الإندبندنت: سكان غزة يصارعون من أجل المياه والمأوى

07 اغسطس 2014
عدوان الاحتلال دمر آلاف المنازل في غزة (getty)
+ الخط -

لم تكن أكبر محطة معالجة مياه صرف صحي في مدينة غزة عادة تخلو من الروائح الكريهة، حتى وهي في أفضل حالاتها الطبيعية، ولكن اليوم الرائحة كانت كريهة ونفاذة لدرجة لا تطاق، مع وجود أسراب كبيرة من الذباب في المكان، مما يدل على ركود الصرف الصحي في أحواض الصرف.

فعدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة عطل محطة المعالجة عن القيام بمهمتها التي بنيت من أجلها، وهي الحد من تلوث مياه البحر المتوسط عن طريق إجراء شبه معالجة لنحو أربعين مليون لتر من المياه العادمة، التي تضخ في البحر يوميا.

لقد فقد قطاع غزة ما يقرب من 1814 من سكانه في الحرب، ومعظمهم من المدنيين، الذين كانوا يحاولون الاختباء من القصف الإسرائيلي. وامتلأت المستشفيات غير المجهزة بالآلاف من الجرحى الذين يعانون جروحا خطيرة.

بيد أن تدمير إسرائيل المنازل والبنية التحتية في القطاع يجعل من احتمالية عودة الحياة الطبيعية إلى غزة بعيدة المنال.

ثلاث قذائف دبابات إسرائيلية عطلت محطة الصرف الصحي، التي بنيت بتمويل من بنك التعمير الألماني، وهو مصرف تنمية مملوك للحكومة الألمانية، مما أدى إلى تسرب المياه غير المعالجة إلى مياه البحر.

منذر شبلاق، رئيس مصلحة مياه الساحل، قال إن غارة وقعت في وقت سابق، قد ضربت واحدة من أحواض الصرف، مما أدى إلى غمر مياه الصرف الصحي للأراضي الزراعية المجاورة.

شبلاق وفريقه من الفنيين قاموا بإصلاح هذا العطل، ولكنه رفض إرسال مساعديه الفنيين بعد القصف الثاني على المحطة، حيث قتل أربعة من فريقه أثناء تأدية عملهم في رفح ووسط غزة. قائلا لصحيفة الإندبندنت البريطانية، اليوم الخميس: "لقد أوقفت أي شيء قد يكون هدفا لهجوم إسرائيلي".

وبدت عملية تقييم فريق شبلاق للخسائر الناجمة عن القصف أثناء فترة الهدنة كما لو أنها عملية جراحية دقيقة، فأقل ضرر ألحق بالبنية التحتية جراء قصف واحد كان تدمير وعاء تخزين كبير، وتعطيل خط أنابيب بالخشب والركام، وآخر قام بتعطيل عمل وحدة التحكم الكهربائي الرئيسية. كما دمر قصف آخر وحدة تكييف الهواء المصممة للحفاظ على درجة حرارة المحولات.

حجم الأزمة الإنسانية غير المعقولة، التي تجتاح قطاع غزة بسبب النقص الحاد في المياه أدى إلى خفض استهلاك الكثير من السكان للمياه إلى ما دون المعايير الدولية في حالات الطوارئ.

ويقدر شبلاق مياه الصرف الصحي، التي تتدفق فعليا من محطة المعالجة في منطقة الشيخ عجلين بنحو أربعين مليون لتر يوميا.

وعلى ما يبدو فإن وقف معالجة النفايات، ما هو إلا جزء صغير من مشكلة الصرف الصحي والمياه، فقد قالت أمس منظمة أوكسفام البريطانية الخيرية إن العدوان دمر البنية التحتية للمياه تماما.

 وأشارت إلى أن تدمير الآبار وخطوط الأنابيب والخزانات جراء القصف أدى إلى تلوث المياه العذبة الشحيحة واختلاطها مع مياه الصرف الصحي، كما تسرب 15 ألف طن من النفايات الصلبة إلى شوارع قطاع غزة.

