استمع إلى الملخص
- تأثير التجريف على حياة الفلسطينيين: عائلة محمود حمادة تعرضت لاعتداءات متواصلة من المستوطنين، مما أجبرهم على التخلي عن أراضيهم. الشوارع التي يقيمها المستوطنون تهدد مئات الدونمات من أراضي القرى الثلاث.
- ردود الفعل الفلسطينية والإجراءات القانونية: الفلسطينيون حاولوا التصدي للتجريف، لكنهم واجهوا قمعاً من جنود الاحتلال. المجلس القروي يجمع أوراق ثبوتية لمتابعة القضية قانونياً، وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان تقدر مساحة الأراضي المحجوزة بقرابة 750 دونماً.
لم ينتظر المستوطنون في بؤرة سيدي إفرايم المقامة على جبل الريسان فوق أراضي ثلاث قرى فلسطينية غرب مدينة رام الله، انتهاء إجراءات حكومة الاحتلال لتسوية الأوضاع اللازمة قبل شرعنة البؤرة، ما يعني تحويلها إلى مستوطنة رسمية، وفق قرار صدر عن "الكنيست" في يونيو/ حزيران الماضي، وشمل "شرعنة" خمس بؤر استيطانية.
شرع المستوطنون بعد فترة وجيزة من صدور قرار الكنيست بعمليات تجريف في الأراضي المحيطة بالبؤرة الاستيطانية؛ وهي أراضٍ يملكها فلسطينيون حرموا خلال السنوات الست الماضية منذ إنشاء البؤرة، من الوصول إليها لزراعتها بسبب اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال.
لم يكن أهالي قرى خربثا بني حارث، وكفر نعمة، ورأس كركر يدركون طبيعة التجريف، حتى وصل مؤخراً إلى أراضٍ لا تبعد أكثر من 400 متر عن وسط خربثا بني حارث، ثم تتمدد نحو كفر نعمة. ويصف الأهالي ما يحصل بأنه "تجريف أصبحت أهدافه أكثر وضوحاً، فالمشهد يظهر شارعاً ممتداً على شكل دائري يحيط بمعظم الأراضي في المنطقة، وكأنه حدود ترسّم لما سيصبح عليه شكل المستوطنة وما يحيط بها من مناطق عازلة".
تملك عائلة محمود حمادة قرابة 50 دونماً في منطقة قريبة من جبل الريسان، وقد حرمت بشكل تدريجي منذ عام 2018 من الوصول إليها بسبب الزحف المتواصل للمستوطنين نحو أراضي الفلسطينيين، وتنفيذ هجمات متواصلة على كل من يحاول الوصول إلى أراضيه.
ويوضح حمادة لـ"العربي الجديد": "التضييقات والاعتداءات ليست جديدة، بل تتواصل منذ إقامة البؤرة على جبل الريسان. حتى قبل عدة أشهر، كنت أملك قطيع أغنام أرعاه في الأراضي القريبة من قريتي خربثا بني حارث، وأصل به إلى قاع الوادي القريب من القرية قبل الوصول إلى جبل الريسان، لكن مع بدء التجريف قبل قرابة ثلاثة أشهر، حرمت من رعي أغنامي بسبب ملاحقة المستوطنين للمزارعين، وهي ملاحقات لا تخلو من إطلاق الرصاص في كثير من الأحيان، ومع توقف الرعي اضطررت لبيع الأغنام".
ويقول رئيس مجلس قروي خربثا بني حارث، عبد الجبار أنجاص، لـ"العربي الجديد"، إن "الشوارع تقام على شكل حلقي لتسهيل السيطرة على الأراضي، ورغم عدم استبعاد تشكيل هذه الطرق حلقة وصل لعدد من المستوطنات المقامة غرب رام الله، إلا أن الهدف الأكثر ترجيحاً بالنسبة لي هو حجز مئات الدونمات من أراضي قريتنا، ومئات الدونمات الأخرى من أراضي قريتي كفر نعمة ورأس كركر، لأن الأراضي التي تحيط بها التجريفات تعد امتداداً لجبل الريسان الذي تقام عليه البؤرة الاستيطانية".
يضيف أنجاص: "فوجئ الأهالي بوصول التجريف إلى قلب القرية، وإلى أطراف المنطقة السكنية، ولم يتم إخطار الأهالي بأية قرارات مصادرة للأراضي التي يمتلكونها، والتي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم".
وجرف المستوطنون الشارع بادعاء أن الأراضي مصنفة "أراضي دولة"، وتمت عمليات التجريف بحماية جنود الاحتلال الذين أطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه فلسطينيين حاولوا الوصول إلى المكان لمعرفة أسباب التجريف ومحاولة وقفه، في حين بدأ المجلس القروي تجميع أوراق ثبوتية من أجل المتابعة القانونية، رغم عدم الوثوق بكل منظومة الاحتلال القضائية.
وتقدر هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مساحة الأراضي التي تحجزها التجريفات بقرابة 750 دونماً، معظمها من قريتي خربثا بني حارث وكفر نعمة. ويؤكد مدير عام العمل الشعبي في الهيئة، عبد الله أبو رحمة، أن "ما يفعله المستوطنون هو فرض أمر واقع لما ستؤول إليه البؤرة بعد شرعنتها، وبعد أن زارتها وزيرة الاستيطان، أوريت ستروك، والتي وعدت بإقامة 1800 وحدة استيطانية فيها. منطقة البؤرة صغيرة، فأين ستقام الـ1800 وحدة؟ يبدو أن المستوطنين يريدون وضع حدود لأوسع مساحة من الأراضي من أجل ذلك".
ويفسر أبو رحمة تجريفات المستوطنين ومسارعتهم لوضع حدود للأراضي، بأن "الإجراءات الرسمية الحكومية الإسرائيلية تأخذ وقتاً طويلاً في العادة ريثما يتم إقرار المخططات الهيكلية، ما يعني تأخر تنفيذ تحويل البؤرة إلى مستوطنة رسمية لوقت أطول مما يريده المستوطنون. المسافة القريبة جداً للتجريفات من وسط القرية تهدد المنازل بشكل مباشر، وتشكل تهديداً على للأهالي، فمن المتوقع أن ينفذ المستوطنون اعتداءات ضد الفلسطينيين".
وبدأ مستوطنون إقامة بؤرة سيدي إفرايم في عام 2018 على أراضي القرى الفلسطينية الثلاث في جبل الريسان، وهي عبارة عن غرف متنقلة، وتسببت حينها في احتجاجات للفلسطينيين استمرت عدة أشهر، وشملت مسيرات أسبوعية أصيب خلالها العديد من الفلسطينيين نتيجة قمع قوات الاحتلال لهم.