التجنيد الإلزامي قد يعود إلى العراق

26 ديسمبر 2014
لنظام الخدمة العسكرية الإلزامية إيجابيات وسلبيات (صفاء حاتم مطلب)
+ الخط -
لن يتردّد يونس جمعه (46 عاماً) في تسجيل ابنه طارق (18 عاماً) في أي مركز ببغداد، في حال أقرّ التجنيد الإلزامي الذي وعدت به الحكومة والبرلمان. والسبب، كما يقول لـ"العربي الجديد"، أنه "يأمل من خلال انخراطه في الجيش العراقي أن يصبح أكثر اتزاناً، لأن الجيش مدرسة للتعليم والتثقيف وبناء الذات. كما أنه لم ينجح في ذلك حتى الآن". يضيف أن "عودة نظام الخدمة العسكرية الإلزامية له فوائد أخرى، منها التخفيف من الاصطفاف الطائفي والقومي؛ لأنه سيجمع مختلف الطوائف والأديان ومن جميع المحافظات".

من جهته، يرى رتيب مهدي (23 عاماً)، وهو طالب في كلية الزراعة بجامعة بغداد، أن "عودة نظام التجنيد الإلزامي، هو تكرار لمآسي الأنظمة السابقة التي أفرزت سلبيات استمرت عقوداً، وما زال المجتمع العراقي يدفع ثمنها حتى الآن، لأنه كان أداة لقمع الشباب وتعذيبهم، ورميهم في أماكن مختلفة، وعدم التعامل معهم بإنسانية، بالإضافة إلى أنه يؤدي إلى إبعاد الشباب عن الإبداع والتقدم".

في السياق، تؤكد لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب أن مشروع قانون الخدمة الإلزامية يتم دراسته في الوقت الحاضر، آملة أن يتم طرحه خلال جلسات مجلس النواب المقبلة لقراءته ومناقشته داخل قبة البرلمان. في السياق، يقول عضو اللجنة النائب إسكندر وتوت لـ"العربي الجديد" إن "اللجنة حرصت على أن يشمل القانون كل فئات المجتمع من دون تمييز بين قومية أو مذهب، فضلاً عن تحديده مدة الخدمة، وتتراوح ما بين تسعة أشهر وسنة، بالإضافة إلى منح المكلفين بالخدمة الإلزامية امتيازات كرواتب ومكافآت تشجيعية وغيرها".

أما مستشارة رئيس مجلس النواب، وحدة الجميلي، فتؤكد لـ"العربي الجديد" أن كثيرا من الشباب اليوم انخرطوا في تجمعات مسلحة أو غير مسلحة، تتبنى خيارات لا تتوافق مع أفكار وعادات المجتمع العراقي. فضلاً عن أن بعضهم ذهب يدافع عن منطقة دون أخرى لأسباب طائفية أو قومية. وهذا لا يجب أن يحدث؛ لأن العراق للجميع. لذلك، يفترض أن تكون للعراقيين رؤية وطنية وعربية هدفها الدفاع عن هذه الأرض والأمة، وهذا لا يتم من خلال التجمعات، بل عبر جيش عراقي موحد يتم بناء نواته من خلال الشباب".

وتلفت الجميلي إلى أن "إلغاء التجنيد الإلزامي، هو أحد أبرز أخطاء الحكومات السابقة. لذلك، يجب أن نعيد التفكير بشكل فعلي وحقيقي لإعادته، فتتحول مراكز تدريب الجيش إلى مراكز ثقافية وعلمية، وليس عسكرية فقط".

في السياق، يقول الباحث الاجتماعي طلال خيري لـ"العربي الجديد" إن التجنيد الإلزامي موجود في غالبية دول العالم، ومن إيجابياته توعية الشباب وتهيئتهم للمستقبل، حتى يتم الاستفادة منهم في أوقات الطوارئ، أو في حال حصول عدوان مفاجئ على البلاد، بالإضافة إلى إعداد جيل لا يخاف من العسكر. ونلاحظ أن كثيرا من الشباب لا يعرفون كيفية التعاطي مع الجنود أو أفراد الشرطة، ويخشون اعتقالهم". إلا أنه ينتقد القائمين على قانون الخدمة الإلزامية وعدم تضمينه فقرة تخص الفتيات، مبيناً أنه كان الأجدر بهم تضمين فقرة لتخيير الفتيات، ومساواتهن بالرجال، من دون تجاوز الأعراف والتقاليد العشائرية السائدة في بعض المناطق في البلاد.

في المقابل، تقول الباحثة الاجتماعية، ميادة شوكت، لـ"العربي الجديد" إنه "إذا كانت الدولة تريد فرض التجنيد الإلزامي بسبب البطالة، فستخسر خزينة الدولة أموالاً كثيرة يمكن أن تخصص لتسليح الجيش، أو تستثمر في قطاعات خدماتية واقتصادية. كما أن هذا النظام يدفع إلى عسكرة المجتمع. فقبل عام 2003، كان هناك أكثر من تسعة ملايين جندي. بعده، قل العدد إلى نحو ستة ملايين". وتضيف أن "فترات التجنيد الطويلة وعسكرة المدنيين قد تخلق نزاعاً للاستحواذ على السلطة من خلال الانقلابات العسكرية".

إلى ذلك، يقول مستشار وزير التخطيط عارف نهدان لـ"العربي الجديد" إنه "يمكن تجاوز الوقوع في أخطاء قانون التجنيد الإلزامي من خلال توفير مراكز تضم الشباب ذكوراً وإناثاً منذ سن مبكرة، للانخراط في ورش ودورات مدنية بعيدة عن المظاهر العسكرية، على أن يخضعوا لتمارين بدنية وذهنية، بالإضافة إلى دورات في التمريض والصحة والهندسة والعلوم الطبيعية والمواصلات والاتصالات والحرف وإدارة الأعمال، وذلك خلال الدوام الدراسي أو العطل. عدا عن تزويد الشباب بثقافة الالتزام والانضباط وروح التضحية والخدمة العامة".
المساهمون