ما زال القانون الجنائي الموريتاني يشكل عقبة كبرى أمام مناهضي جرائم الاغتصاب والمدافعين عن توقيع عقوبات رادعة على المعتدين.
وبالرغم من الارتفاع في عدد حالات الاغتصاب، تجد الضحايا أنفسهن محاصرات بظلم اجتماعي وقصور قانوني. ويصاب الحقوقيون بالإحباط بعد كل جريمة يعجز الأمن عن إثباتها، أو تمنح الحرية الموقتة لمرتكبها، فيشكل القانون بعباراته العامة والمبهمة في وصف الجريمة سبباً رئيسياً في إفلات الجاني من العقاب.
أخيراً، ارتفعت مطالب الحقوقيين في موريتانيا لمراجعة النصوص القانونية لجرائم العنف ضد المرأة، خصوصاً ما يتعلق بعقوبة جريمة الاغتصاب، التي يرى الحقوقيون أنّ القانون الموريتاني يعاني من قصور في التعريف بها، فيعتبر أنّ الاغتصاب جريمة زنا.
يقول الخبير القانوني محمد الأمين ولد أباه: "للأسف لا يوجد نص قانوني خاص بجريمة الاغتصاب، إنما يتم التعامل معها في القانون الموريتاني بوصفها جريمة زنا، وهو بذلك يساوي بين الضحية والجاني". ويضيف لـ"العربي الجديد": "اتساع النص القانوني المتعلق بجريمة الزنا سواء في وصف الجريمة وتحديد العقاب، يجعل الخلط بين مفهوم الاغتصاب والوقوع في الخطيئة أمراً وارداً. القاضي حين ينظر واقعة لم يجرمها نص قانوني صريح أو يعاقب عليها، يبقى مقيداً بالنصوص التي تم تكييف القضية بها".
يعتبر ولد أباه أنّ النواقص في الجانب القانوني تظلم الضحية وتهدر حقها. ويطالب المشرعين بتعديل القوانين وإصدار نصوص قانونية دقيقة ورادعة لمواجهة انتشار جرائم الاغتصاب.
بوجود توجه داخل المؤسسات التشريعية لتعزيز ترسانة القوانين المتعلقة بمكافحة العنف ضد المرأة، تجري حوارات داخل قصور العدل وفي مقرات المنظمات النسائية حول صعوبات القضايا المتعلقة بالاغتصاب، وكيفية تقديم أفضل الحلول والصياغات القانونية. وتقول الناشطة في حملات مكافحة العنف ضد المرأة مسعودة بنت الطالب أحمد: "أبرز الصعوبات التي تواجهنا حالياً في قضايا الاغتصاب كيفية إثبات ارتكاب الجريمة أمام القضاء، لأنّ توقيع العقوبة على الجاني يفرض اعترافه وإقراره بأنه هو الفاعل، أو شهادة أربعة عدول يؤكدون رؤيتهم لارتكاب الفعل، وإلا ضاعت القضية وحصل الجاني على حرية موقتة من أول جلسة".
تضيف الناشطة لـ"العربي الجديد" أنّ "من المستحيل أن تتحقق هذه الشروط، لذا فالمطالب التي ينادي بها الجميع هي الاعتماد على وسائل الإثبات العلمية الحديثة مثل الحمض النووي، وإصدار قانون خاص بالاغتصاب، ومنع الحرية الموقتة عن المتهمين بجرائم الاغتصاب".
وتشير إلى أنّ الضحية حين تتجاوز الخوف من الفضيحة والنبذ الاجتماعي والتأثير الصحي والنفسي لهذه الجريمة، تتوقع أن ينصفها القانون، ومن بعده المجتمع، لكنها تتفاجأ بقوانين ضعيفة تساعد الجاني على الإفلات من العقاب.
وحّدت المطالب بمراجعة قانون العنف ضد المرأة القانونيين ورجال الدين وأنصار حقوق الإنسان. وحوّلت الاغتصاب من القضايا المسكوت عنها اجتماعياً إلى قضية تشغل الرأي العام، خصوصاً بعد ارتفاع جرائم الاغتصاب. وتفيد منظمة "صحة الأم والطفل" أنّ السنوات الثلاث الأخيرة شهدت 1166 حالة اغتصاب. بينما تؤكد مبادرة "لا للإباحية" أنّ أكثر من 800 حالة اغتصاب تحدث سنوياً في موريتانيا، وتشمل الاعتداء على القاصرات واغتصاب الأطفال الذكور.
