شهد مقر الحكومة الفلسطينية، يوم أمس الإثنين، التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة وأهمها الكهرباء والطاقة المتجددة، إضافة للنفط والغاز والصخر الزيتي.
ولم يتم التطرق في مذكرة التفاهم لتفاصيل الاتفاق باستثناء الإشارة إلى استعداد الأردن لشراء الغاز الفلسطيني من حقول قطاع غزة، إضافة إلى توسيع ربط شبكة الكهرباء الأردنية بالشبكة الفلسطينية في الضفة الغربية.
وحسب محللين فإن سيطرة إسرائيل على سواحل غزة تحول دون تنفيذ الاتفاق الأردني
الفلسطيني الخاص باستيراد الغاز.
وقال محمد حامد، وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني، إن الاتفاقية الموقعة مع الحكومة الفلسطينية تشمل الطاقة المتجددة والنفط والغاز والربط الكهربائي، معلناً عن "توجه نحو زيادة ربط شبكة الكهرباء الأردنية من خلال الربط الثماني بالشبكة الفلسطينية"، ويغذي خط محدود القدرة من الشبكة الأردنية مدينة أريحا الفلسطينية بالكهرباء حالياً.
وأوضح حامد، في مؤتمر صحافي مشترك مع نائب رئيس الوزراء وزير الاقتصاد الفلسطيني محمد مصطفى، أن بلاده ستوقع اتفاقية نوايا مع شركة "بريتش غاز" البريطانية صاحبة الامتياز في آبار قطاع غزة لشراء الغاز الفلسطيني.
وحصلت شركة "بريتش غاز" البريطانية في عام 1999 على امتياز من السلطة الفلسطينية لتطوير حقول الغاز قبالة قطاع غزة، وحالت الإعاقات الإسرائيلية منذ ذلك الحين دون بدء ضخ الغاز من البئر الذي تم اكتشافه.
ويوضح نائب رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية، ظافر ملحم، أنه لم يتم التطرق خلال التوقيع على مذكرة التفاهم لتفاصيل اتفاقيات النوايا التي تمت بين الطرفين الأردني والفلسطيني، ولفت إلى أن الشركة البريطانية صاحبة الامتياز هي التي ستحدد الأسعار بالتفاوض مع الطرف الذي ينوي شراء الغاز.
وتوقع ملحم، في مقابلة مع "العربي الجديد"، إعلاناً خلال الأسابيع القادمة بشأن تفاصيل رفع القيود الإسرائيلية على استغلال ثروات الغاز الفلسطينية، وأوضح أن الأردن يتجه لتنويع مصادر الطاقة في ضوء تجاربه مع الغاز المصري.
وزادت خسائر شركة الكهرباء الوطنية الحكومية بالأردن عن 7.5 مليارات دولار، بسبب تحولها لاستخدام الوقود الثقيل بدلاً من الغاز الطبيعي المصري الذي توقفت إمداداته عن البلاد نهائيا منذ يوليو/تموز 2013، وسبق وأن تقطعت بسبب تفجير الخط الناقل بعد الإطاحة بنظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.
ورداً على سؤال لـ "العربي الجديد" عما إذا كانت صفقة شراء الغاز الفلسطيني بديلاً عن خطة أخرى لشراء الغاز الإسرائيلي، قال وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني، محمد حامد، إن لدى بلاده "خطة استراتيجية لتحقيق أمن الطاقة حتى عام 2020، وأحد مصادر الغاز الطبيعي سيكون من خلال تشغيل ميناء الغاز المسال في العقبة في يوليو/تموز المقبل، بالإضافة إلى مسار شراء الغاز الفلسطيني ومسارات أخرى لتحقيق هدف أمن الطاقة".
بدوره، قال الوزير الفلسطيني، محمد مصطفى، إن "العقبات الإسرائيلية حالت دون استغلال
حقول الغاز الفلسطيني المكتشفة منذ سنوات طويلة على حدود قطاع غزة"، لافتاً إلى أن "المتغير هو ضغوط دولية لإزالة هذه العقبات، بما يمكن الأردن من شراء الغاز الفلسطيني".
