اغتيال قائد فرقة "حماة الأهرام"..5 معلومات عن العميد رجائي

24 أكتوبر 2016
العميد رجائي خدم في سيناء (وسائل التواصل)
+ الخط -

صباح السبت الماضي، اغتالت مجموعة مسلحة، العميد عادل رجائي، قائد الفرقة التاسعة المدرعة، في تطور خطير لمسلسل العنف المسلح في مصر، إذ تعد تلك العملية الأكثر أهمية عقب واقعة اغتيال النائب العام المصري في 29 يونيو/حزيران 2015، وفقا لما يؤكده مراقبون وخبراء.

ويرى عسكريون أن أهمية العميد عادل رجائي لا تقاس برتبته العسكرية التي لا تعد الأهم في الجيش المصري، إذ يفوقها في الأهمية رتبة اللواء والفريق والفريق أول، بل بقيادته لواحدة من أهم فرق الجيش المصري والمعروفة بفرقة "حماة الأهرام".

ما هي الفرقة التاسعة؟

تقع الفرقة التاسعة المصرية المدرعة داخل نطاق "قطاع دهشور العسكري" (جنوب غرب مُحافظة الجيزة)، والذي يتبع المنطقة المركزية العسكرية، ويضم القطاع بخلاف الفرقة التاسعة ثلاثة مراكز تدريبية (المشاة، والمشاة المتخصص، والدفاع الجوي) إضافة إلى محطة مياه لخدمة القطاع ومحطة كهرباء، ويبلغ عمق القطاع من أول طريق الفيوم (جنوب القاهرة) ويمتد حتى هرم سقارة (على بعد 30 كيلومترا من الجهة الجنوبية للعاصمة المصرية)، وتقوم الفرقة التاسعة بتأمين كامل القطاع، وبسبب موقعها إلى جوار منطقة أهرامات الجيزة، عرفت الفرقة بـ"حُماة الأهرام".

أنشئت الفرقة التاسعة عام 1984، وبرزت بقوة عقب ما عرف بانتفاضة الأمن المركزي 1986 إذ ساهمت في السيطرة على تمرد جنود الأمن المركزي احتجاجاً على سوء أوضاعهم، وتعاقب على قيادتها واحد وعشرون قائداً، وكان محمود حجازي رئيس الأركان الحالي أحد قادتها في الفترة بين عامي 2005 إلى 2006، وجرت العادة أن يتولى قيادتها أحد الألوية، ويعد اللواء أركان حرب سعيد عبدالرازق، آخر من تولى قيادة الفرقة من اللواءات في الفترة من عام 2010 وحتى 2011، وخلال فترة قيادة اللواءات للفرقة جرت العادة ألا تزيد فترة أحدهم عن عام واحد بسبب خطورة المنصب الذي يسيطر على جزء مهم من الدولة المصرية، فيما تغير الوضع مع آخر ثلاثة قادة للفرقة إذ تولى قيادتها ضابط برتبة عميد، بدءا من العميد أركان حرب جمال عبدالمجيد شاش (2011-2013)، وتلاه العميد أركان حرب إيهاب يوسف سلوم، والذي تولي قيادة الفرقة في عام 2013 وحتى منتصف عام 2014 وتلاه العميد رجائي من وقتها، وحتى السبت الماضي.

وتتكون الفرقة التاسعة من بضعة ألوية هي اللواء (71 و 72) مدرع واللواء 90 مشاة واللواء 44 مدفعية، بخلاف السرايا التابعة لقيادة الفرقة مباشرة ولا تتبع أحد الألوية، ويقع نطاق عمل الفرقة التاسعة في محافظات الجيزة والفيوم وبني سويف والمنيا، ويغطي نطاق عملها في الجيزة مناطق كرداسة وناهيا والمنصورية والهرم، وتمتد لتشمل تأمين العديد من السفارات التي تقع داخل نطاق محافظة الجيزة حتى حدود ميدان التحرير من ناحية منطقة الدقي ومن هنا تكتسب الفرقة أهميتها؛ إذ إنها تغطي أماكن شديدة التوتر أمنياً، بخلاف مشاركتها في تأمين سجون مهمة مثل طرة ووادي النطرون وطريق الواحات الذي يعد أحد المنافذ الرئيسية لتجارة الآثار والمخدرات والسلاح، وهذه الأهمية المتعلقة بنطاق التأمين والنفوذ العسكري جعلت قائدها يحظى بمكانة عسكرية مرموقة استدعت تأمينه بقوة من الشرطة العسكرية ترافقه في تحركه، واستدعت عملية الاغتيال دعوة عبدالفتاح السيسي لعدد من الأجهزة الأمنية من أجل المشاركة في اجتماع بحث خلاله تداعيات مقتل قائد الفرقة التاسعة مدرعة.


العميد عادل رجائي

تؤكد مصادر عسكرية، أن العميد أركان حرب عادل رجائي عمل في سيناء قبل انتقاله لقيادة الفرقة التاسعة المدرعة، غير أن العديد من الوسائط الإعلامية تداولت معلومة خاطئة حول أن العميد رجائي كان مسؤولا عن تأمين القاهرة أثناء إجراءات عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي؛ الأمر الذي يخالف الواقع، إذ إن نطاق عمل الفرقة لا يغطي القاهرة، بخلاف أن قائد الفرقة وقتها كان العميد إيهاب يوسف سلُّوم، والذي تم إنهاء خدمته العسكرية أثناء قيادته للفرقة منتصف 2014 تقريبا، وتولى بعده رجائي قيادة الفرقة، أي أن العميد سلوم كان المسؤول عن الفرقة في ذلك الوقت، لكن ربط العديد من الوسائط الإعلامية المقربة من النظام المصري وأجهزته الأمنية بين العميد رجائي ودوره في سيناء لا يخلو من تحريض مبطن ضد أهالي سيناء وغزة، إذ جرى ترويج المعلومة منذ اللحظات الأولى لتغطية عملية الاغتيال بشكل مكثف.

