14 نوفمبر 2024
التحرّش في العالم غير الذكوري أيضاً
كأن العالم للتو اكتشف ظاهرة التحرش، فمنذ شهرين تقريبا لا يكاد يمر يوم من دون أن نسمع أو نقرأ فيه عن فضيحة جديدة تتعلق بالتحرّش هنا أو هناك. أخبار كثيرة فجأة انهالت علينا من كل الجهات تقريبا عن متحرّشين، ذكور بنساء، من كل التوجهات والخلفيات، وفي بيئات مختلفة؛ الفن والمال والأعمال والرياضة والسياسة والاقتصاد، بل وصل الأمر أحيانا إلى أخبارٍ عن تحرّش كان يتم تحت غطاء ديني.. ويا للغرابة!
ولعل الاهتمام الإعلامي الواسع الذي حظيت به أخبار التحرّش في العالم هو الذي شجع حملات نسائية كثيرة انطلقت تحت شعار "مي تو"، أي "أنا أيضا". أما البداية فكانت تحقيقا صحافيا مثيرا كشف عن تورّط المنتج السينمائي الهوليوودي الشهير، هارفي وينستين، في حوادث تحرّش كثيرة، أقدم عليها تجاه ممثلات عملن معه على مدى مشواره الطويل في إنتاج الأفلام السينمائية. والغريب أن قائمة اللواتي تحرّش بهن وينستين تضم نجمات شهيرات، فضّلن الصمت سنوات طويلة، قبل أن يتجرأن أخيرا على البوح بما تعرضن له، وهو ما تسبب في توجيه مزيد من الانتقاد لهن على صمتهن الطويل الذي شجّع المتحرّش على التمادي في أفعاله تجاه أخريات، خصوصا الصغيرات الباحثات عن الشهرة تحت أضواء "هوليوود".
فضائح هذا المنتج مع ضحاياه، والتي أودت به إلى طلب العلاج النفسي، قبل أن يواجه مصيره في المحاكم، كشفت عن فضائح لآخرين، يماثلونه في الشهرة في أوروبا وأميركا. ومع كل خبر جديد، تتشجع ضحية أخرى، لتكشف عن فضيحة جديدة، وهكذا كرّت السبحة، وتساقطت أحجار الدومينو بشكل لافتٍ، ومثير للاستغراب فعلا، بالنسبة لمن كانوا يعتقدون أن التحرّش مرتبط بالمجتمعات التي توصف عادة بالذكورية البحتة، فإذا بنا نكتشف أن ما يسمّى العالم المتحرّر، والذي يُفترض أن نساءه لا يعانين من القمع الذكوري على صعيد اللباس والحرية الشخصية على الأقل، غارق في المشكلة، الأمر الذي أحرج أو سيحرج فئة من المثقفين والكتاب العرب الذين كانوا يرون أن الشكل المحافظ لمجتمعاتنا هو السبب الأول في تفاقم ظاهرة التحرّش. ولعل كثيرين منا يتذكّرون الصورة الفوتوغرافية الشهيرة التي يستخدمها من يعتقد ذلك في تدويناته على منصات التواصل الاجتماعي توكيدا لفكرته. والصورة لقطتان، إحداهما لنساء يلبسن ملابس محتشمة جدا تخفي أجسادهن ووجوههن تماما، ومع هذا نجد في اللقطة رجالا ينظرون إليهن نظرات غير بريئة، على العكس ما يبدو في اللقطة الثانية، والتي ترتدي فيها النساء ما قلّ من الثياب التي تكشف عن أجزاء كبيرة من أجسادهن، لكن ذلك لم يكن ليثير انتباه الرجال الذين يجلسون مشيحين أنظارهم بعيدا عنهن، فهل آن الأوان ليغير مستخدمو تلك الصورة تعريفهم للمقصود بالمجتمع الذكوري، بعيدا عن أحكام الجغرافيا؟
ربما كان مناسبا التذكير هنا بمقالٍ نشرته صاحبة هذه السطور في هذه المساحة، عنوانه "القانون وحده لا يكفي"، علّق على مطالباتٍ انتشرت بإلحاح في بلد خليجي معين، باستحداث قوانين تكافح التحرّش، وكأن وجود هذا القانون وحده يكفي لينهي المشكلة. كتبت في ذلك المقال، أن هذا "غير صحيح بالمطلق، فحتى في البلاد التي تحظى النساء فيها بقوانين تحميها من التحرّش، لم يختفِ التحرّش نهائياً، لكنه لم يصبح ظاهرة على الأقل". وأضيف الآن، أن حكاية هارفي وينستين ورفاقه المتحرّشين في العالم "غير الذكوري"، و"غير المحافظ"، دليل على أن الحكاية تربوية وأسرية، وثقافة عامة، واحترام ذاتي.. وقانون أيضاً.