وأكد أن "بدء شركة بريتش غاز في استغلال آبار قطاع غزة سيساعد في بيع جزء من هذا الغاز إلى الأردن، بالإضافة إلى استغلال جزء آخر من قبل شركات فلسطينية، بما يؤدي إلى الحد من عجز الموازنة الفلسطينية العامة".
وفي أغسطس/آب الماضي، قال جمال قموه رئيس لجنة الطاقة في مجلس النواب الأردني، إن الأردن والسلطة الفلسطينية اتفقا مبدئيا على بعض الجوانب المتعلقة، بشراء الجانب الأردني للغاز الطبيعي، من الحقل الذي اكتشف مؤخرا قبالة سواحل قطاع غزة.
وأضاف قموه أن الاتفاق الأولي يتضمن تزويد الأردن بـ 150 مليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي من الحقل، مشيرا إلى أن هذه الكمية، وبعد الحصول عليها ستغطى 50% تقريبا من احتياجات بلاده من الغاز، والتي تتراوح بين 300 إلى 350 مليون قدم مكعبة يوميا.
ويعاني الأردن من تحدي ارتفاع فاتورة الطاقة التي تقدر سنويا بحوالي 6.5 مليارات دولار حيث يستورد كافة احتياجاته من النفط الخام والمشتقات النفطية من الخارج وغالبيتها من السعودية.
وأفاد بيان لوزارة الاقتصاد الفلسطينية، وصل "العربي الجديد" أمس نسخة منه، بأن الطرفين اتفقا على مأسسة جهود التعاون من خلال توقيع مذكرة التفاهم، ووضع إطار للتعاون بين البلدين الشقيقين من أجل تنمية وتطوير العلاقات القائمة بينهما في مجالات النفط والغاز والكهرباء وغيرها من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، بما في ذلك أعمال التنقيب عن النفط والغاز.
كما تم الاتفاق، وفق البيان نفسه، على تعزيز مشروع الربط الكهربائي الثماني، الذي يشمل فلسطين والأردن ودولا عربية أخرى، ودراسة إمكانية بناء محطة مشتركة لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة الشمسية.
ويؤكد الجيولوجي الفلسطيني د. طالب الحارثي أن استخدام التكنولوجيا الحديثة في التنقيب أثبتت أن "الرف القاري المعروف بشرق المتوسط، الممتد من السواحل المصرية جنوبا حتى قبرص شمالا يضم مخزونا واعدا يقدر بتريليونات الأمتار المكعبة من الغاز الطبيعي".
وتسيطر إسرائيل على معظم اكتشافات النفط والغاز بمنطقة شرق البحر المتوسط.
وأعرب الحارثي، في حديثه مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده أن "هناك العديد من الآبار غير
المكتشفة قبالة سواحل قطاع غزة البالغ طولها 40 كيلومترا، بالإضافة إلى تلك التي تم اكتشافها في أواخر التسعينيات من القرن الماضي".
وقال إن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي تحول دون الاستعانة بخبرات وتقنيات تساعد على تحديد الحصة الفلسطينية من الغاز الطبيعي بدقة.
وأوضح أنه حتى الآن لا يتوفر أي دليل عن أن إسرائيل تسرق هذه الثروة، ولكنه جزم "أنها (إسرائيل) لن تسمح للفلسطينيين باستغلال كافة حقوقهم فيها، خاصة وأن الكميات المتوقعة تكفي الضفة الغربية وقطاع غزة لعشرات السنوات في حال تم استغلالها".
وأضاف الخبير الفلسطيني لـ "العربي الجديد" أن إسرائيل اكتفت ذاتيا من الغاز الطبيعي بعد بدء تشغيل حقل "الحوت" قبالة مجينة اسدود وتبحث عن أسواق إقليمية للتصدير.