18 أكتوبر 2024
اغتيال فتحي زيدان والفلسطينيون في لبنان
دوّى انفجار كبير، ظهر أول من أمس الثلاثاء (12 إبريل/ نيسان الجاري) أمام مدرسة الأميركان قرب مدخل مخيمي عين الحلوة والمية ومية للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوب لبنان، استهدف مسؤول حركة فتح في مخيم المية ومية، فتحي زيدان، ما أدّى إلى مقتله، ومقتل بائع قهوة في محيط المكان، وإصابة أربعة أشخاص في محيط المكان، إضافة إلى احتراق سيارته وأضرار لحقت بمحيط الانفجار. وعلى مستوى التداعيات، وما يحمله الاغتيال من رسائل، فإن الأمر قد يكون مختلفاً بشكل كبير؛ فإذا كان الانفجار قد استهدف المغدور، إلا أنّ القضية أبعد من ذلك وأعمق، إذ يشتمل الانفجار على مشروع فتنة قد يكون هدفها المخيم والوجود الفلسطيني في لبنان بشكل عام.
وكان مخيم عين الحلوة، قد شهد في الأيام والأسابيع الأخيرة، عدة إشكالاتٍ تحوّلت إلى اشتباكات بالأسلحة الخفيفة، بعضها كان يجري على خلفية عائلية، وأخرى على خلفيةٍ شخصية وفردية، لكنها كانت تأخذ، في أغلب الأحيان، بعداً فصائلياً، وغالباً ما كان يتم تصوير تلك الاشتباكات في المخيم على أنها بين عناصر محسوبة على حركة فتح، وأخرى محسوبة على تنظيماتٍ أو مجموعات "إسلامية"، وغالباً ما كان ينتهي الإشكال، أو الاشتباك، بمقتل بعض الأشخاص ممن لهم علاقة أو ليس لهم علاقة، في حين يبقى مطلقو النار من دون حسيب أو رقيب.
القضية في مخيم عين الحلوة، وغيره من المخيمات، أبعد من هذه المسألة. إنها تتعلق بتصفية الوجود الفلسطيني في لبنان، والقضاء على القضية الفلسطينية التي يرمز إليها بشكل أساسي اليوم مخيم عين الحلوة وبقية المخيمات، باعتبارها تتمسك بحق العودة إلى فلسطين، بمقدار ما تتمسك برفض التوطين في لبنان، أو التهجير إلى خارجه، وبالمقدار نفسه المطالبة بالحقوق الإنسانية التي أقرّتها الأديان السماوية والقوانين الدولية، وعدم التنازل عن أي شيء من هذه الحقوق.
تابعنا، منذ أسابيع، كيف لجأت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إلى تقليص خدماتها للاجئين في المجالات الطبية والرعائية والتربوية وغيرها، وكيف اتحدت الفصائل الفلسطينية، على تنوّعها، للوقوف بوجه هذا المشروع الذي يرمي إلى ضرب الوجود الفلسطيني في المخيمات أولاً، وفي لبنان أيضاً، خطوة على طريق تصفية الوجود الفلسطيني في هذه المخيمات، وعلى طريق إنهاء القضية الفلسطينية وشطبها من قاموس التداول، لأن الدول المعنية بهذه المسألة تدرك، تمام الإدراك، أن بقاء المخيمات وبقاء الوكالة كفيلان بإبقاء القضية حيّة في وجدان كل فلسطيني، وبالتالي، سيعيق ذلك شطب القضية الفلسطينية ومحوها من ذاكرة الفلسطينيين والعرب.
جاء اغتيال القيادي في فتح، فتحي زيدان، ضمن هذا المشروع والمخطط الذي يهدف إلى
إدخال المخيمات، لا سيما عين الحلوة، في دوّامة من الصراعات والاشتباكات الفصائلية التي تستنزف الجميع، وتزهق الدم الفلسطيني بأيدٍ فلسطينية، وتدمّر المخيم بأدوات فلسطينية. وهنا، لا يكون أمام اللاجئين سوى الفرار إلى الخارج، بحثاً عن الأمن والأمان والاستقرار، و"الكفر" بالفصائل والسلاح، وحتى بالقضية وكل شيء، والتخلّي عن الحقوق التي تم التمسك بها عقوداً، والقبول بالحلول المرحلية و"السلمية"، حتى لو كانت على أي حساب، وإرغام الجميع على قبول الأمر الواقع. وهنا، لا بدّ للفصائل أن تكون يقظة ومدركة حجم هذا الخطر الذي يتهدّد الفلسطينيين، في وجودهم وحقوقهم وقضيتهم، ويبدو أن الجميع يدرك هذه الحقيقة، ويعمل لقطع الطريق على أي مندسّ يريد أخذ المخيم إلى المجهول، تحقيقاً لرغباتٍ وتطلعاتٍ آنية وخاصة.
