أسامة البطش، أحد الفلسطينيين الذي فقدوا أحد أطرافهم نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية الكثيرة على قطاع غزة. أسامة تمكن من الحصول على طرف صناعي نتيجة عمل متكامل الأدوار، قام به فريق مركز "الأطراف الصناعية" في مدينة غزة، بعد أن مَرّ بعدة مراحل، أشرف على كل منها مختصون، تلقوا التدريبات على أيدي خبراء أجانب.
وأدى العدوان الإسرائيلي على القطاع، الذي استمر 51 يوماً، إلى استشهاد نحو 2200 فلسطيني، وإصابة أحد عشر ألفاً آخرين، وتقول إحصاءات إنّ حوالي 350 حالة أصيبت ببتر خلال العدوان، ما أدى إلى زيادة الإقبال على مركز الأطراف الصناعية الوحيد في المدينة.
وأقيم المركز الذي يعنى بحالات البتر والشلل وتقويم العظام عام 1974، وكان حتى عام 1980 بمثابة وحدة صغيرة داخل المستشفى الأهلي العربي، واستقل بذاته في شهر سبتمبر/أيلول من العام 1985، وحصل في شهر مايو/أيار عام 1999، على إقرار كامل من بلدية غزة.
وضمن الخطوات التطويرية للمركز، تم انشاء مشروع خاص بالعلاج الطبيعي، بالتعاون مع وزارة الصحة ووحدة العلاج الطبيعي، وذلك لتدريب المريض بعد إجراء العمليات الجراحية، حتى يتم تقليل مخاطر العجز بعد إجراء عملية جراحية، ويطبق هذا البرنامج في مستشفيات الشفاء، ناصر، والأوروبي في غزة.
ويشير مدير مركز الأطراف الصناعية، الدكتور حازم الشوا إلى أنه فور دخول المصاب إلى المركز يتوجه إلى العيادة لتقييم حالته، ومن ثم إلى الاستقبال ليتم تحويله إلى الأقسام المتخصصة حسب احتياج حالته، فيذهب بعدها الى الورشة لتصنيع الطرف المناسب، أو إلى قسم العلاج الطبيعي.
ويضيف الشوا لـ"العربي الجديد" أنه "في الخطوة الأولى يتم أخذ القياسات، بالشكل والحجم المطلوبَين، ومن ثم يُبدأ بتجهيز القوالب، والدخول بعدها في مرحلة تنعيم الطرف وتجهيزه بشكل حرفي عبر ماكينات متعددة الاستخدام، وبعد ذلك يدخل الطرف في مرحلة خاصة بتجهيز الأطراف الداخلية والخارجية، وعند الحاجة يتم التوجه لقسم الأحذية الطبية".
ويوضح أنّ المريض يتجه بعد الحصول على الطرف اللازم إلى قسم العلاج الطبيعي، من أجل تدريبه على التعامل مع الطرف وفق الظروف والمعطيات كافة، مبيناً أنّ القسم مجهز بشكل يحاكي البيئة الخارجية من تربة رملية وإسفلتية، وحجرية ناعمة وخشنة.
ويبين الشوا أن كافة الأقسام داخل المركز المعترف به من المنظمة العالمية للأطراف الصناعية "ispo"، تحتوي على فنيين وأخصائيين تلقوا دورات تدريبية متقدمة، وحصلوا على شهادات دولية في مجال الأطراف الصناعية والأجهزة المرافقة.
وكان للجنة الدولية للصليب الأحمر، دور مهم في عمل المركز، إذ قدمت المنظمة الدولية الدعم اللازم له لتمكينه من الاستمرار في تقديم خدماته، عبر توفير كل ما يلزمه من مواد ومكونات أساسية لصناعة الأطراف وتقويم العظام، وتطوير مهارات الأخصائيين، علاوة على توسيع وتجهيز البنية التحتية.
وتقول الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة سهير زقوت لـ"العربي الجديد"، إنّ اللجنة تقوم بدعم مركز الأطراف الصناعية على ثلاثة صعد، وهي توفير المواد الخام لصناعة الأطراف، وتوفير الأجهزة المساعدة مثل العكاكيز والكراسي المتحركة وإطارات المشي، إضافة إلى الدعم الفني الذي تقوم به طواقمها من خلال التدريب والإرشاد.
وتشير إلى أنّ خبراء دوليين من اللجنة يقفون جنباً إلى جنب مع فنيي وأخصائيي مركز "الأطراف الصناعية"، بهدف بناء قدراتهم وتطوير الخدمات المقدمة لتصل إلى مستوى الجودة العالمية، وإلى جانب بناء قدرات العاملين عبر تسهيل ورعاية الدورات التدريبية المتخصصة في دول مختلفة كالهند وتنزانيا.
وتُنَبِه زقوت إلى أنّ دعم اللجنة الدولية لمركز الأطراف المحلي قد يتقلص إذا استطاع المركز الحصول على مصادر دعم مستدامة، ويتمكن من الاعتماد على مقدراته، مشيرة إلى أن الدعم للمركز بدأ عام 2007، وحافظت اللجنة طوال السنوات السابقة على توفير المواد الخام والدعم الفني والتقني.
وتلفت إلى أنّ الجهد الرئيس لجهود اللجنة مع المركز في بناء قدراته خلال الفترة الصعبة التي مرت بها غزة، يتمثل في ضمان اعتماد المركز على نفسه في استمرار تقديم الخدمات في حال عدم قدرة الصليب الأحمر على توفير الدعم اللازم، آملة في الوقت ذاته أن تثمر تلك الجهود تمكين المركز من توفير الخدمات بشكل مستقل.
اقرأ أيضاً:متضررو عدوان غزة ينددون بتأخر الإعمار