مع عودة الصحف الإسرائيلية للصدور مع انتهاء عيد الفصح اليهودي، شنّ المحللون للشؤون العربية والأمنية، في ثلاثة مواقع وصحف على الأقل، حرب تضليل ضد الإضراب المفتوح عن الطعام الذي أعلنه أكثر من 1200 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال.
وحاول الإعلام الإسرائيلي، في حملة منسقة على ما يبدو، النيل من أسباب ودوافع الأسرى في إعلان الإضراب عن الطعام، والادعاء بأن هذا الإضراب يأتي لأسباب داخلية تتصل بمحاولات النائب الأسير، مروان البرغوثي، "تحسين مكانته في داخل حركة "فتح"، وردًا على عدم انتخاب مؤتمر الحركة الأخير لأي من رفاقه في اللجنة المركزية لها، وعدم قيام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإسناد منصب رفيع له"، وفق ما ذهب إليه آفي يسيسخاروف، في موقع "والاه".
أما محلّل الشؤون العسكرية في "هآرتس"، عاموس هرئيل، فأقرّ بتغيير الاحتلال سياسته في التعامل مع الأسرى منذ اختطاف ثلاثة مستوطنين قرب الخليل في حزيران/يونيو 2014، وتشديد القيود المفروضة عليهم، واستعرض المطالب التي يرفعها الأسرى. إلا أنّه قال "إن الإضراب الذي يخوضه أكثر من 1200 أسير، من حركة فتح والفصائل الأخرى بما في ذلك أسرى من حماس، جاء ليخدم البرغوثي"، مدعياً أن الأخير "يخوض صراعاً مع عباس على ظهر الأسرى والمعتقلين".
ويضيف هرئيل، في محاولات واضحة لدق الأسافين بين الأسرى وبين قيادة السلطة الفلسطينية، بادعائه أن "قيادة السلطة الفلسطينية قلقة من أي نتيجة للإضراب تعزز من مكانة البرغوثي، الذي حقق أول مكسب له عندما تمكن من تهريب مقالة إلى خارج السجن، ونشرها في صحيفة "نيويورك تايمز"، أمس، حول أسباب إعلان الإضراب المفتوح عن الطعام".
وسار مراسل الشؤون الفلسطينية في "معاريف"، آساف جبور، على نفس المنهاج، عندما زعم في تقرير له أنّ الإضراب هو "مناورة من مروان البرغوثي انتقاماً من نتائج الانتخابات الداخلية في مؤتمر فتح، لا سيما وأن البرغوثي تصدر المرتبة الأولى في كافة الاستطلاعات الفلسطينية الداخلية، حول من الشخص الذي يجب أن يخلف أبو مازن في منصب الرئيس الفلسطيني، في حال انتهاء ولاية الأخير، أو عدم قدرته على القيام بمهام منصبه بفعل تقدمه في السن وتراجع حالته الصحية".
ويُحاول الإعلام الإسرائيلي، من خلال إبراز ما يدّعيه من "دوافع خفية لإعلان الإضراب"، تجاهل وإخفاء الواقع الذي يعيشه الأسرى الفلسطينيون في المعتقلات والسجون الإنسانية، بالإضافة إلى خرق الاحتلال كلّ المواثيق والقواعد الدولية المعمول بها، وعدم تطبيقها على الأسرى الفلسطينيين، وتصوير الموضوع وكأنه خلاف داخلي فلسطيني لا أكثر، تشكل فيه إسرائيل غطاء له.
ويوافق إبعاد موضوع الأسرى وإضرابهم عن الطعام عن الرأي العام الإسرائيلي، مع قرار مسبق لمصلحة السجون الإسرائيلية، ووزير الأمن الداخلي، بإقامة "مستشفى ميداني" قرب أحد سجون النقب، لنقل الأسرى المضربين عن الطعام إليه، وعدم نقلهم إلى المستشفيات الإسرائيلية، "خوفاً من تكرار حالة الضغط التي سادت في العامين الماضيين خلال الإضرابات عن الطعام التي نفذها عدد من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين إدارياً"، مثل الأسير خضر عدنان، ومحمد القيق وآخرون، والتي أثارت جدلاً كبيرًا في الأوساط الإسرائيلية، ولا سيما محاولات الاحتلال فرض التغذية القسرية على الأسرى المضربين عن الطعام، ورفض نقابة الأطباء الإسرائيليين الانصياع لذلك، مما دفع الاحتلال إلى سن قانون يجيز التغذية القسرية.
وفي السياق، دعا، أمس، وزير المواصلات والاستخبارات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في تغريدة له على "تويتر"، إلى الرد على إضراب الأسرى الفلسطينيين ومطالبتهم بتحسين ظروف اعتقالهم، بإقرار عقوبة الإعدام. علماً أن الأحكام العسكرية الإسرائيلية تتيح ذلك بشرط صدور قرار بالإجماع من ثلاثة قضاة عسكريين. لكن لم يسبق أن طالبت النيابة العسكرية الإسرائيلية بتنفيذ مثل هذا الحكم.