تبدي قيادات كرديّة تأييدها لقيام أقاليم في العراق، مرحّبة بالجهود التي يبذلها أهالي البصرة للتحوّل إلى إقليم، شرط أن تجري العمليّة وفقاً للدستور. وفي سياق متّصل، يقول النائب الكردي في البرلمان العراقي، سيروان سيريني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المركزيّة لم تنجح في حكم العراق، وفشلت تماماً خلال العقد الأخير، وكانت نتائجها كارثيّة، فيما أخفق قادة البلد في توزيع الثروات بعدالة على الشعب".
ويرى سيريني أنّ "المحاولات التي جرت خلال السنوات الأخيرة، كانت عبارة عن إيصال شخص ليُمسك بحكم العراق، على غرار ما جرى في عشرينيات القرن الماضي، بدايات تأسيس العراق الحديث، لكنّ أحداً لم ولن يتمكّن من ذلك، لذا فإن الخيار الأفضل اليوم هو بالتوجّه إلى توزيع السلطات".
ويؤيّد النائب الكردي قيام الفيدراليات، على غرار تجربة كردستان العراق، التي يوضح أن "إقليمها قائم منذ سنوات، ولم تضرّ العراق بل أفادته وأيدته". ويضيف: "أؤيّد قيام إقليم البصرة، بشرط أن يكون وفق الدستور، وليس بهدف السيطرة على الثروات الموجودة فيها وإدخال البلاد في مشاكل جديدة".
ويعتبر عضو لجنة الثروات والطاقة في برلمان كردستان، أبو بكر عبد الله هلدني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّه "بموجب الدستور العراقي، للمحافظات الحقّ في إنشاء كيانات فيدراليّة"، لافتاً إلى أنّ "الشروط واضحة، فتأييد السكان هو الأساس، وبالنسبة إلينا في إقليم كردستان، نؤيّد قيام إقليم البصرة لأنّ ذلك يساعدنا في توزيع السلطات الموجودة في المركز". ويشير إلى أنّه "كلما ضعفت سلطة المركز، أي بغداد، كان أفضل لمكوّنات الشعب العراقي"، موضحاً أنّه "يفيد العراق أن يصبح ثلاثة كيانات فيدرالية: كردستان، وإقليم للمناطق السنيّة، وثالث للشيعة". ويعتبر هلدني أنّ "تجربة السنوات الماضية أظهرت أنّ بقاء العراق على وضعه الحالي صعب، وسيكون من الأفضل لسكانه أن يعيشوا في كيانات فيدرالية"، مشدداً على أنّ "تحوّل المناطق العراقيّة إلى كيانات فيدرالية سيساعد كردستان في التحوّل إلى كيان كونفدرالي في المستقبل".
ولا يحيد مسؤول العلاقات العراقيّة في الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يقوده مسعود بارازاني، أحمد كاني، عمّا جاء على لسان كل من سيريني وهلدني. يبدي في تصريحات لـ"العربي الجديد"، دعمه "لمشروع تحول البصرة إلى إقليم، شريطة أن يحصل ذلك في إطار الدستور العراقي". ويقول كاني: "يجب أن نحترم رأي الناس"، معرباً عن اعتقاده بأنّ "نجاح إقليم كردستان بالتحول إلى منطقة مزدهرة وآمنة، يشجّع المناطق الأخرى في العراق على السير على خطاه". ويؤكّد أنّ "قوة العراق تكمن في ذلك (إنشاء الأقاليم)، وليس تقوية الحكم المركزي، الذي رأينا نتائجه وتداعياته".
وفي السياق ذاته، يذكّر المستشار في برلمان كردستان، زاكروس أحمد، لـ"العربي الجديد"، بأنّ "تأسيس الأقاليم منصوص عليه في الدستور، وهي خطوة إيجابيّة لأنها تأتي بالتطور والرفاهية إلى مناطق البلاد". ويضيف: "كل منطقة تقرّر كيفيّة حلّ مشاكلها والعمل عليها، وإلا فستضطر للعودة إلى المركز، بغداد، للتخلّص من مشاكلها وتلبية مطالبها، ومن الجائز ألا تحصل على ما تريده". ويعتبر أنّ "من الأفضل للعراق ككل، أن يصبح أقاليم على غرار إقليم كردستان، تساهم كلّها في تطوير مناطقها، وترتبط ببغداد كعاصمة فيدرالية"، منوّهاً إلى "تجارب كثيرة ناجحة". وكان قياديون في محافظة البصرة، جنوبي العراق، قد جددوا أخيراً التذكير بدعوات سابقة لتأسيس إقليم يضمّ المحافظة وحدها، فيما صمّم ناشطون علماً خاصاً للإقليم المفترض.
وتنطلق دعوات تحويل البصرة إلى إقليم، على خلفيّة الأوضاع الخدميّة السيئة في المحافظة، وخصوصاً في مركزها، حيث يعاني السكان من نقص في مجالات كثيرة، في وقت تنتج فيه المحافظة نسبة كبيرة من نفط العراق. وظلت المحافظة تطالب بزيادة مخصصاتها المالية، إذ ينصّ قانون مجالس المحافظات على دفع خمسة دولارات، لقاء كل برميل نفط تنتجه المحافظات، لكنّ الحكومة لم تدفع سوى دولار واحد خلال العهود السابقة. وقررت لجنة حكومية برئاسة حيدر العبادي أخيراً، زيادة المبلغ إلى دولارين عن كل برميل.
ووصل العبادي، يوم الإثنين الماضي، إلى البصرة، للإشراف على اجتماع لرؤساء مجالس المحافظات المنتجة للنفط، لبحث حصّتها من مشروع البترودولار، الذي يمنح المحافظات المنتجة للنفط نسبة معيّنة فوق حصّتها السنوية المعتادة. وكان رئيس مجلس محافظة البصرة، صباح حسن البزوني قد عبّر عن رفضه تقليل تخصيصات البترودولار للمحافظات المنتجة للنفط، مبيناً أنّ قانون مجالس المحافظات يُلزم مجلس الوزراء بتخصيص خمسة دولارات عن كل برميل.
ويُعدّ الأكراد من أبرز الداعمين لتأسيس أقاليم فيدرالية في العراق، ويعتقدون أن من شأن ذلك أن يخفّف من ضغط بغداد عليهم. لذلك تنشط العديد من الشخصيات السنيّة بالتنسيق مع شخصيات كرديّة للترويج لإقليم سني على غرار إقليم كردستان.