البنات الست.. فلسطيني يواجه البطالة بمطعم في منزله

غزة

محمد السوافيري

avata
محمد السوافيري
23 اغسطس 2020
+ الخط -

استقرّ حال الفلسطيني داوود البوجي بعد أنّ قرر افتتاح مطعمه الخاص للوجبات السريعة وخبز التميس في منزله، وسط معسكر الشاطئ غربي مدينة غزة، بعد أن لاحقه شبح البطالة منذ أن تخرّج من الجامعة قبل نحو 20 عاماً بتخصّص فني أسنان.
ظلّ البوجي يتنقل منذ تخرّجه وحتى اليوم بين عملٍ وآخر، وهو الماهر في صناعة المخبوزات والحلويات على اختلاف أنواعها، إلى أن أصيب بمرض الغضروف الذي حرمه من العمل في العديد من المهن، خاصة تلك التي تحتاج إلى أحمال وحركة من دون انقطاع أو راحة. فالتجأ إلى افتتاح مشروعه الخاص الذي أطلق عليه اسم "البنات الست"، بعدد بناته الست اللواتي يشاركنه في العمل بالمطعم بكلّ حب واجتهاد.

 

مخبز الست بنات - غزة (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)

ما يميّز مشروع الشاب البوجي أنّه المطعم والمخبز الأول من نوعه داخل منزل صغير، وسط مخيم الشاطئ للاجئين، حيث اقتطع غرفتين من منزله ليحولّهما إلى مطعم حقيقي، بكلّ محتوياته وأدواته، ويستقبل فيه طلبات زبائنه عبر الهاتف، بالاستعانة ببناته وزوجته اللواتي يشاركنه في إعداد المخبوزات على اختلاف أنواعها.
ويبدي اللاّجئ البوجي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، سعادته لمشاركة بناته الست اللواتي يقفن إلى جانبه في كل تفاصيل العمل، ويقوم هو وزوجته بتوزيع المهام عليهن، وفق المهمة التي تناسب عمر الطفلة، والقدرة الجسدية لكل واحدةٍ منهن.
ولتحفيز بناته، التي تبلغ من العمر أكبرهنّ، مريم، 14 عاماً وأصغرهنّ، أمل، ثلاثة أعوام، قام البوجي الذي يناديه زبائنه بـ"أبو مريم" بتسمية مطعمه "البنات الست". وزيّن البوجي المطعم بالأحرف الأولى من أسمائهنّ، إذ هو يفخر بتدريبهنّ وتعلميهنّ كل تفاصيل العمل، حتى يصبحن ماهرات في تقديم أفضل وأشهى الوجبات للزبائن.

 

مخبز الست بنات - غزة (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)

ورغم أنّ الزوج هو الشيف الأول للمطعم، إلاّ أنّ زوجته "أم مريم" تقف إلى جانبه في إعداد الوجبات وتلبية طلبات الزبائن، وتجهّز له أنواع الخلطات التي يقوم بتحديد مقاديرها لكل وجبة، وقد أبدت سعادتها بهذا المشروع، وعبّرت عن أملها أن تصل منتجاته إلى كل محافظات قطاع غزة.
ولا تتأفّف "أم مريم" من كون المطعم قد اقتطع جزءاً ليس صغيراً من بيتها، وقالت: "الجميل في مشروعنا أنه تعاوني بين زوجي وبناتي اللواتي لهن مهمات تناسب أعمارهن".
وتسعى زوجة البوجي (34 عاماً) إلى التوفيق بين مهمّاتها المنزلية وتلبية احتياجات بناتها المدرسية وغيرها، عبر جدولٍ منظّم تضعه على الحائط، وتضيف: "حياتنا تسير عبر جدول منظّم ومحدّد للدراسة والنوم والطعام والعمل، وأسعى دائماً للتجديد والتحديث حتى لا تشعر بناتي بالملل".
ولاقى المطعم، الذي جهّزه البوجي وزوجته بأحدث المعدات، استحساناً وإقبالاً من الزبائن بشكل لم يتوقعانه، ولا يزال البوجي يعكف على تطوير وتحسين منتجاته لتناسب كلّ أذواق الزبائن وتلبيتها بشكل سريع.
تبدو مرام، الطفلة الأوسط للفلسطيني البوجي (12 عاماً)، كأنها محاسبة في أحد المطاعم الكبيرة وهي تستقبل عبر الهاتف النقّال طلبات الزبائن واستفساراتهم، وتستمع بشغف لملاحظاتهم.
كانت تبدو سعيدة بمشروع والدها وأخواتها، كونه فريدا من نوعه، وقالت: إنّها تحاول وأخواتها التوفيق قدر الإمكان بين الدراسة والعمل مع والدها"، وأكّدت أنّ أخواتها من المتفوّقات في مدارسهن، وتأمل أن تكمل دراستها وأن تتخرّج من الجامعة بتخصّص المحاسبة.
أما رؤى (13 عاماً)، فهي تبدو ماهرة في تقليب المخبوازت داخل الفرن بمساعدة ومساندة والدها، وتؤكّد أنّها تحب هذا النوع من العمل وتحبّ التخصّص في عملها من أجل تقديم مخبوزات شهية للزبائن تزيد من إقبالهم عليها.

 

مخبز الست بنات - غزة (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)

ذات صلة

الصورة
مكب نفايات النصيرات، في 21 مايو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

يشكّل مكبّ نفايات النصيرات في قطاع غزة قنبلة بيئية وصحية تُهدّد بإزهاق الأرواح وانتشار العديد من الأمراض والأوبئة، وسط أوضاع إنسانية مأساوية..
الصورة
حرب غزة | آثار قصف المواصي في رفح 22/6/2024 (بشار طالب/فرانس برس)

سياسة

ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة جديدة بعد قصفها خيام نازحين في منطقة المواصي بمدينة رفح في أقصى قطاع غزة، التي سبق أن ادعت أنها مناطق آمنة.
الصورة
عائلة أبو عمشة في غزة تعاني من ويلات النزوح والمرض والحرب، 18 يونيو 2024 (الأناضول)

مجتمع

لم يتجاوز عمر الطفلة انشراح أبو عمشة الـ 16 عاماً، عاشتها في غزة كغيرها من أطفال القطاع المحاصر غير أنها عانت خلال أعوامها الصغيرة الحرب والسرطان
الصورة
عيد التحرر من العبودية بأميركا

منوعات

شهدت احتفالات ذكرى التحرر من العبودية في الولايات المتحدة الهتاف والغناء من أجل تحرير فلسطين، وذلك في الفعالية التي أقيمت في واشنطن.