الاستثمار السوري الوقح

24 ابريل 2016
من جرائم النظام في حلب يوم السبت(إبراهيم أبو ليث/الأناضول)
+ الخط -
من يتابع مسار الثورة السورية منذ بدايتها، لا يستغرب المجازر التي ارتكبها النظام في الأيام الأخيرة من خلال تقصده ضرب أسواق شعبية، وجلّ من تستهدفهم من المدنيين، بهدف الضغط على المعارضة، في حين يسوق نفسه أمام الرأي العام على أنه نظام مهمته حماية مواطنيه ومصالحهم، وأن كل المواطنين السوريين هم رعاياه الذين يعمل على حمايتهم. فمنذ بداية الثورة السورية كان النظام يستخدم مواطنيه المدنيين الذين تطالهم يد قواته والذين اعتقدوا أنهم لا يزالون يعيشون في كنف دولة لا تتعرض لمن لا يعارضها بالحد الأدنى، لابتزاز من يعارضه أو لفرض شروط معينه عليه، فكانت فكرة الدروع البشرية هي أول ما ابتدعته قوات النظام لتأمين نفسها أثناء الانسحابات، أو لتهديد المعارضة بها، وذلك من خلال احتجاز مواطنين مدنيين مسالمين وتهديدها للمعارضة بقتلهم في حال لم تستجب لشروطها.

وقد شهدت أول سنتين من عمر الثورة، العديد من حالات استخدام المدنيين وخاصة النساء كدروع بشرية أثناء الاقتحام والانسحاب وفرض الشروط، كما حصل في الغوطة الشرقية وفي بعض مدن محافظة إدلب، وقد تمكن ناشطون من تصوير فيديوهات توثق هذا الجرم، ما زالت موجودة على وسائل التواصل الاجتماعي كدليل على هذا الاستثمار الوقح للنظام بحق من يدعي أنهم مواطنوه. وجاءت بعدها عملية الاستثمار بالمعتقلين من خلال اعتقال مدنيين لمجرد تحدرهم من منطقة ما، أو لمجرد وجود قرابة بينهم وبين معارضين، وذلك بهدف الابتزاز أو الانتقام.

تطورت بعدها طرق الاستثمار الوقح للنظام بالبشر المسالمين، فابتدع البراميل المتفجرة من أجل القيام بعمليات العقاب الجماعي للمدن التي تضم فصائل معارضة وذلك من خلال استهداف مدنييها الذين يشن حربه أساساً بدعوى تخليصهم من الإرهابيين، فكانت الحصيلة تدمير مدن بأكملها وقتل مئات الآلاف من المدنيين. يبدو أن النظام لا يزال يرى أن هذا الاستثمار رغم وقاحته هو الأنجح الذي يستخدمه حين يُحشر في زاوية ما، ليثبت للعالم أنه غير معني لا بقوانين دولية ولا بمعايير أخلاقية... يحصل كل ذلك في ظل تواطؤ وسكوت دوليين يساعدانه على الاستمرار بكل ما يقوم به.
المساهمون