09 نوفمبر 2024
الجزائر: شكيب خليل... مشروع رئيس ببرنامج؟
منذ عاد وزير الطاقة الجزائري السابق، شكيب خليل، إلى بلاده في مارس/ آذار الماضي من الولايات المتحدة، بعد ثلاث سنوات من الغياب، وهو يصنع الحدث، ووسائل الإعلام الجزائرية لم تتوقف عن متابعة أخباره ونشاطاته، مع تباينات في أوصافها له، فهي حينا تعتبره المتهم الذي لم تبرّأ ساحته إلى الآن، وحينا آخر تصفه بالرجل الذي قدم إلى الجزائر "غازياً" لمنصب، سيكون في الغالب الأعلى في الجزائر.
ولعلها المرة الأولى، منذ فترة طويلة، التي تتفق فيها وسائل الإعلام الجزائرية (المناوئة منها للنظام، خصوصاً) مع وسائل إعلام دولية في تناول تحركات شكيب خليل على أنها حملة سياسية رسمية ومعلنة لتبوّء منصب ما لعله سيكون الرئاسة التي هي في حالة شبه شغور، باعتراف حتى السلطة القائمة التي تركت بعض المجلات والصحف الأجنبية التي تحدّثت عن الأمر (مرض الرئيس وشغور منصب الرئاسة عملياً) تدخل الجزائر.
بعيداً عن حديث الإعلام، تتساءل الجزائر كلها بشأن رحلة شكيب خليل لزيارة "الزوايا" في ربوع الجزائر، مع إبراز أن بعضها قبل زيارته، ونقل الإعلام "الموالي" شذراتٍ عن تلك الزيارات والتكريمات التي نالها خليل، وفي بعضها يسمع أصوات مرحبين (يسمّون في الحزائر المتملقين) يدعونه بالسيد الرئيس مع إرفاق العبارة "بعد انتهاء عهدة بوتفليقة". أما في الجانب الآخر، الإعلام المعارض، فإن تلك الزيارات وصفت بأنها غير بريئة ومعلنة عن "حملةٍ غير معلنة"، لتلميع صورة الرجل وتقديمه، ربما، كورقة احتمالية لملء مركز الرئاسة في الحالتين، حالة شغوره أو عند انتهاء عهدة الرئيس الحالي، في 2019.
وحملت المفاجأة الأخرى التي يصنعها شكيب خليل يومياً، مضمون حملة إعلامية متقنة، ودقيقة في الشكل، وفي مضمون ما تطرحه تلك التدخلات من آراء وتصريحات. وجاءت تلك المداخلات في "الزوايا"، ثم عبر التلفزيون الموالي للنظام، ليتحدث من خلالها خليل عن الملفات التي قيل إنه متورط فيها، وخصوصاً ملفات "أوراق بنما" التي جاءت تتضمن اسم زوجته وامتلاكها شركتين وهميتين. قال الإعلام "الآخر" إنهما حتماً ملاذ الأموال التي يخفيها خليل في الخارج، لكن الرجل لم يخف امتلاكه حسابات في الخارج، غير أنه سارع إلى تبرئة ساحته و ساحة أفراد عائلته من ملفات الفساد، متابعا في ذلك منهجية قانونية مدروسة، مضمونها "أين الدليل على أنني متورّط في أية قضايا فساد؟"، كما اعتبر أن احتمال نيل فريد بجاوي، المتهم في نيل رشاوى في ملفات ذكر فيها خليل، مبلغ 200 مليون يورو في صفقة لسوناطراك (الشركة النفطية العمومية في الجزائر) مع شركة "سليبام" الإيطالية، يمكن اعتباره طبيعياً، بالنظر إلى أهمية الصفقة للقطاع النفطي الجزائري.
في الجانب الآخر، يمكن النظر إلى الآراء التي أوردها شكيب خليل في تصريحاته، أخيراً، أنها
"حملة رسمية ومعلنة" لرجل سياسي، خصوصاً أنها تطرقت إلى نقاط مهمة وحيوية بالنسبة لمنهجية تسيير الحكومة الجزائرية الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الجزائر، جرّاء انهيار أسعار النفط في السنتين الأخيرتين. وعلى هذا الصعيد، انتقد تصريحات وزير المالية بشأن السنة المقبلة (2017) التي قال إنها الأصعب في مسار الأزمة الجزائرية، ليقول خليل إن أقصى ما ستصل إليه هو دفع الجزائر إلى الاستدانة الخارجية مرة أخرى، بعد طي الملف في سنوات الرخاء النفطي السابقة.
التصريحات الأخطر، والتي لا يمكن لأحدٍ أن يدلي بها في الجزائر، إلا إذا كان في دائرة القرار الأقرب من السلطة، فهي متعلقةٌ بعلاقة مسؤولين، لم يسمهم خليل، بفرنسا، وتفضيلهم لها في ملفاتٍ اقتصاديةٍ حيوية على حساب شركاء آخرين، على غرار الولايات المتحدة الأميركية التي أرجع الأصوات المناوئة له، منذ رجوعه إلى الجزائر، على أنه محسوب عليها، أي أنه رجل الأميركيين في الجزائر.