وفي السياق نفسه، لا بدّ من إدراك مسألة أخرى، هي أن عملية الاغتيال تمت، هذه المرّة، خارج المخيمات، بل في مدينة صيدا، ولعلّ الجاني أراد في ذلك أن "يُحدث" ردة فعل داخل المخيمات على اغتيال زيدان، بغرض إدخال المخيم في صراع مع محيطه، أي مع الدولة. وهنا، تأتي الكارثة وتحلّ النتيجة نفسها، لأن من شأن الانزلاق إلى هذا المربع، أيضاً، تدمير المخيم، وتهجير أهله، والقضاء على القضية والحق الفلسطيني. ومن هنا، رأينا كيف بادرت القوى الصيداوية إلى شجب هذا الاغتيال واستنكاره، والدعوة إلى التمسك بالحق الفلسطيني، والعمل لقطع الطريق على أي محاولاتٍ لإشعال فتنة لبنانية فلسطينية.
يبقى أن نقول إن الضحية الحقيقية للجاني الذي ارتكب تلك الجريمة ليس فتحي زيدان فقط، إنما القضية الفلسطينية بشكل عام، وسيكرّر هذا الجاني محاولاته في صور وأشكال مختلفة، وهو ما يجب أن يكون الجميع له بالمرصاد.
وكان مخيم عين الحلوة، قد شهد في الأيام والأسابيع الأخيرة، عدة إشكالاتٍ تحوّلت إلى اشتباكات بالأسلحة الخفيفة، بعضها كان يجري على خلفية عائلية، وأخرى على خلفيةٍ شخصية وفردية، لكنها كانت تأخذ، في أغلب الأحيان، بعداً فصائلياً، وغالباً ما كان يتم تصوير تلك الاشتباكات في المخيم على أنها بين عناصر محسوبة على حركة فتح، وأخرى محسوبة على تنظيماتٍ أو مجموعات "إسلامية"، وغالباً ما كان ينتهي الإشكال، أو الاشتباك، بمقتل بعض الأشخاص ممن لهم علاقة أو ليس لهم علاقة، في حين يبقى مطلقو النار من دون حسيب أو رقيب.
القضية في مخيم عين الحلوة، وغيره من المخيمات، أبعد من هذه المسألة. إنها تتعلق بتصفية الوجود الفلسطيني في لبنان، والقضاء على القضية الفلسطينية التي يرمز إليها بشكل أساسي اليوم مخيم عين الحلوة وبقية المخيمات، باعتبارها تتمسك بحق العودة إلى فلسطين، بمقدار ما تتمسك برفض التوطين في لبنان، أو التهجير إلى خارجه، وبالمقدار نفسه المطالبة بالحقوق الإنسانية التي أقرّتها الأديان السماوية والقوانين الدولية، وعدم التنازل عن أي شيء من هذه الحقوق.
تابعنا، منذ أسابيع، كيف لجأت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إلى تقليص خدماتها للاجئين في المجالات الطبية والرعائية والتربوية وغيرها، وكيف اتحدت الفصائل الفلسطينية، على تنوّعها، للوقوف بوجه هذا المشروع الذي يرمي إلى ضرب الوجود الفلسطيني في المخيمات أولاً، وفي لبنان أيضاً، خطوة على طريق تصفية الوجود الفلسطيني في هذه المخيمات، وعلى طريق إنهاء القضية الفلسطينية وشطبها من قاموس التداول، لأن الدول المعنية بهذه المسألة تدرك، تمام الإدراك، أن بقاء المخيمات وبقاء الوكالة كفيلان بإبقاء القضية حيّة في وجدان كل فلسطيني، وبالتالي، سيعيق ذلك شطب القضية الفلسطينية ومحوها من ذاكرة الفلسطينيين والعرب.
جاء اغتيال القيادي في فتح، فتحي زيدان، ضمن هذا المشروع والمخطط الذي يهدف إلى
وفي السياق نفسه، لا بدّ من إدراك مسألة أخرى، هي أن عملية الاغتيال تمت، هذه المرّة، خارج المخيمات، بل في مدينة صيدا، ولعلّ الجاني أراد في ذلك أن "يُحدث" ردة فعل داخل المخيمات على اغتيال زيدان، بغرض إدخال المخيم في صراع مع محيطه، أي مع الدولة. وهنا، تأتي الكارثة وتحلّ النتيجة نفسها، لأن من شأن الانزلاق إلى هذا المربع، أيضاً، تدمير المخيم، وتهجير أهله، والقضاء على القضية والحق الفلسطيني. ومن هنا، رأينا كيف بادرت القوى الصيداوية إلى شجب هذا الاغتيال واستنكاره، والدعوة إلى التمسك بالحق الفلسطيني، والعمل لقطع الطريق على أي محاولاتٍ لإشعال فتنة لبنانية فلسطينية.
يبقى أن نقول إن الضحية الحقيقية للجاني الذي ارتكب تلك الجريمة ليس فتحي زيدان فقط، إنما القضية الفلسطينية بشكل عام، وسيكرّر هذا الجاني محاولاته في صور وأشكال مختلفة، وهو ما يجب أن يكون الجميع له بالمرصاد.