ووفقا لوزير عراقي بارز، تحدث لـ"العربي الجديد" عبر الهاتف من بغداد، فإن "تفاهما أميركيا إيرانيا نضج خلال الساعات الأخيرة الماضية حيال الأزمة، يقضي بدعم الرئاسات الثلاث، ورفض إقالة الجبوري أو العبادي، مع الاستمرار بعملية الإصلاح، وتسمية وزراء جدد، وتفعيل القضاء، فضلا عن دعم القوات العراقية في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش).
وأضاف الوزير أن "الأميركيين والإيرانيين باتوا متفقين على ضرورة إكمال الرئاسات الثلاث؛ سليم الجبوري رئيسا للبرلمان، وحيدر العبادي رئيسا للحكومة، ورئيس الجمهورية فؤاد معصوم، دوراتهم الانتخابية التي تنتهي في العام 2018 دون تغيير، خوفا من أن تؤثر الأزمة السياسية على الحرب الجارية ضد داعش"، مؤكدا أن تلويح السُنّة بالانسحاب من العملية السياسية، ورفض الأكراد إقالة الجبوري، كان لهما دور فاعل في هذا الاتفاق بين الجانبين، الذي تم من خلال اتصالات وتفاهمات غير مباشرة على مستوى السفراء، على حد وصف الوزير العراقي.
واشنطن تؤكد على شرعية الجبوري
وفي السياق، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، على لسان سفيرها في بغداد، ستيورات جونز، موقفها من إقالة رئيس البرلمان سليم الجبوري، عبر التأكيد على شرعيته، وذلك خلال كلمة للسفير الأميركي في حفل افتتاح مؤتمر تخطيط إدارة النازحين الذي يعقد حاليا في فندق الرشيد وسط بغداد، في أول رد فعل رسمي يصدر عن مسؤول أميركي حول الأزمة العراقية.
وقال جونز في مستهل كلمته: "أحيي رئيس البرلمان العراقي (سليم الجبوري)، والمواطنين المحليين الذين يساهمون بشكل كبير في معركة الأنبار من أجل إعادة النازحين طوعا وبسلام، وهذا يشكل جهدا مهما"، مضيفا أن "تنظيم داعش يخسر والقوات العراقية والشعب يربحون المعركة ضد التنظيم".
وذكر السفير الأميركي أن "القوات العراقية ضربت داعش في الرمادي بدعم من ضربات التحالف الدولي، باستخدام أفضل الأسلحة المتوفرة في العالم من الدبابات الأميركية وطائرات اف 16".
ويعد وصف جونز للجبوري برئيس البرلمان العراقي اعترافا صريحا برفض واشنطن جلسة إقالته، التي جرت الخميس الماضي على يد عشرات النواب المعتصمين، غالبيتهم من كتلتي المالكي والصدر.
يأتي هذا التصريح بعد ساعات من موقف إيراني مماثل صدر عن السفير حسن دنائي فر، عقب لقائه بزعيم اتحاد القوى العراقية، أسامة النجيفي، إذ أكد رفضه "لما حصل في البرلمان"، ودعا إلى "احترام الشرعية"، وفقا لبيان صدر عن مكتب النجيفي صباح اليوم الأحد.
إلى ذلك، قال النائب محمد الجاف، لـ"العربي الجديد"، إن المباحثات المستمرة قد تفضي إلى حل بعد توافق الأميركيين والإيرانيين في الأزمة الحالية، مضيفا أن عدد النواب المعتصمين داخل البرلمان تناقص بشكل كبير، "وهذا يؤشر إلى تقدم إيجابي"، بحسبه، مؤكدا أن كتلة المالكي قد تجد نفسها وحيدة في القاعة بعد انفضاض أغلب المعتصمين.
عودة خلاف الصدر والمالكي
وفي إطار الأزمة السياسية، تحدثت قيادات بـ"التيار الصدري"، لـ"العربي الجديد"، عن عودة الخلافات بين زعيم التيار، مقتدى الصدر، ورئيس الوزراء السابق، نوري المالكي "بعد فضح طموحات الأخير بالعودة إلى منصب رئاسة الوزراء".
وأوضح القيادي بالتيار، حسين البصري، لـ"العربي الجديد"، أن عودة القطيعة بين المالكي والصدر سببها ما وصفه بـ"اكتشاف طموحات غير شرعية للمالكي للعودة إلى منصب رئاسة الوزراء، وسعيه للتسلّق على تضحيات الصدريين واعتصاماتهم"، قائلاً: "كانت رغبة الإخوة والشركاء داخل وخارج العراق لملمة الصف والتوجه نحو تفاهمات تصب في صالح الشعب، لكن المالكي وحزب الدعوة كانت نيتهم سيئة"، وفقا لتعبيره.
وذكر البصري أن "المالكي فشل في حشد تظاهرة صغيرة ودمج أنصاره مع أنصار الصدر، في محاولة لركوب الموجة، وعليه أن يفهم أن لا عودة له لرئاسة الحكومة، فما دمره كاف جدا خلال السنوات الماضية"، قبل أن يستدرك: "تسلّم المالكي العراق 18 محافظة، وتركه 13 محافظة بعد احتلال داعش للمحافظات الشمالية والغربية، فضلا عن الديون والفساد والمجازر والطائفية".
وهاجم زعيم "التيار الصدري"، ليلة أمس السبت، المالكي بشدة، متهمًا إياه بالعمل على ترسيخ المحاصصة المقيتة.
وقال الصدر، في بيان صحافي: "تبًا للحكومة السابقة وقائدها الضرورة صاحب الولاية الثالثة المنهارة، ونحذر، فكل الحذر واجب من هذه الناحية"، في إشارة إلى المالكي ومساعيه للعودة إلى رئاسة الحكومة.
وأضاف الصدر أنه "صار لزامًا الحذر، كل الحذر، واجب من هذه الناحية. وبعد وصايانا، وما قلناه داخل الخيمة الخضراء، من أن على الشعب أن يقول قولته، وأن يصول صولته، لا بالعنوان الصدري، بل بالعنوان العام، طفحت على الواجهة الأصوات النشاز المطالبة بالمحاصصة وإرجاعها بعناوين وحجج ما أنزل الله بها من سلطان"، داعيا الرئاسات الثلاث إلى تقديم تشكيلة التكنوقراط الحكومية إلى مجلس النواب خلال 72 ساعة للتصويت عليها.
من جهته، رد "حزب الدعوة" على الانتقادات الحادة التي وجهها الصدر إلى الأمين العام للحزب، إذ قال، في بيان له صدر الأحد، إن "هناك من يحاولون تقمّص الإصلاحات وفرض الوصاية، وتهديد الشركاء السياسيين بالانقلاب على الحركة الإصلاحية وحرف بوصلتها"، لافتا إلى أن هؤلاء قادوا منظومات القتل والفساد وانتهاك الأعراض والمقدسات الدينية.
وحمّل "الدعوة"، في بيانه، من سمّاهم "المتاجرين بالإصلاحات" المسؤولية الكاملة عن وقوع أي خلل أو انحراف في المسيرة الإصلاحية، مدافعا عن نوابه المشاركين في اعتصام البرلمان، قائلا إن ذلك ينسجم مع رؤيته السياسية الإصلاحية.