تشير دراسة لمنظمة "النساء معيلات الأسر" الناشطة في مجال مساعدة ضحايا العنف والاغتصاب، إلى أنه تم تسجيل أكثر من 1200 حالة اغتصاب عام 2014، كلها موثقة لدى فروع المنظمة في مختلف مناطق موريتانيا.
في المقابل، ترفض وزارة الشؤون الاجتماعية الاعتراف بهذه الأرقام والدراسات. وتعتبر أنّ نسبة العنف الجنسي بما في ذلك الاغتصاب تبلغ 14 في المائة فقط من حالات العنف الممارس ضد المرأة في موريتانيا.
تعاني المنظمات المهتمة بمساعدة ضحايا العنف والاغتصاب من غياب الدعم المالي واتهامها بالتشهير بالنساء. وبالرغم من ذلك، ما زالت المنظمات تعمل في ظروف صعبة، وتطالب بفتح مراكز لمساعدة الضحايا وتجهيز المستشفيات العمومية بأجهزة حديثة تساعد على اثبات الجريمة بأدلة علمية، ووضع رقم ساخن خاص بضحايا الاغتصاب.
لوم الضحية
يقول الباحث الاجتماعي الموريتاني أحمدو ولد الزين لـ"العربي الجديد" إنّ ضحية الاغتصاب تتعرض لضغوط نفسية واجتماعية بسبب الخوف من الفضيحة، وحرص محيطها على التكتم على ما تعرضت له ولومها أحياناً. يضيف: "هذا الظلم الاجتماعي يولّد إحساساً بعدم الأمان لدى النساء ويغيّر أسلوب حياة كثيرات". يعتبر ولد الزين أنّ رفض ضحايا الاغتصاب الحديث علناً عما تعرضن له، لا يساعد القضية. فالمجتمع بحاجة الى صدمة تكسر جدار الصمت. ويقول: "معظم القضايا التي خرجت إلى العلن هي التي أدت إلى موت الضحية، فطلب المحيط العائلي توقيع أقصى عقوبة على الجاني. أما البقية فلا تتجاوز محضراً في قسم الشرطة في أحسن الأحوال".
اقرأ أيضاً: "الخفاض" ينتهك حقوق الموريتانيات
وبالرغم من الارتفاع في عدد حالات الاغتصاب، تجد الضحايا أنفسهن محاصرات بظلم اجتماعي وقصور قانوني. ويصاب الحقوقيون بالإحباط بعد كل جريمة يعجز الأمن عن إثباتها، أو تمنح الحرية الموقتة لمرتكبها، فيشكل القانون بعباراته العامة والمبهمة في وصف الجريمة سبباً رئيسياً في إفلات الجاني من العقاب.
أخيراً، ارتفعت مطالب الحقوقيين في موريتانيا لمراجعة النصوص القانونية لجرائم العنف ضد المرأة، خصوصاً ما يتعلق بعقوبة جريمة الاغتصاب، التي يرى الحقوقيون أنّ القانون الموريتاني يعاني من قصور في التعريف بها، فيعتبر أنّ الاغتصاب جريمة زنا.
يقول الخبير القانوني محمد الأمين ولد أباه: "للأسف لا يوجد نص قانوني خاص بجريمة الاغتصاب، إنما يتم التعامل معها في القانون الموريتاني بوصفها جريمة زنا، وهو بذلك يساوي بين الضحية والجاني". ويضيف لـ"العربي الجديد": "اتساع النص القانوني المتعلق بجريمة الزنا سواء في وصف الجريمة وتحديد العقاب، يجعل الخلط بين مفهوم الاغتصاب والوقوع في الخطيئة أمراً وارداً. القاضي حين ينظر واقعة لم يجرمها نص قانوني صريح أو يعاقب عليها، يبقى مقيداً بالنصوص التي تم تكييف القضية بها".
يعتبر ولد أباه أنّ النواقص في الجانب القانوني تظلم الضحية وتهدر حقها. ويطالب المشرعين بتعديل القوانين وإصدار نصوص قانونية دقيقة ورادعة لمواجهة انتشار جرائم الاغتصاب.