ولعل الاهتمام الإعلامي الواسع الذي حظيت به أخبار التحرّش في العالم هو الذي شجع حملات نسائية كثيرة انطلقت تحت شعار "مي تو"، أي "أنا أيضا". أما البداية فكانت تحقيقا صحافيا مثيرا كشف عن تورّط المنتج السينمائي الهوليوودي الشهير، هارفي وينستين، في حوادث تحرّش كثيرة، أقدم عليها تجاه ممثلات عملن معه على مدى مشواره الطويل في إنتاج الأفلام السينمائية. والغريب أن قائمة اللواتي تحرّش بهن وينستين تضم نجمات شهيرات، فضّلن الصمت سنوات طويلة، قبل أن يتجرأن أخيرا على البوح بما تعرضن له، وهو ما تسبب في توجيه مزيد من الانتقاد لهن على صمتهن الطويل الذي شجّع المتحرّش على التمادي في أفعاله تجاه أخريات، خصوصا الصغيرات الباحثات عن الشهرة تحت أضواء "هوليوود".
فضائح هذا المنتج مع ضحاياه، والتي أودت به إلى طلب العلاج النفسي، قبل أن يواجه مصيره في المحاكم، كشفت عن فضائح لآخرين، يماثلونه في الشهرة في أوروبا وأميركا. ومع كل خبر جديد، تتشجع ضحية أخرى، لتكشف عن فضيحة جديدة، وهكذا كرّت السبحة، وتساقطت أحجار الدومينو بشكل لافتٍ، ومثير للاستغراب فعلا، بالنسبة لمن كانوا يعتقدون أن التحرّش مرتبط بالمجتمعات التي توصف عادة بالذكورية البحتة، فإذا بنا نكتشف أن ما يسمّى العالم المتحرّر، والذي يُفترض أن نساءه لا يعانين من القمع الذكوري على صعيد اللباس والحرية الشخصية على الأقل، غارق في المشكلة، الأمر الذي أحرج أو سيحرج فئة من المثقفين والكتاب العرب الذين كانوا يرون أن الشكل المحافظ لمجتمعاتنا هو السبب الأول في تفاقم ظاهرة التحرّش. ولعل كثيرين منا يتذكّرون الصورة الفوتوغرافية الشهيرة التي يستخدمها من يعتقد ذلك في تدويناته على منصات التواصل الاجتماعي توكيدا لفكرته. والصورة لقطتان، إحداهما لنساء يلبسن ملابس محتشمة جدا تخفي أجسادهن ووجوههن تماما، ومع هذا نجد في اللقطة رجالا ينظرون إليهن نظرات غير بريئة، على العكس ما يبدو في اللقطة الثانية، والتي ترتدي فيها النساء ما قلّ من الثياب التي تكشف عن أجزاء كبيرة من أجسادهن، لكن ذلك لم يكن ليثير انتباه الرجال الذين يجلسون مشيحين أنظارهم بعيدا عنهن، فهل آن الأوان ليغير مستخدمو تلك الصورة تعريفهم للمقصود بالمجتمع الذكوري، بعيدا عن أحكام الجغرافيا؟
ربما كان مناسبا التذكير هنا بمقالٍ نشرته صاحبة هذه السطور في هذه المساحة، عنوانه "القانون وحده لا يكفي"، علّق على مطالباتٍ انتشرت بإلحاح في بلد خليجي معين، باستحداث قوانين تكافح التحرّش، وكأن وجود هذا القانون وحده يكفي لينهي المشكلة. كتبت في ذلك المقال، أن هذا "غير صحيح بالمطلق، فحتى في البلاد التي تحظى النساء فيها بقوانين تحميها من التحرّش، لم يختفِ التحرّش نهائياً، لكنه لم يصبح ظاهرة على الأقل". وأضيف الآن، أن حكاية هارفي وينستين ورفاقه المتحرّشين في العالم "غير الذكوري"، و"غير المحافظ"، دليل على أن الحكاية تربوية وأسرية، وثقافة عامة، واحترام ذاتي.. وقانون أيضاً.