لا يستطيع المزارع الفلسطيني قاسم منصور من سكان قرية دير استيا شمال غربي سلفيت في الضفة الغربية، الزراعة سوى في عشرة دونمات من أرضه التي تبلغ مساحتها 250 دونمًا في منطقة وادي قانا، في ظل مضايقات الاحتلال ومؤسساته ومستوطنيه، التي لا تكاد تتوقف في استهداف الكثير من مناطق محافظة سلفيت.
يقول منصور لـ"العربي الجديد" إن "أرضي تعرضت للكثير من الانتهاكات الإسرائيلية، فتارة يتم اقتلاع أشجار الزيتون، وتارة يتم منعنا من زراعتها بأي شجر مثمر، سوى بعض المزروعات الموسمية، بحجة أن المنطقة محمية طبيعية، ويتم منعنا من الرعي فيها كذلك".
المزارع منصور يؤكد تمسكه بأرضه التي ورثها عن والده كجنة فلسطينية، لكنه في ذات الوقت يشعر بالأسى لتجاهل مؤسسات السلطة الفلسطينية وتقصيرها في تقديم المساعدة لهم، والاهتمام بالمنطقة من أجل تعزيز صمود أهالي سلفيت في وجه التغول الاستيطاني.
وتشكل الأراضي الزراعية من محافظة سلفيت نحو 80 في المائة من مساحتها، 90 في المائة من تلك الأراضي مزروعة بأشجار الزيتون الذي تشتهر به المحافظة.
محافظة سلفيت، التي أعلنت عنها السلطة الفلسطينية في عام 2006 كتقسيم جغرافي بمسمى محافظة، يوجد فيها 18 قرية وبلدة بمساحة إجمالية تقدر بنحو 203 كيلومترات، ويبلغ تعداد سكانها 69 ألف نسمة، وتتميز بموقعها الجغرافي الاستراتيجي في الشمال الغربي من الضفة الغربية، والممتد من الشرق إلى الغرب بشكل طولي.
ولعل أهم ما يميز سلفيت ما تحتويه من مساحات خضراء ترسمها ملامح الطبيعة الخلابة وينابيع المياه، وهو ما يعتبره رئيس قسم العلاقات العامة في محافظة سلفيت، معين ريان، في حديثه لـ"العربي الجديد"، من أبرز المطامع الإسرائيلية التي تهدد المحافظة، لوقوعها على الحوض المائي الثاني في فلسطين.
مطامع الاحتلال
ومن بين المطامع التي تهدد سلفيت موقعها الاستراتيجي وقربها من الخط الأخضر الفاصل بين أراضي الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل، إضافة لخصوبة تربتها، ووجود الآثار فيها منذ العهد اليوناني والإغريقي والعثماني، وانتشار المقامات الدينية فيها.
ورغم انتشار النشاط الاستيطاني في مختلف محافظات الضفة الغربية والأغوار الفلسطينية، لكنه اتخذ وتيرة كثيفة في سلفيت مؤخرًا. حيث تتسارع وتيرة الاستيطان بشكل لافت، فلا يكاد يخلو يوم من التجريف الإسرائيلي لأراضي المحافظة، أو الانتهاكات بحقها، والتي كان آخرها إقدام المستوطنين على سرقة الحجارة من الأراضي التي يتم تجريفها في القرى والبلدات الواقعة غرب سلفيت، لاستخدامها في أعمال البناء والتعبيد لطرقات مستوطنة "ليشم" المقامة حديثا على أراضي المحافظة.
وما يدلل على التغول الاستيطاني في محافظة سلفيت، إحاطتها بثمانية وعشرين تجمعًا
استعماريًا، منها 21 مستوطنة وبؤرة استيطانية أكبرها مستوطنة أرائيل، وثلاثة مواقع عسكرية، وأربعة مواقع خدماتية وصناعية استيطانية.
ويلتهم الاستيطان الإسرائيلي 39 ألف دونم من مساحة محافظة سلفيت، منها مسطح بناء للمستوطنات يبلغ 6961 دونمًا، والتي يسكنها 41824 مستوطنًا، وفق إحصاءات حصلت عليها "العربي الجديد" من هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية.
جدار الفصل
ويحيط بمحافظة سلفيت جدار الفصل العنصري، الذي تنوي إسرائيل إقامته بطول 91 كيلومترا مربعا في حال اكتماله، لكن الذي بني منه حتى الآن 27 كيلومترا مربعا، أدى إلى إغلاق 1.4 كيلومتر مربع من أراضي سلفيت.
ويرى الناشط في الهيئة، إبراهيم أبو هاشم، في حديثه إلى "العربي الجديد" أن الخطر القادم الذي سيواجه محافظة سلفيت هو إغلاق الجدار لنصف أراضيها في حال تم اكتمال بنائه، إذ سيغلق ما مساحته 102 كيلومتر مربع، ستؤثر على حياة 35 ألف نسمة من التجمعات السكانية في المحافظة.
إضافة إلى التحديات التي تواجه أراضي المحافظة، من إقدام شركات إسرائيلية على تزوير ملكيات الأراضي فيها، من أجل التمهيد للاستيلاء عليها، وفق ما أكد مدير عام هيئة مقاومة الجدار والاستيطان محمد إلياس لـ"العربي الجديد".
اقرأ أيضا:
الاحتلال يجرف أراضي في سلفيت واعتقالات في الضفة
أهالي سلفيت ضحايا الخنازير البريّة
شبكة طرق إسرائيلية تقطع أوصال الضفة الغربية