بوجود توجه داخل المؤسسات التشريعية لتعزيز ترسانة القوانين المتعلقة بمكافحة العنف ضد المرأة، تجري حوارات داخل قصور العدل وفي مقرات المنظمات النسائية حول صعوبات القضايا المتعلقة بالاغتصاب، وكيفية تقديم أفضل الحلول والصياغات القانونية. وتقول الناشطة في حملات مكافحة العنف ضد المرأة مسعودة بنت الطالب أحمد: "أبرز الصعوبات التي تواجهنا حالياً في قضايا الاغتصاب كيفية إثبات ارتكاب الجريمة أمام القضاء، لأنّ توقيع العقوبة على الجاني يفرض اعترافه وإقراره بأنه هو الفاعل، أو شهادة أربعة عدول يؤكدون رؤيتهم لارتكاب الفعل، وإلا ضاعت القضية وحصل الجاني على حرية موقتة من أول جلسة".
تضيف الناشطة لـ"العربي الجديد" أنّ "من المستحيل أن تتحقق هذه الشروط، لذا فالمطالب التي ينادي بها الجميع هي الاعتماد على وسائل الإثبات العلمية الحديثة مثل الحمض النووي، وإصدار قانون خاص بالاغتصاب، ومنع الحرية الموقتة عن المتهمين بجرائم الاغتصاب".
وتشير إلى أنّ الضحية حين تتجاوز الخوف من الفضيحة والنبذ الاجتماعي والتأثير الصحي والنفسي لهذه الجريمة، تتوقع أن ينصفها القانون، ومن بعده المجتمع، لكنها تتفاجأ بقوانين ضعيفة تساعد الجاني على الإفلات من العقاب.
وحّدت المطالب بمراجعة قانون العنف ضد المرأة القانونيين ورجال الدين وأنصار حقوق الإنسان. وحوّلت الاغتصاب من القضايا المسكوت عنها اجتماعياً إلى قضية تشغل الرأي العام، خصوصاً بعد ارتفاع جرائم الاغتصاب. وتفيد منظمة "صحة الأم والطفل" أنّ السنوات الثلاث الأخيرة شهدت 1166 حالة اغتصاب. بينما تؤكد مبادرة "لا للإباحية" أنّ أكثر من 800 حالة اغتصاب تحدث سنوياً في موريتانيا، وتشمل الاعتداء على القاصرات واغتصاب الأطفال الذكور.
تشير دراسة لمنظمة "النساء معيلات الأسر" الناشطة في مجال مساعدة ضحايا العنف والاغتصاب، إلى أنه تم تسجيل أكثر من 1200 حالة اغتصاب عام 2014، كلها موثقة لدى فروع المنظمة في مختلف مناطق موريتانيا.
في المقابل، ترفض وزارة الشؤون الاجتماعية الاعتراف بهذه الأرقام والدراسات. وتعتبر أنّ نسبة العنف الجنسي بما في ذلك الاغتصاب تبلغ 14 في المائة فقط من حالات العنف الممارس ضد المرأة في موريتانيا.
تعاني المنظمات المهتمة بمساعدة ضحايا العنف والاغتصاب من غياب الدعم المالي واتهامها بالتشهير بالنساء. وبالرغم من ذلك، ما زالت المنظمات تعمل في ظروف صعبة، وتطالب بفتح مراكز لمساعدة الضحايا وتجهيز المستشفيات العمومية بأجهزة حديثة تساعد على اثبات الجريمة بأدلة علمية، ووضع رقم ساخن خاص بضحايا الاغتصاب.
لوم الضحية
يقول الباحث الاجتماعي الموريتاني أحمدو ولد الزين لـ"العربي الجديد" إنّ ضحية الاغتصاب تتعرض لضغوط نفسية واجتماعية بسبب الخوف من الفضيحة، وحرص محيطها على التكتم على ما تعرضت له ولومها أحياناً. يضيف: "هذا الظلم الاجتماعي يولّد إحساساً بعدم الأمان لدى النساء ويغيّر أسلوب حياة كثيرات". يعتبر ولد الزين أنّ رفض ضحايا الاغتصاب الحديث علناً عما تعرضن له، لا يساعد القضية. فالمجتمع بحاجة الى صدمة تكسر جدار الصمت. ويقول: "معظم القضايا التي خرجت إلى العلن هي التي أدت إلى موت الضحية، فطلب المحيط العائلي توقيع أقصى عقوبة على الجاني. أما البقية فلا تتجاوز محضراً في قسم الشرطة في أحسن الأحوال".
اقرأ أيضاً: "الخفاض" ينتهك حقوق الموريتانيات