الأردن..موسم الانتخابات يوفر فرص عمل ويحرك الأسواق

02 اغسطس 2016
العديد من العاطلين ينتظرون موسم الانتخابات للانخراط في وظائف(Getty)
+ الخط -


تعدّ الانتخابات البرلمانية في الأردن التي ستجري في العشرين من سبتمبر/ أيلول المقبل موسما لتحريك الأسواق وتوفير فرص عمل مؤقتة بحكم الإنفاق الكبير الذي تشهده حملات المرشحين وإغداقهم الأموال على العديد من المناطق بطرق مختلفة، حسب خبراء اقتصاد تحدثوا لـ"العربي الجديد". ويتطلع كثير من الأردنيين للانتخابات على أنها فرصة لهم للحصول على عوائد مالية لقاء العمل مع المرشحين، ولا سيما في مجال الدعاية والترويج.

ورغم ارتفاع وتيرة المطالبات للحكومة بمواجهة ظاهرة المال السياسي التي بدأت تشهدها الساحة الأردنية الفترة الأخيرة مع اقتراب موعد الانتخابات، إلا أن رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب خالد كلالدة، أعطى شرعية لاستخدام المال في الانتخابات بقوله "إن المال السياسي محمود ومطلوب مع الالتزام بالضوابط القانونية المحدّدة".

وأضاف في تصريحات صحافية أخيراً، أنه قد تم اشتراط أن يكون لكل قائمة انتخابية حساب مصرفي، وأن تبرز القائمة مواردها وأوجه الصرف وأن تكون ممسوكة بحساب بنكي للانتخاب يغلق بعد الانتخاب وتراجع عبر مدقق حسابات.
وأقر بأن المرشحين يستخدمون في حملاتهم بعض الشباب، مشيراً إلى أن ذلك لا مشكلة فيه ولا يدخل في تصنيفات الفساد، لكن الأمر يتعلق ببيع الذمم وشراء الأصوات.

وفي هذا السياق، قال المتحدث الرسمي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب جهاد المومني، لـ"العربي الجديد"، إن الانتخابات تحتاج إلى مبالغ كبيرة لإجرائها، حيث تم تخصيص مبلغ حوالي 24 مليون دولار للهيئة للقيام بالإعداد والإشراف على الانتخابات النيابية المقبلة.

وأضاف أن هذه المبلغ ينعكس على السوق من حيث حجم الحملات الدعائية التي تقوم بها الهيئة لتحفيز المواطنين على المشاركة في الانتخابات، وكذلك التعريف بالقانون، حيث تحقق شركات ومحلات الدعاية عائدا جيدا هذه الفترة إلى جانب ما يتم إنفاقه من قبل المرشحين.
وقال إنه لا توجد تقديرات دقيقة لحجم إنفاق المرشحين على الانتخابات بسبب تعدد مجالات الصرف، ولكن هذه المرة سيتم تحديد ما ستنفقه القوائم الانتخابية من خلال الحسابات المصرفية الخاصة بكل قائمة ومراقبة عمليات تمويل وتنفيذ الحملات الدعائية، مشيرا إلى أن مبالغ ضخمة تنفق من المستحيل مراقبتها.

ومن جانبه، قال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب السابق يوسف القرنة، لـ"العربي الجديد"، إن الانتخابات تساهم في تحريك الأسواق لعدة أشهر من خلال ما تشهده من عمليات إنفاق كبيرة من قبل المرشحين وبمبالغ تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات، وكذلك مبادرة بعض المرشحين لتقديم الدعم المادي لمؤسسات المجتمع المدني من جمعيات وأندية ومراكز العون الاجتماعي وغيرها.
وأضاف أن القطاع التجاري من أكثر القطاعات التي تشهد انتعاشا هذه الفترة بحكم الإقبال الكبير على شراء المواد الغذائية والحلويات، إضافة إلى تنشيط حركة النقل وارتفاع فاتورة الاتصالات الخلوية التي يجريها المرشحون ومؤيدوهم والرسائل الخلوية التي تدخل ضمن الحملات الدعائية.


