الانتفاضة ضدّ الحوثيين في صنعاء تتّسع

03 أكتوبر 2014
تظاهرات صنعاء بدعم مدني ويساري (سينان يتير/الأناضول)
+ الخط -
شهدت العاصمة اليمنيّة صنعاء في الأيام الماضية، تظاهرات سلميّة تخللتها دعوات إلى المطالبة بخروج مسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) من العاصمة، التي باتت تتحكّم فيها عملياً بشكل كبير. وحملت التظاهرات التي شارك فيها المئات من المواطنين والناشطين في صنعاء، لافتات منددة بسيطرة الحوثيين. وكان لافتاً خروج الاحتجاجات بتنظيم ودعم من تيارات يساريّة ومدنيّة، لم يخفِ بعضها تعاطفه مع الحوثيين، قبل وصولهم إلى العاصمة.

وفي حين كان القطاع الطلابي للحزب "الاشتراكي اليمني"، و"التنظيم الوحدوي الناصري"، من أبرز الأطراف المنظّمة للاحتجاجات، فضّل حزب "التجمع اليمني للإصلاح"، الخصم السياسي الأبرز للحوثيين، الابتعاد عن واجهة المشهد بعد أن اختار عدم المواجهة المسلّحة مع الجماعة داخل العاصمة.

ويرى محللون يمنيون أنّ الاحتجاجات ضد تواجد الحوثيين في صنعاء، بدعوة ودعم من أحزاب يساريّة وفعاليات مدنيّة، تعبّر عن اتساع دائرة النقد ضدّ جماعة الحوثي وتجاوزها نطاق خصومه التقليديين، أي السلطة والأطراف القبلية والدينية، لتصل إلى مختلف الشرائح السياسيّة والمدنيّة. ويبدو أنّ هذه الاحتجاجات مرشّحة للتصاعد في الفترة المقبلة، ما لم تطرأ على المشهد تطوّرات تغيّر الصورة الموجودة.

ويعتبر خالد، وهو من أبناء محافظة عمران، أنّ الاحتجاجات التي خرجت في صنعاء، كسرت حاجز الرهبة عند سكان العاصمة تجاه الحوثيين، وهذا ما لم يحصل في عمران بعد سيطرة الحوثيين عليها. ويقول لـ"العربي الجديد"، إنّها بداية مشجعة للتحرّك الشعبي، الذي لم يتمكّن المواطنون في عمران وصعدة من القيام به.

تضع هذه الاحتجاجات الحوثيين أمام تحديات عدة، منها أنهم باتوا في صنعاء عرضة لمعارضة كلّ من ليس حوثياً، لكنّ قرار الانسحاب من عدمه، يتوقّف على نوايا الحوثيين أنفسهم، فإذا كان هدفهم من دخول صنعاء ما حققوه حتى الآن، بسقوط معسكر الفرقة وخروج اللواء علي محسن الأحمر، فإن الانسحاب يخدم الجماعة ويوقف نزيف شعبيّتها، أما إذا كانت تخطّط للسيطرة على الحكم، أو المزيد من التوسّع، فهذا يجعل المشهد مفتوحاً أمام احتمالات أكثر تعقيداً، منها أن تسعى الجماعة إلى تشديد قبضتها وتتخذ إجراءات تحدّ من فاعلية معارضتها سلمياً.

وكان زعيم "أنصار الله" عبدالملك الحوثي والمتحدّث الرسمي باسم الجماعة، محمد عبد السلام، قد أكدا بقاء مسلحي الجماعة تحت مسمى "اللجان الشعبيّة"، وهو أمر من الطبيعي أن يثير معارضة الآخرين الذين لا يتفقون مع الحوثي.

ومن الخيارات التي أثارت نقاشات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكن أن يلجأ الحوثيون إليها، أو تُقدّم كحلٍ في الفترة المقبلة، ما يصطلح على تسميته "حوثنة" الجيش والأمن، أو "تجييش" الحوثيين، بحيث تنسحب الميليشيات بصورتها الحالية، ثم تعود إلى الشوارع بملابس عسكريّة وأمنيّة نظاميّة بالتنسيق مع مؤسّسات الدولة المعنيّة أو بتجنيدها رسمياً.

وبين مختلف التعقيدات القائمة، تبدو الاحتجاجات السلميّة المدنيّة ورقة فعالة، تكسر حاجز الرهبة من سلطة الحوثيين، مع عدم إغفال أنّ التطورات في اليمن يمكن أن تأخذ منحى مختلفاً يصعب تحديده في ظل ارتباط أجندة الحوثيين بأجندة إيران.