وأضافت المنظمة أنها تعمل في بيئة دمرت بنيتها التحتية للمياه تماما، والتي تحرم سكان غزة من الطهي، وتنظيف المراحيض أو حتى غسل أيديهم.

ويعد هذا جانبا واحدا فقط من الضرر الكبير الذي لحق بالبنية التحتية في غزة جراء حرب استمرت أربعة أسابيع، والتي استطاعت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة والمرافق المحلية من تقييم تلك الأضرار في اليوم الأول من الهدنة وهو الأهدأ منذ بدء عملية "الجرف الصامد" في قطاع غزة، التي بدأت في السابع من يوليو/تموز.

وقام الممثل الخاص لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فرود مورينج، بحصر الدمار الذي لحق بغزة خلال الفترة الماضية بسبب العدوان، والذي نتج عنه تدمير ما بين 16 ألف و18 ألف منزل بشكل كامل، وإلحاق أضرار جزئية بما يقرب من 30 ألف منزل، و400 ألف نازح داخليا. وقال مورينج بأن قطاع غزة يعاني دمارا كبيرا حاليا.

وبينما بدأت الوكالة في تقييم عملية إعادة الإعمار الضخمة المطلوبة في غزة، أكد مورينج أنه لم يحصل أي مشروع تابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على موافقة من قبل إسرائيل منذ ربيع عام 2013، إذ تحظر سلطات الاحتلال الإسرائيلي استيراد مواد البناء بعد اكتشاف نفق أسفل الحدود.

وأضاف مورينج "لايمكننا قبول انتظار عشرين شهرا حتى نحصل على موافقة من مكتب تنسيق الأنشطة الحكومية التابع لجناح الشؤون المدنية في الجيش الإسرائيلي للقيام بالبناء". وأكد مورينج أن الوضع الراهن ليس خيارا قابلا للاستمرار.

كما أوضح مورينج أن قصف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة وانهيار ما لا يقل عن ستة خطوط كهرباء قادمة من إسرائيل سيكون له توابع إنسانية وتنموية ضخمة.

ويقول مجدي ياغي رئيس شركة توزيع الكهرباء الفلسطينية، إن محطة توليد الكهرباء قد تستغرق من ستة أشهر إلى سنة من أجل إصلاحها، ولكن هذا يتوقف على سماح إسرائيل باستيراد مواد البناء.

كما يشكو مسؤولو الكهرباء من أنه تم إطلاق النار على مهندسي الصيانة أثناء محاولتهم إصلاح خطوط الكهرباء، حتى بعد التنسيق مع الجيش الإسرائيلي.

وقال تروند مونبي، من مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة، إن هذه الحرب هي الأسوأ في الهجمات على موظفي القطاع العام أثناء تأدية عملهم.

وثمة مخاوف، أيضا، بين بعض وكالات الإغاثة حول استعداد الجهات المانحة لتمويل إعادة بناء المنشآت، والتي قد تتعرض للهجوم مرة أخرى من قبل إسرائيل في المستقبل.

وأوضح مورينج أن جسرا في وادي غزة وسط القطاع كان قد دمر بالكامل خلال عملية "الرصاص المصبوب" التي شنتها إسرائيل على غزة عام 2008-2009، لم تتم إعادة بنائه بعد.

وحث مورينج إسرائيل على رفع الحظر عن الصادرات التي يعتمد عليها اقتصاد غزة، مشيرا إلى أن فرص العمل والأمان الاقتصادي قد انخفضا بشكل كبير.

وأضاف مورينج أنه لا يجب أن تكون خبيرا اقتصاديا، حتى تدرك أن الناس ستتردد في الاستثمار في مكان لا يمكن إجراء معاملات تجارية فيه.

لقد رفض مسؤولون في الأمم المتحدة بشدة الادعاءات الإسرائيلية بأن الإسمنت المستورد لمشاريع البناء الدولية، كان قد استخدم من قبل حماس لبناء نفق عسكري، لافتا إلى أنه في حين تمت مراقبة استخدام هذه المواد المستوردة، كان الإسمنت وغيره من المواد متاحا مجانا من خلال أنفاق التهريب من مصر.

المساهمون