الجزائر تعلن "حرب الفواتير" ضد الاقتصاد الموازي

27 اغسطس 2016
سوق في الجزائر (Getty)
+ الخط -
قررت الحكومة الجزائرية شن حرب ضد الاقتصاد الموازي أو ما يُعرف في البلاد بـ "السوق السوداء"، التي أخذت بالتمدد خلال السنوات الأخيرة، حيث تتجه نحو تفعيل قانون الممارسات التجارية المُصادق عليه قبل 6 سنوات، والذي يلزم التجار بمختلف أصنافهم بالتعامل بالفواتير والصكوك البنكية أيضا في التعاملات التجارية.
وقال حسان بلقندوز، المسؤول في وزارة التجارة لـ"العربي الجديد"، إن "السلطات عازمة على تطبيق القوانين بحذافيرها في أقرب الآجال مهما كانت النتائج"، مضيفا أن "إلزام التعامل بالفواتير ليس بالأمر الجديد، فالقانون التجاري تحدث عن هذه النقطة في العديد من المواد". وأضاف بلقندوز أن "القانون سيطبق على جميع القطاعات، احتراما لقانون المنافسة الذي يحمي المساواة بين المتعاملين الاقتصاديين، إلا أننا أخذنا بعين الاعتبار خصوصية كل قطاع، فالخدمات ليست كالزراعة والعقارات".
وأشار إلى أن الوزارة استحدثت "سند المعاملة التجارية"، الذي ينوب عن الفواتير في التعاملات التجارية التي تتم في قطاع الزراعة بمختلف شعبها، حيث يكون السند كعقد بين البائع والمشتري يتم فيه تحديد نوع المنتج محل المعاملة والكمية والمبلغ، وهو ما سيقضي على المضاربة والوسطاء لأنه سيسمح بتتبع أثر السلع.
وبلغ حجم المبادلات التجارية غير "المفوترة" نحو 41.61 مليار دينار ( 363 مليون دولار) خلال النصف الأول من العام الحالي، مقابل 31.51 مليار دينار (281 مليون دولار) في نفس الفترة من العام الماضي، بزيادة بلغت نسبتها 32%، حسب أرقام حديثة لوزارة التجارة.
وليست هذه المرة الأولى، التي تتوجه فيها الحكومة الجزائرية نحو فرض "فَواتير" في التعاملات التجارية بمختلف أنواعها، إذ تُوجت المحاولة الأولى بالفشل، بعد أن اندلعت موجة احتجاجات شعبية بداية عام 2011 سُميت بأحداث "الزيت والسكر"، بسبب ارتفاع أسعار السلعتين، بعد المضاربة التي أحدثها التجار المسيطرين على الاقتصاد الموازي بغرض ليّ ذراع الحكومة، التي تراجعت عن فرض الفواتير في المعاملات التجارية، خوفا من تحول أحداث "الزيت والسكر" إلى ثورة شعبية في ظل تزامنها مع ثورات "الربيع العربي" في تونس ومصر وليبيا.

ولا يبدو أن تجار الجملة في أسواق الخضر والفواكه وحتى أسواق المواد الغذائية مستعدون للامتثال لتعليمات الحكومة. فقد أكد العديد منهم ممن التقتهم "العربي الجديد" رفضهم القاطع للتعامل بالفواتير وبالصكوك البنكية لأسباب مالية وضريبية وإدارية أيضا.
قال حمزة مسعودي، وهو بائع بالجملة لمواد بناء، إنه لا يثق في النظام البنكي ولا في النظام الضريبي، وبالتالي لا يفضل التعامل بالفواتير ولا الصكوك البنكية، مضيفا أنه اعتاد كذلك إنهاء التعاملات التجارية في وقتها والحصول على الأموال في عين المكان، أما في حال التعامل بالفواتير "فسيضيع الكثير من الوقت لاحتساب الرسم على القيمة المضافة".
وفي هذا السياق، سأل نبيل غافور، تاجر جملة في سوق الخضر والفواكه في العاصمة الجزائرية "من سيدفع الرسم على القيمة المضافة الذي يبلغ 17% التاجر أم المشتري؟".
هذه المخاوف هي ما جعلت غافور، يتخوف من ارتفاع الأسعار مستقبلا، لأن التعاملات التجارية غالبا ما تتم وفق ما وصفه بـ"مبدأ الليونة" في تحديد الأسعار مع زبنائه، إلا أن "الفواتير" ستجعله يضع الأسعار وفق هامش ربح محدد سلفا مع احتساب الرسم على القيمة المضافة الذي سيؤدي إلى رفع الأسعار.
وكانت الحكومة قد شددت منتصف العام الماضي 2015 على استخدام وسائل الدفع الورقية بالنسبة لشراء الممتلكات العقارية، التي تساوي قيمتها أو تتجاوز 5 ملايين دينار(45 ألف دولار) وكذلك اقتناء السيارات الجديدة والتجهيزات الصناعية الجديدة واليخوت وزوارق الاستجمام والممتلكات القيمة لدى تجار الأحجار والمعادن النفيسة والتي تساوي قيمتها أو تفوق مليون دينار(9 آلاف دولار).
ورأى عبد الرحمن مبتول، العضو السابق في مجلس المنافسة الجزائري أنه "يستحيل أن يكون هناك إقبال على استعمال الفواتير في المعاملات التجارية، وذلك لوجود ضغط جبائي كبير في الجزائر، كما أن طبيعة المنظومة البنكية ستعطل العمل، لأن تحويل أي مبلغ من حساب إلى حساب بنكيٍ آخر في الجزائر يستغرق أكثرمن 36 ساعة إذا كانت الحسابات في بنك واحد و48 ساعة لتحويل الأموال من بنك إلى آخر".
وأضاف مبتول "نقترح تأجيل العمل بمثل هذه الإجراءات، لأن الاقتصاد الجزائري لا يحتمل ضغوطاً إضافية في الوقت الراهن، إذ لا يستبعد تكرار سيناريو 2011 من خلال حدوث المضاربة على المواد الغذائية الأساسية وسحب الأموال من الاقتصاد الموازي ما يؤدي إلى نقص السيولة في البلاد".

المساهمون