التصعيد حدودياً نحو صعدة: استباق محادثات جنيف بضغوط ميدانية

24 اغسطس 2018
قوات الشرعية في تدريبات أخيرة (أحمد الباشا/فرانس برس)
+ الخط -


مع اقتراب الموعد المحدد من المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، لعقد جولة من مفاوضات السلام، ترتفع وتيرة العمليات العسكرية مجدداً على أكثر من جبهة في البلاد، بما فيها محافظة صعدة اليمنية معقل جماعة أنصار الله (الحوثيين)، والمناطق الحدودية، التي تمثل أولوية بالنسبة إلى السعودية، في وقتٍ تتراجع حدة المعارك، على الساحل الغربي، حيث محافظة الحديدة الاستراتيجية، والتي يبدو أنها تتحول إلى موضوع سيُطرح على طاولة المفاوضات، ما لم تحقق تقدماً محورياً خلال أقل من أسبوعين.

وارتفعت وتيرة المعارك في المناطق الحدودية أخيراً. وفي هذا الصدد، ذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن "القوات اليمنية الموالية للشرعية وبدعم ومشاركة من القوات السعودية والسودانية (ضمن التحالف)، كثّفت عملياتها في مناطق محافظة صعدة القريبة من الحدود، حيث تدور معارك عنيفة في تضاريس جبلية وعرة، على أكثر من محور، وأبرزها في مديرية باقم. وما أعلنت عنه القوات الحكومية أخيراً من عملية للتقدم باتجاه مران، المعقل الأول للحوثيين في صعدة، وصولاً إلى التقدم الذي تحقق للشرعية في مديرية حيران، بمحافظة حجة المجاورة لصعدة".

وفي وقت تجاهل الإعلام التابع للحوثيين أي حديث عن تفاصيل المواجهات الحدودية من الجانب المتعلق بمديريات صعدة، مستمراً بتغطية الاشتباكات الحدودية على الجانب السعودي، بدا واضحاً أن صعدة باتت محور العمليات العسكرية للتحالف وقوات الشرعية، مع تغطية مواكبة لوسائل الإعلام السعودي، تقدم تطورات صعدة بوصفها تهديداً كبيراً للحوثيين في معاقلهم، وبالذات منطقة مران، مسقط رأس زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، وهي المنطقة الأولى لنفوذ الجماعة وحروبها الأولى داخل صعدة.



وعلى الرغم من غموض التفاصيل المتعلقة بالأهمية العسكرية لمران وبقية مناطق صعدة القريبة من الحدود، والتي تسعى قوات الشرعية - التحالف إلى تحقيق اختراق نحوها، إلا أنها تكتسب رمزية بالنسبة إلى الحوثيين. وهناك اشتهر تصريح أطلقه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في مارس/آذار2015 (قبل عاصفة الحزم)، فحواه أن "القوات الحكومية ستصل إلى مران"، أي أنها ستعمل على إعادة الحوثيين إلى المربع الأول، بعد أن توسعوا وسيطروا على أبرز المدن اليمنية، بما فيها العاصمة صنعاء.

من زاوية أخرى، تعكس معارك صعدة الأولوية السعودية للمعارك، بالتركيز على المناطق الحدودية، التي هي مصدر انطلاق هجمات الحوثيين باتجاه الجانب السعودي، مع مواصلة الجماعة القصف المدفعي والصاروخي وتنفيذ عمليات اقتحام لمواقع سعودية على الحدود، يسقط إثرها جنود سعوديون بصورة متكررة، كما يعرض الحوثيون مشاهد لاقتحام بعض المواقع وأسر جنود سعوديين. كما حصل منذ أسابيع، عندما بثت الجماعة تسجيلاً لجندي أُسر، في ظل وجود أسرى آخرين بسجون الجماعة.

وانعكس العديد من العوامل الميدانية، على سير المعارك في الأشهر الماضية، والتي اتخذت طابع الكر والفر أو التقدم البطيء لقوات الشرعية، ودارت المواجهات، في مناطق جبلية وعرة بالغالب، حفر فيها الحوثيون الخنادق وزرعوا الألغام، في ظل تعرّضها لقصف جوي ومدفعي وصاروخي مكثف، منذ سنوات، سقط بسببه العديد من المدنيين.

في غضون ذلك، يتزامن التصعيد في صعدة، مع التحضيرات التي تجريها الأطراف للمشاركة في جولة مفاوضات جنيف المقرر أن تتم في السادس من سبتمبر/أيلول المقبل، وفقاً لإعلان المبعوث الأممي مارتن غريفيث، أمام مجلس الأمن، مطلع الشهر الحالي. ويقول مسؤولون في الشرعية إن "التطورات العسكرية في صعدة، على الأقل، من شأنها أن تنعكس على طاولة المفاوضات بإجبار الحوثيين على تقديم التنازلات"، لكن اللافت بالتزامن، هو أن ملف التصعيد العسكري في الحديدة، والذي تتصدر واجهته من جانب التحالف، الإمارات، لم يسجل أي تحول محوري جديد، وبالتالي فإن الحديدة قد تصبح أحد أهم عناوين المشاورات العتيدة، في إطار الترتيبات التي يبحثها المتحاورون.