يواصل خليل، في تصريحاته الأخيرة، تفصيلات "برنامجه" للحملة الرسمية والمعلنة، بقوله إن ما يجري الآن هو حرب مصالح، تديرها بعض الدوائر التي خدمت، وما زالت، المصالح الفرنسية، وهي الدوائر نفسها التي اتهمها بأنها كانت وراء ملفات الفساد التي ألصقت به، بعد رفضه الانصياع لخدمة تلك المصالح، كما أنه ركز على المشاريع التي رفض الفرنسيون تنفيذها في الجزائر، وخصوصاً في قطاع الطاقة، باعتبار أن لهم اليد الطولى في الاقتصاد الجزائري، ويفعلون ما يشاءون، ومتى أرادوا ذلك. ومجرد الإدلاء بمثل هذه التصريحات هو بمثابة إعلان أن ثمة جناحاً في السلطة بدأ يحسم المعركة السياسية المقبلة لصالحه، ويكون شكيب خليل الحصان الذي راهن عليه الجناح الذي بدأ في الإفصاح عن مواقفه، والانتصار لها في أفق ما يطمح إليه الرجل.
تعتبر تلك الآراء، في نظر محللين، برنامجاً يفصح به الرجل عن طموحاته السياسية، والتي قال بشأنها إنه لا يمانع في الاستجابة، إذا ما تم الاستنجاد بخبراته لخدمة الوطن، باعتبار المنهجية التي عوّدنا عليها النظام في الجزائر في الانتصار لأشخاصٍ دون آخرين، وإبراز صورهم في وسائل الإعلام الموالية للسلطة، فإنه لا يمكن اعتبار أن ما يحدث من تلميع صورة الرجل والجمع بين صوره في "الزوايا" والنشر الواسع لتصريحاته في وسائل الإعلام، الا أنها "حملة رسمية ومعلنة"، ستفصح الأيام المقبلة على فحواها ومآلها.
أخيراً، تنبأ الرجل، قبل أشهر، بأن أسعار النفط ستتعافى، بفعل توازن السوق النفطي العالمي. وقد تحدثت وسائل إعلام أميركية، أمس، عن وصول السوق إلى تلك التوازنات، وبأن الأسعار سترتفع في الأشهر المقبلة، في أفق الثلاثي الأول من 2017 تحديداً، لتصل معها الأسعار إلى 70 دولارا تقريبا. وقد أشارت مواقع إلكترونية إلى ذلك، وكتبت أن الآراء التي أدلى بها الرجل تنم عن معرفةٍ بالاقتصاد العالمي. وباعتبار حساسية الأوضاع الاقتصادية الجزائرية حالياً وتطلعها لكل ما من شأنه إبراز احتمال تعافي الأوضاع الطاقوية العالمية، فإن شكيب خليل، إذا صدقت التوقعات، سيكون "منقذ الجزائر". ربما ذلك ما تريده السلطة، وتعمل على تحويله إلى سكة مباشرة، توصل الرجل إلى المنصب الذي عاد من أجله.
ولعلها المرة الأولى، منذ فترة طويلة، التي تتفق فيها وسائل الإعلام الجزائرية (المناوئة منها للنظام، خصوصاً) مع وسائل إعلام دولية في تناول تحركات شكيب خليل على أنها حملة سياسية رسمية ومعلنة لتبوّء منصب ما لعله سيكون الرئاسة التي هي في حالة شبه شغور، باعتراف حتى السلطة القائمة التي تركت بعض المجلات والصحف الأجنبية التي تحدّثت عن الأمر (مرض الرئيس وشغور منصب الرئاسة عملياً) تدخل الجزائر.
بعيداً عن حديث الإعلام، تتساءل الجزائر كلها بشأن رحلة شكيب خليل لزيارة "الزوايا" في ربوع الجزائر، مع إبراز أن بعضها قبل زيارته، ونقل الإعلام "الموالي" شذراتٍ عن تلك الزيارات والتكريمات التي نالها خليل، وفي بعضها يسمع أصوات مرحبين (يسمّون في الحزائر المتملقين) يدعونه بالسيد الرئيس مع إرفاق العبارة "بعد انتهاء عهدة بوتفليقة". أما في الجانب الآخر، الإعلام المعارض، فإن تلك الزيارات وصفت بأنها غير بريئة ومعلنة عن "حملةٍ غير معلنة"، لتلميع صورة الرجل وتقديمه، ربما، كورقة احتمالية لملء مركز الرئاسة في الحالتين، حالة شغوره أو عند انتهاء عهدة الرئيس الحالي، في 2019.
