البطالة تتصاعد في تونس وسط تراجع النمو

07 سبتمبر 2019
تحرك شبابي ضد البطالة (فرانس برس)
+ الخط -
634.9 ألف عاطل عن العمل في تونس، خذلهم تراجع النمو الاقتصادي وتعطل الاستثمارات، بعد انقضاء ثماني سنوات من انطلاقة ثورة كان التشغيل أحد مطالبها. وفي حين يواجه الشباب الوافد إلى سوق العمل وضعاً اقتصادياً صعباً، تتباين نسب النمو المحققة مع التقديرات التي تضعها الحكومة في الموازنات.

وتمكَن كل نقطة نمو بحسب الاقتصاديين من خلق 17 ألف فرصة عمل، في حين أنه منذ عام 2013 تتأرجح نسب النمو المحققة ما بين 0,8 في المائة و2,5 في المائة، في مقابل تقديرات حكومية تراوح ما بين 2,5 في المائة و4,5 في المائة.

ويروي الشاب هادي الدريدي (28 عاماً) تجربته مع البطالة التي جعلته يفقد من عام إلى آخر الأمل في الحصول على وظيفة قائلاً: "أراوح مكاني منذ خمسة أعوام، أتردد بين مكاتب التوظيف الحكومي والخاص وشركات الهجرة دون أن أجد حلا لمشكلتي".

ويقول هادي إن أزمته بدأت من يوم تخرجه بعد حصوله على شهادة في اختصاص أدبي وهي أصعب الاختصاصات في النفاذ إلى سوق العمل، مؤكدا أنه سجل لدى مكتب التشغيل الحكومي على قائمة عمال ستنتدبهم مؤسسة ألمانية مختصة في صناعة كوابل السيارات.

ويشير إلى أنه مدرج منذ ستة أشهر في قائمة المقبولين في هذه الوظيفة، غير أن المستثمر الألماني الذي كان ينوي القيام بتوسعات في مصنعه أوقف المشروع، وتوقفت معه أحلام هادي بالحصول على الوظيفة إلى إشعار آخر. ويضيف هادي أنه "كثيرا ما تتردد على مسامعنا أحاديث من مسؤولين محليين وحكوميين، عن مشاريع استثمارية جديدة ستفتح أفق التشغيل غير أن أغلبها يظل حبراً على ورق وتبقى مشاكل البطالة على ما هي عليه، خاصة داخل المحافظات التي تعرف نمواً ضعيفاً.

بدوره، يشرح الخبير الاقتصادي معز الجودي أن نسب البطالة في تونس ستظل مرتفعة وسيزيد الشعور بالخذلان في صفوف العاطلين عن العمل، ما لم يتجاوز الاقتصاد التونسي نسب النمو الضعيفة التي يحققها كل عام.

وينتقد الجودي في تصريح لـ"العربي الجديد" فشل الحكومات المتعاقبة في تنشيط محركات الإنتاج الخالقة للثروة في مقابل المغالاة في التفاؤل بشأن تقديرات النمو سنوياً، مشيراً إلى أن التباين الكبير بين تقديرات النمو والنسب المحققة فعليا يعكس سوء التقدير الحكومي للمؤشرات الاقتصادية التي تبنى عليها الموازنة ما يفسر استمرار احتقان الوضع الاجتماعي.

ويعتبر الجودي أن كل شعور بالخذلان لدى العاطلين عن العمل يساوي احتجاجات جديدة وارتفاع المطالب الاجتماعية التي تلبّى عادة بآليات التشغيل الهش أو حلول ترقيعية تثقل كاهل الموازنة العامة وتدفع نحو الاستدانة الخارجية. ويدعو الخبير الاقتصادي إلى الواقعية في معالجة مشكلة البطالة وإعادة النظر في التقديرات السنوية لنسب النمو مع العمل على تنشيط محركات الاقتصاد الرئيسية وأهمها الفوسفات والصناعات المعملية والزراعة.

في المقابل، يقول عضو منظمة رجال الأعمال حمادي الكعلي إن القطاع الخاص لا يتحمل مسؤولية ضعف النمو، معتبرا رأس المال التونسي وطنياً، وقد كُبل بالصعوبات والقرارات الحكومية عبر زيادة الضرائب، من أجل المساهمة في زيادة الإيرادات.

ويعتبر الكعلي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الاقتصاد التونسي "ضحية" مناخ جيوإقليمي صعب، مؤكدا أن الأزمات في دول الجوار أثرت على نسب النمو في تونس ولم تساعد على ضخ الاستثمارات وزيادة الثروة الخالقة لفرص العمل.

وكان صندوق النقد الدولي دعا تونس إلى وضع حد لابتعاد المستثمرين عن البلاد، حتى تتمكن من خفض معدلات البطالة المرتفعة، التي تبلغ 15 في المائة، وتصل إلى 35 في المائة بين الشباب، واعتبره أمراً هاماً وضرورياً للحفاظ على استقرار المجتمع والاقتصاد.

وتلفت المسؤولة في منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية نجلاء عرفة إلى أن الاحتجاجات المتعلقة بمطالب الشغل لم تتوقف يوما في تونس منذ عام 2011، مشيرة إلى أن المرصد يسجل في عمليات الرصد الشهرية التي يقوم بها تواصل تحركات المطالبين بالعمل.

وتضيف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن مجموع الاحتجاجات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي تفوق الـ 30 في المائة من مجموع التحركات التي يحصيها المنتدى سنوياً. وتشرح أن هذه الاحتجاجات تكثر خاصة في المناطق التي ينزل فيها مؤشر التنمية بنسب كبيرة، معتبرة أن الاحتجاجات التي تأخذ أشكالاً عنيفة في بعض الأحيان هي تعبير اجتماعي عن حالة الغضب المتفاقمة بسبب انتشار البطالة في البلاد.
المساهمون