تدفق المخدرات المغربية على موريتانيا. وقال عبد العزيز إن "نشر هذا المقال كان بهدف التأثير على علاقات موريتانيا الخارجية"، مقدّماً في السياق نفسه حادثة إبعاد نواكشوط نهاية العام 2011 لمدير مكتب وكالة المغرب العربي للأنباء (الوكالة الرسمية المغربية) عبد الحفيظ البقالي، والذي قال إنه كان يمنح بعض المبالغ المالية للإعلاميين مقابل استغلالهم في أجنداته السياسية والإعلامية.

اقرأ أيضاً: الدبلوماسية الجزائرية تنتصر في اتفاق مالي

المساهمون