وبيّن القرنة أن تحديد الهيئة المستقلة للانتخاب سقفا للإنفاق على الحملات الانتخابية سيضبط عملية الإنفاق إلى حد ما، ولكنّ هناك أوجها كثيرة للصرف تتمثل في تقديم المعونات المالية المباشرة لبعض الناخبين، كما حدث خلال شهر رمضان الماضي عندما ارتفع حجم طرود الخير التي تم توزيعها على المحتاجين.
وأكد القرنة أهمية اتباع المسارات السليمة في الحملات الانتخابية وأن تكون مجالات الصرف وفق الأطر المشروعة بعيدا عن شراء ذمم الناخبين والتلاعب بمجريات العملية الانتخابية بترشيح وتمويل حملات مرشحين لخدمة مصالحهم والتأثير على القواعد الانتخابية لآخرين.

وأوضح رئيس المرصد العمالي الأردني أحمد عوض، لـ"العربي الجديد"، أن الانتخابات تشكل فرصة لتشغيل عدد كبير من الشباب العاطلين من العمل لعدة أشهر مقابل أجور مرتفعة، مشيراً إلى أن العديد من العاطلين ينتظرون هذه الفترة من سنة لأخرى.
وأضاف عوض أن ذلك يساهم في الحد من مشكلة البطالة مؤقتا، حيث تؤمن الانتخابات آلاف فرص العمل وتشغيل الشباب وارتفاع الطلب على العديد من القطاعات، لكن سرعان ما تعود البطالة إلى وضعها بعد انقضاء موسم الانتخابات.

وأكد أهمية أن تحتل مشكلة البطالة سلم أولويات مجلس النواب المقبل والعمل على توفير فرص عمل دائمة للعاطلين من العمل خاصة، موضحاً أن النواب الذين سيتم اختيارهم على دراية بحجم المشكلة وآثارها على المجتمع.
وسجل معدل البطالة ارتفاعا بنسبة 2.8% خلال الخمسة الأشهر الأولى من العام الحالي ببلوغها 14.7% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، حسب الإحصائيات الرسمية.
من جانبه، قال رئيس نقابة أصحاب المطاعم والحلويات رائد حمادة، لـ"العربي الجديد"، إن المطاعم ومحلات الحلويات بدأت تشهد ارتفاعا في الطلب من قبل المرشحين للانتخابات النيابية، وأكد أن الطلب سيرتفع بنسبة أكبر كلما اقترب موعد الانتخابات.

وأضاف أن القطاع يستفيد كثيرا من مواسم الانتخابات بخاصة النيابية منها، مشيرا إلى أن بعض المحلات تلجأ لتشغيل أيد عاملة إضافية هذه الفترة لتلبية الطلب المتزايد وكذلك العمل لساعات طويلة.
وقال مواطنون، لـ"العربي الجديد"، إنهم يبحثون عن فرص عمل مؤقتة هذه الفترة مع بعض المرشحين للقيام بالأعمال المساندة لحملاتهم الانتخابية، مثل خدمات النقل والدعاية والتواصل مع الناخبين، مشيرين إلى أنهم يتقاضون مبالغ متفاوتة وتعتمد على ملاءة المرشح المالية.
وأضافوا أن إجراء الانتخابات هذه المرة بطريقة القوائم ربما يساهم في ارتفاع الأجور للعمالة المؤقتة لعدة أشهر، وتصل أحيانا لأكثر من 500 دولار في الشهر.

وذكر مواطنون أن أحد المرشحين قام في حملة سابقة بتشغيل عدد كبير من الشباب لأكثر من عام، ولكن سرعان ما اتخذ قرارا بفصلهم بعد إخفاقه في الانتخابات رغم وعوده السابقة لهم بأنهم سيحتفظون بعملهم لحاجته إليهم وأن تشغيلهم لا يرتبط بالانتخابات.
وأظهر آخر تقرير لحالة الفقر في الأردن عام 2010 ارتفاع مستويات الفقر إلى 14.4%، فيما بلغت نسبته 13.3% في عام 2008، ويتوقع ارتفاعه بسبب التحديات الإقليمية وأزمة اللاجئين السوريين وتآكل الدخول.

وقدر الخبير الاقتصادي حسام عايش، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، حجم المال السياسي الذي ينفق على الانتخابات البرلمانية في الأردن بما يراوح بين 25% و40% من إجمالي ما ينفقه المرشحون في كل دورة انتخابية والبالغ حوالي 140 مليون دولار، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وأشار إلى عدم وجود رصد رسمي لإجمالي الإنفاق على الحملات الانتخابية.


المساهمون