ووفقاً للمصادر العسكرية فإن العميد رجائي وإن شارك في عمليات هدم الأنفاق أثناء وجوده بسيناء ضمن غيره من القادة العسكريين، إلا أن الأوضاع تفجرت هناك بشدة مع بدء عمليات إخلاء الشريط الحدودي التي جرت في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2014 بعد ترك العميد رجائي لسيناء وانتقاله إلى قيادة الفرقة التاسعة.

سامية زين العابدين

في عام 1998 تزوج العميد عادل رجائي من الصحافية سامية زين العابدين ولم ينجبا، وعملت زوجة العميد رجائي مراسلة حربية وترقت حتى صارت رئيسة قسم الشؤون العسكرية في مؤسسة دار الجمهورية، وتشغل الآن منصب مدير تحرير صحيفة المساء المصرية.

وعُرفت زين العابدين برفضها لحكم الإخوان وشاركت في التظاهر ضد نظامهم، وتحدثت في لقاءات متلفزة عديدة عبرت فيها عن سعادتها باعتقال قياداتهم وقبولها لممارسات الدولة معهم، بخلاف مشاركتها في العديد من الفعاليات الداعمة للجيش والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، كما سبق أن أسست ائتلاف الأغلبية الصامتة للدفاع عن الرئيس المخلوع مبارك ولمناوءة الحركات السياسية الثورية، وتم تكريمها من قبل المشير حسين طنطاوي القائد العام السابق للقوات المسلحة المصرية.

تقول زوجة العميد رجائي إنها شاهدت واحداً ممن قاموا بعملية الاغتيال، وذكرت أنه كان ملثماً لذا لم يمكنها التعرف إليه، وعقب الحادث أصيبت سامية زين العابدين بانهيار عصبي دخلت على إثره المستشفى حتى الآن.


عملية الاغتيال

تبنت حركة تسمي نفسها "لواء الثورة" اغتيال العميد رجائي، ووفقاً للبيان المنسوب للحركة فإنهم قاموا باغتياله بطلقات عدة في رأسه، وأصابوا مرافقه وسائقه الذي توفي متأثرا بجراحه، فيما فر باقي فريق الحراسة، وأكد حارس المبنى الذي يسكن فيه رجائي أن ملثمين قاما بإطلاق الرصاص عليه وعلى سائقه ومرافقه، واستوليا على السلاح الخاص بهما، وفرّا هاربين في الصحراء خلف المنزل بسيارة "دايو نوبيرا" وفقاً لما نشرته وسائل إعلام محلية مصرية، لكن جميع هذه الوسائط لم تذكر شيئا أفراد الحراسة الباقين، من أجل عدم اتهام المؤسسة العسكرية بعدم قدرتها على تأمين قيادة بتلك الأهمية، فيما تطرق بيان لواء الثورة لـ "فرار باقي أفراد الحراسة" على حد زعمهم.

لواء الثورة

تم تدشين لواء الثورة في 23 أغسطس/آب بعد يومين من عملية جرت في كمين العجيزي، راح ضحيتها مجند ومخبر وأصيب 5 آخرون في محافظة المنوفية، وأُغلقت صفحة لواء الثورة بعد فترة وجيزة من تدشينها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ثم أنشأت الحركة صفحتها مجدداً لتعلن عن عملية اغتيال العميد رجائي، وذكرت أنها ستنشر فيديو العملية في وقت لاحق.

وذكرت الحركة في بيانها أنها قامت بالعملية رداً عما أسمته جرائم النظام، وآخرها اغتيال الدكتور محمد كمال، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان الذي تمت تصفيته من قبل أجهزة الأمن قبل أيام، كما ذكرت أن كافة قيادات وأفراد الأجهزة المعاونة في مرمى نيرانهم وتحت أعينهم بحسب البيان.

المثير للانتباه أن البيان تبنى الروايات الصحافية التي تزامنت مع عملية الاغتيال عن دور رجائي في سيناء والقاهرة في السنوات الماضية، والجزء المتعلق بالقاهرة مغلوط تماماً، كما تمت الإشارة من قبل، وهو ما يفتح باب التساؤل عن مدى معرفة الحركة بطبيعة عمل قائد الفرقة، في ظل احتمال ترتيب العملية واختيار المستهدف لكونه شخصاً عسكرياً تبدو أهميته في وجود حراسة ترافقه.

يمكن القول إن عملية اغتيال العميد عادل رجائي تمثل نقلة هائلة في العنف المسلح بمصر، من حيث الشخصية المستهدفة، إذ إنه عسكري يقود فرقة مهمة، في تطور نوعي للعنف المسلح المستشري في مصر، في ظل غياب أي أفق لانتهاج الدولة المصرية طريقاً لمكافحة ذلك العنف، إذ تكتفي الدولة بمواجهة المسلحين من دون مواجهة الأفكار المولدة للعنف.