الإخوان ومأزق الشرعية

مرت قرابة السنتين على عزل أول رئيس مدني منتخب، الدكتور محمد مرسي، وخطفه، وما زال الفصيل الأكبر من جماعة الإخوان المسلمين ومؤيدوهم يتحدثون عن عودة الشرعية وعودة الرئيس محمد مرسي.

مثلما مرت السنتان ستمر سنة أخرى، وستنتهي المدة الافتراضية لرئاسة مرسي، ويومها لن يجرؤ معارض على التحدث عن شرعية له، لن يكون لمرسي يومها أي شرعية، وسيضطر الإخوان مجبرين إلى تبني الطرح الحالي للقوي الثورية والشبابية. لكن، ماذا بعد تبني طرح القوي المعارضة الثورية؟ وفي ماذا يختلف طرح القوي الشبابية وطرح الإخوان في الوقت الحالي؟

يرى المتأمل في المشهد القائم في مصر الآن بوضوح انقسام القوي السياسية بين قوي مطيعة ومؤيدة للنظام، تنسق مع الأمن، ومصرح لها بالعمل السياسي الصوري، وقوى معارضة حقيقية معرضة للحظر والمنع والاعتقالات يومياً، وهي ما يهمنا هنا.

تنقسم القوى المعارضة الحقيقية في مصر الآن إلى قسمين كبيرين، يتكون الأول من جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها ومؤيديها من الإسلاميين. ويتكون القسم الثاني من معارضي القوى المدنية من شباب 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين ومصر القوية وغيرهم.

ما الفارق بين طرح الإسلاميين المعارض وطرح القوى المدنية المعارضة؟

باختصار، يرى الفريقان نظاماً فاشيا مستبداً ويسعيان إلى إسقاطه، إلا أن الإسلاميين يتمسكون بشرعية الدكتور مرسي، ويصرون على رجوعه، والقوى المدنية تعترض على ذلك، ولما كان الإسلاميون لا خيار لهم الآن تقريباً، إذ شارفت سنوات مرسي الأربع على الانتهاء، وصار أمر انتهاء حجتهم وشرعيتهم أمراً واقعاً، فعلى الإخوان وحلفائهم مراجعة الموقف السياسي جيداً.

أرى أن مبادرة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الأخيرة هي أفضل ما طُرِحَ منذ الانقلاب العسكري، والمعلوم أن النظام القائم لم يكن ليوافق عليها أبداً، فالسيسي ورجاله لم ينقلبوا ويقتلوا من أجل الكرسي ليتركوه، من هنا فأمام الإخوان المسلمين فرصة كبيرة لتصحيح مسارهم السياسي، وتبني مبادرة أبو الفتوح، والتي لن تكون مبادرة بين الاخوان والنظام، بقدر ما ستكون تأسيساً جديداً لقاعدة معارضة جديدة. على الإخوان التخلي عن التحريض، وعن توفير الغطاء السياسي للعنف، وإعلان مواقف واضحة تتبرأ من العنف بكل أشكاله. أمامهم فرصة لوضع النظام في خانة اليك، قبل أن يجدوا أنفسهم وقد فقدوا كل شيء.