يرى ناصر بوريطة، الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية المغربي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ العلاقات بين المغرب ودول الخليج نضجت بما فيه الكفاية خلال العقد الأخير، فكان لزاماً استكمال الشراكة الاستراتيجية التي تجمع المملكة ببلدان الخليج في العديد من المجالات، بدءاً من الروابط السياسية والتاريخية، ومررواً بالتعاون الأمني والعسكري، وانتهاء بالاستثمارات الاقتصادية.
وبخصوص توقيت التطور المتصاعد في علاقات الرباط ودول مجلس التعاون الخليج، يعتبر المسؤول المغربي أن "الأمر يتعلق بتحديات سياسية وأمنية كبيرة تنتظر المغرب وحلفاءه في الخليج، وهي تحديات تكاد تتشابه فيما بينها، ما يجعل ضرورة التحالف والتنسيق بين الطرفين حتمياً ولا مفر منه".
ويلفت بوريطة إلى أن المنطقة تعرف سياقاً جيوسياسياً حساساً غير مسبوق، إذ تتزايد الأزمات والمخاطر الأمنية والسياسية والاقتصادية أيضاً، بالنظر إلى ما يحدث في اليمن وسورية والعراق. ويضاف إلى ذلك "التهديدات التي تحمل في طياتها بذور الانفصال والتفرقة"، على حد قوله. ووفقاً لبوريطة فإن "جميع هذه العوامل حتّمت على المغرب وأشقائه الخليجيين وضع اليد في اليد لمواجهة تلك الأخطار والتحديات".
من جهته، يرى رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، عبد الرحيم المنار اسليمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن درجة المخاطر الجيو-استراتيجية الناتجة عن التحولات المتسارعة في النظام الدولي، تفسّر إلى حد بعيد التقارب المغربي الخليجي الراهن. ويلفت اسليمي إلى أن "دول مجلس التعاون الخليجي تشعر بتحالف جديد آتٍ بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، يسلّم فيه الأميركيون وظيفة (الشرطي الإقليمي) لإيران"، على حد قوله.
في المقابل، يوضح اسليمي أنّ المغرب يشعر بضغط البريطانيين والأميركيين، عبر قناة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والهادف إلى تغيير في إطار نزاع الصحراء الذي يقدم فيه المغرب منذ سنة 2007 مقترحاً الحكم الذاتي كحل للنزاع، في مواجهة مطالب جبهة البوليساريو الراغبة في انفصال الصحراء.
ويعتبر رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات أنّ مصالح المغرب والخليج كمجموعة دول ظلت مستقرة، تلتقي في نقطة "إيجاد تكتل استراتيجي جديد يحدّ من المخاطر الآتية من بوابات التوتر في سورية، والعراق، واليمن، وليبيا، والإرهاب، والانفصال، ويقلّص مخاطر مشاريع التقسيم والتفكيك في العالم العربي".
وبخصوص النتائج التي يقدمها هذا التقارب بين المغرب ودول الخليج، يوضح اسليمي أن الأمر يتعلق "بإنشاء تكتل استراتيجي كنموذج جدي للعمل العربي المشترك بديلاً عن القمم العربية الكلاسيكية"، لافتاً إلى أن "الجامعة العربية كتنظيم إقليمي لم تعد قادرة على احتواء المخاطر المحيطة بالدول العربية".
ويتوقع رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات أن يظل هذا التكتل الاستراتيجي المغربي الخليجي محصوراً في عدد ضيق من الدول، قد يضاف لها مصر والأردن. كما يرجّح أن "ينتج أثراً في الأحداث والوقائع الحالية سواء في الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا"، مؤكدا أن "التكتل الاستراتيجي المغربي الخليجي قادر على مناقشة قضايا التوازن الإقليمي والدولي في مرحلة هذه الفوضى الاستراتيجية الجديدة التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية"، على حد قوله.