وحملت المفاجأة الأخرى التي يصنعها شكيب خليل يومياً، مضمون حملة إعلامية متقنة، ودقيقة في الشكل، وفي مضمون ما تطرحه تلك التدخلات من آراء وتصريحات. وجاءت تلك المداخلات في "الزوايا"، ثم عبر التلفزيون الموالي للنظام، ليتحدث من خلالها خليل عن الملفات التي قيل إنه متورط فيها، وخصوصاً ملفات "أوراق بنما" التي جاءت تتضمن اسم زوجته وامتلاكها شركتين وهميتين. قال الإعلام "الآخر" إنهما حتماً ملاذ الأموال التي يخفيها خليل في الخارج، لكن الرجل لم يخف امتلاكه حسابات في الخارج، غير أنه سارع إلى تبرئة ساحته و ساحة أفراد عائلته من ملفات الفساد، متابعا في ذلك منهجية قانونية مدروسة، مضمونها "أين الدليل على أنني متورّط في أية قضايا فساد؟"، كما اعتبر أن احتمال نيل فريد بجاوي، المتهم في نيل رشاوى في ملفات ذكر فيها خليل، مبلغ 200 مليون يورو في صفقة لسوناطراك (الشركة النفطية العمومية في الجزائر) مع شركة "سليبام" الإيطالية، يمكن اعتباره طبيعياً، بالنظر إلى أهمية الصفقة للقطاع النفطي الجزائري.
في الجانب الآخر، يمكن النظر إلى الآراء التي أوردها شكيب خليل في تصريحاته، أخيراً، أنها
التصريحات الأخطر، والتي لا يمكن لأحدٍ أن يدلي بها في الجزائر، إلا إذا كان في دائرة القرار الأقرب من السلطة، فهي متعلقةٌ بعلاقة مسؤولين، لم يسمهم خليل، بفرنسا، وتفضيلهم لها في ملفاتٍ اقتصاديةٍ حيوية على حساب شركاء آخرين، على غرار الولايات المتحدة الأميركية التي أرجع الأصوات المناوئة له، منذ رجوعه إلى الجزائر، على أنه محسوب عليها، أي أنه رجل الأميركيين في الجزائر.
يواصل خليل، في تصريحاته الأخيرة، تفصيلات "برنامجه" للحملة الرسمية والمعلنة، بقوله إن ما يجري الآن هو حرب مصالح، تديرها بعض الدوائر التي خدمت، وما زالت، المصالح الفرنسية، وهي الدوائر نفسها التي اتهمها بأنها كانت وراء ملفات الفساد التي ألصقت به، بعد رفضه الانصياع لخدمة تلك المصالح، كما أنه ركز على المشاريع التي رفض الفرنسيون تنفيذها في الجزائر، وخصوصاً في قطاع الطاقة، باعتبار أن لهم اليد الطولى في الاقتصاد الجزائري، ويفعلون ما يشاءون، ومتى أرادوا ذلك. ومجرد الإدلاء بمثل هذه التصريحات هو بمثابة إعلان أن ثمة جناحاً في السلطة بدأ يحسم المعركة السياسية المقبلة لصالحه، ويكون شكيب خليل الحصان الذي راهن عليه الجناح الذي بدأ في الإفصاح عن مواقفه، والانتصار لها في أفق ما يطمح إليه الرجل.
تعتبر تلك الآراء، في نظر محللين، برنامجاً يفصح به الرجل عن طموحاته السياسية، والتي قال بشأنها إنه لا يمانع في الاستجابة، إذا ما تم الاستنجاد بخبراته لخدمة الوطن، باعتبار المنهجية التي عوّدنا عليها النظام في الجزائر في الانتصار لأشخاصٍ دون آخرين، وإبراز صورهم في وسائل الإعلام الموالية للسلطة، فإنه لا يمكن اعتبار أن ما يحدث من تلميع صورة الرجل والجمع بين صوره في "الزوايا" والنشر الواسع لتصريحاته في وسائل الإعلام، الا أنها "حملة رسمية ومعلنة"، ستفصح الأيام المقبلة على فحواها ومآلها.
أخيراً، تنبأ الرجل، قبل أشهر، بأن أسعار النفط ستتعافى، بفعل توازن السوق النفطي العالمي. وقد تحدثت وسائل إعلام أميركية، أمس، عن وصول السوق إلى تلك التوازنات، وبأن الأسعار سترتفع في الأشهر المقبلة، في أفق الثلاثي الأول من 2017 تحديداً، لتصل معها الأسعار إلى 70 دولارا تقريبا. وقد أشارت مواقع إلكترونية إلى ذلك، وكتبت أن الآراء التي أدلى بها الرجل تنم عن معرفةٍ بالاقتصاد العالمي. وباعتبار حساسية الأوضاع الاقتصادية الجزائرية حالياً وتطلعها لكل ما من شأنه إبراز احتمال تعافي الأوضاع الطاقوية العالمية، فإن شكيب خليل، إذا صدقت التوقعات، سيكون "منقذ الجزائر". ربما ذلك ما تريده السلطة، وتعمل على تحويله إلى سكة مباشرة، توصل الرجل إلى المنصب الذي عاد من أجله.