النمذجة السلوكية هي حالة تطبيقية لحل المشكلات السلوكية عند الطفل، وتعتبر أسلوبا من أساليب حل المشكلات من خلال التعلّم بالتقليد، أو التعلم بالنمذجة، أي النموذج المعد لتعديل السلوك، ويتم التعلم بتقليد هذا النموذج. ولقد أثبتت الدراسات التربوية نجاح هذا الأسلوب في تعديل السلوك غير المرغوب فيه عند الطفل وإصلاحه نحو السلوك الإيجابي أو المرغوب فيه.
لكن هذا لا يعني أن تستخدم التربية بالنمذجة كأسلوب تربوي في إعداد وإنشاء شخصية الطفل منذ نعومة أظافره، كنموذج تقليدي غير مرن، لكونها قد تنتج لنا نموذجا سلوكيا ذا قالب إيجابي، لكن المضمون النفسي قد يصيبه بعض الكبت والحرمان، مما يبرز مشكلات سلوكية مختلفة مستقبلاً، خاصة في سنوات المراهقة والشباب كالخجل الشديد أو الانضباط الصارم، وفقدان المرونة والانغلاق الفكري، والتبعية وعدم المبادرة، فأغلبها مشكلات سلوكية ونفسية نتجت عن استخدام التربية النمذجية بأساليب سلبية نذكر منها للتوضيح:
1- أساليب الضغط النفسي: يعبر عن الكثير من السلوكيات الوالدية غير الإيجابية، منها فرض نموذج بعينه على الأبناء، كنموذج الحصول على الدرجات التامة، من دون أي مراعاة للفروقات الفردية بين الأبناء.
أيضا فرض نموذج مهنة معينة على الطفل، من دون مراعاة أن الطفل كائن إنساني له ميول وقدرات خاصة، وشخصية يتفرّد بها عن الأب والأم، وكل أفراد العائلة، وهو يحتاج إلى بيئة تعلّم آمنة لا تقوم على الضغط والخوف، بيئة تعلّم مستقرة، أي لا تتبع المزاجية أو التقلب، ويحتاج بيئة تعلّم حرة ليبدع فيها، ويحقق ذاته تبعا لما تملكه شخصيته من قدرات كامنة يسعى إلى إبرازها واستثمارها نفسيا واجتماعيا، بالفعل أطفالنا قادرون على ذلك فقط.
هنا على الوالدين والمعلمين منح الأطفال الثقة والتوجيه المناسب، وتوسيع معرفتهم بنماذج سلوكية وتعليمية مختلفة ومتنوعة، لا تعتمد على فرض نموذج سلوكي واحد.
2- أساليب الترهيب: تكمن في إبراز العقوبات والتهديد بالعواقب إذا انحرف الطفل عن الطريق المرسوم له من الوالدين، وهنا الطفل يتعثر سلوكيا بصورة متكررة، وتكثر أخطاؤه التي يسعى جاهدا إلى عدم الوقوع فيها.
3- أساليب الإقصاء: وهي رفض النموذج الوالدي لأي ميول وقدرات تظهرها شخصية الطفل مخالفة للنموذج المراد الوصول إليه، وهنا الطفل يتعرض للكبت وإقصاء ما يرغب فيه، مما ينشأ عن سلوكيات عنيفة لدى الطفل، يبرزها في الوقت المناسب له.
توجيهات للوالدين
* النمذجة السلوكية أسلوب تربوي إيجابي لحل مشكلات الطفل وتعديل سلوكياته السلبية، لكنها غير مناسبة لاتخاذها قالبا شخصيا على الطفل أن يشكل نفسه فيه دون أي تجاوزات.
* النمذجة السلوكية أسلوب تربوي مميز إذا تنوعت نماذجها، أي كلما تنوعت واختلفت استطاع الطفل اختيار ما يناسب شخصيته، وهنا يتمتع ببيئة تعلّم مرنة.
* النمذجة السلوكية أسلوب تربوي فعال إذا استُثمرت في أساليب التربية الموجهة، وتكمن في تهيئة بيئة تعليمية إيجابية للطفل في البيت أو المدرسة، وإطلاق الحرية له للتنقل بين زواياها المتنوعة سواء للتربية أو للتعليم، بهدف السعي لتحقيق ذاته مع متابعة من الوالدين والمعلمين.
* النمذجة السلوكية فاعلة وإيجابية إذا فعلت لصالح فردية الطفل ونموذجه الذاتي، والذي يعبر خلاله بحرية عن ميوله وتفكيره وردود فعله المختلفة وقدراته الشخصية الخاصة بكل قياسها ومستوياتها.