استمرار اللقاءات الليبية وحفتر يعود للتلويح بالتصعيد العسكري

طرابلس

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
10 سبتمبر 2020
سياسية/الحوار الليبي في المغرب/(فايسبوك)
+ الخط -

في الوقت الذي تُنتظَر فيه عودة ممثلي مجلسي الدولة ونواب طبرق الليبيين إلى المغرب لاستئناف الجلسات، لا تزال مواقف اللواء المتقاعد خليفة حفتر تتجه للتصعيد العسكري بإعلان امتلاكه أسلحة جديدة متطورة، ما يهدد بنسف جهود التوصل إلى تفاهمات تُفضي إلى عملية سياسية جديدة.

وكشفت مصادر ليبية عن إمكانية استئناف اللقاءات بين ممثلي مجلسي الدولة ونواب طبرق اليوم الخميس، أو غداً الجمعة، بعد أن انتهى اللقاء الأول، مساء الثلاثاء الماضي، الذي تضمن مشاورات حول شاغلي المناصب السيادية، في الوقت الذي سربت فيه وسائل إعلام ليبية نتائج مشاورات بين أطراف ليبية، جرت في العاصمة السويسرية جنيف، انتهت إلى تمديد عمل المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق لسنة واحدة، تمهيداً لانتخابات رئاسية وبرلمانية تجري وفق تعديلات يدخلها مجلسا النواب والدولة على اتفاق الصخيرات الموقع نهاية 2015.

لكن المصادر ذاتها، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أكدت أن البعثة الأممية لا تزال منشغلة بالترتيبات الأمنية الخاصة بمحادثات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) التي لم تتوصل إلى نتائج بشأن إخلاء سرت والجفرة من السلاح بسبب مماطلات ممثلي حفتر العسكريين باللجنة، فيما لا تزال في مرحلة التمهيد للقاءات موازية لشخصيات سياسية مختلفة لمناقشة ملفات تتعلق بالمسار السياسي، وتحديداً إعادة تشكيل المجلس الرئاسي وفصل حكومة وحدة وطنية عنه، بالإضافة إلى ملف التوافق على قاعدة دستورية لانتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة.

وحول التسريبات المتداولة من قبل وسائل الإعلام الليبية، أكدت المصادر نفسها أنها ليست نتائج نهائية ورسمية، وأنها مجرد نتائج لقاءات بين شخصيات بمبادرة شخصية، والبعثة الأممية لن تعلن أي شيء حتى الآن من مجمل المسارات الجارية حالياً، مشيرة إلى أن الجانب الأميركي لا يزال يشدد على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار وإخلاء منطقتي سرت والجفرة من السلاح، وهو الأمر المناط باللجنة العسكرية المشتركة.

 

ضغوط أميركية

ورغم تأكيد المصادر في تصريحات سابقة لــ"العربي الجديد" وجود دعم أميركي للقاءات المغرب، يبدو الانطباع الأميركي بشأن الأوضاع الليبية غير مطمئن لها، فقد وصف مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، أمس الأربعاء في تصريحات نقلها تلفزيون "الحرة" الأميركي، الوضع الليبي بـ"المعقد" ويشبه إلى حد كبير "سورية ثانية"، في إشارة إلى تأثيرات الوجود الروسي غير المباشر في ليبيا.

وفي معرض حديثه عن تعقد الوضع الليبي، قال: "الأتراك يقفون في وجه الروس، وهناك مرتزقة روس من مجموعة فاغنر، إضافة إلى وجود الإماراتيين والمصريين، وكان هناك فرنسيون"، مشيراً إلى أنه يخصص وقتاً طويلاً مع وزير الخارجية، مايكل بومبيو، للملف الليبي، وأن مايك يبحث باستمرار الملف الليبي مع نظيريه البريطاني والفرنسي.

شينكر: الأتراك يقفون في وجه الروس، وهناك مرتزقة روس من مجموعة فاغنر، إضافة إلى وجود الإماراتيين والمصريين، وكان هناك فرنسيون

وحول الدور الأممي، أكد المسؤول الأميركي أن واشنطن ساعية في "إصلاح مهمة الأمم المتحدة في ليبيا"، مؤكداً بالقول: "سنحصل على مبعوث خاص للتعامل مع المفاوضات في ليبيا"، لافتاً إلى جهود أميركية وأوروبية حثيثة لـ"ليّ ذراع" السراج وحفتر لـ"الانخراط بشكل مثمر في المفاوضات".

وحول نتائج اللقاءات الحالية بين الممثلين الليبيين، قال: "من الصعب أن نكون متفائلين حيال ذلك، ولكننا ندفع قدماً، في محاولة لتحقيق مكاسب صغيرة على الأرض"، في إشارة إلى إنجاح المقترح الأميركي بشأن إخلاء سرت والجفرة من السلاح.

 

سلاح وتهديدات

وفي تصعيد جديد من جانب حفتر، أعلن المتحدث الرسمي باسمه، أحمد المسماري، أن "صنف المدفعية والصواريخ بالقوات المسلحة استطاع إعادة صواريخ R17 السوفييتية التكتيكية إلى الخدمة"، مشيراً، في مؤتمر صحافي ليلة الأربعاء، إلى المزيد من عمليات التطوير التي تجريها مليشيات حفتر. 

لكن الناشط السياسي الليبي عقيلة الأطرش، يرى أن تصريح المسماري جاء استباقاً لظهور الصواريخ المرجَّح أنها وصلت إلى مليشيات حفتر في سرت والجفرة، في إطار عمليات التسليح المستمرة من جانب الإمارات والدعم الروسي عبر مرتزقة الفاغنر.

واعتبر الأطرش، في حديثه لـ"العربي الجديد"، خروج المسماري، بالتزامن مع رجوع ممثلي الطرفين الليبيين، "تهديداً مبطناً ورسالة غير مباشرة، تكشف عن عدم حصوله على أي مكاسب من لقاءات المغرب بشأن المناصب السيادية".

وليس من بين المناصب السيادية المطروحة للنقاش في جلسات المغرب منصب قائد المؤسسة العسكرية، لكن مناصب أخرى يمكن أن تساعد حفتر في البقاء في المشهد، من بينها المؤسسة الوطنية للنفط، التي لا تزال مليشياته تسيطر على حقوله وموانئه، وتوقف ضخه بمساعدة مرتزقة الفاغنر الروس.

 

انقسامات؟

وفي غضون ذلك، أكد أعضاء من المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، وأعضاء من مجلس النواب المجتمع في طرابلس، أنباء وجود وفد ليبي في القاهرة للقاء مسؤولين مصريين، حيث أكد بلقاسم قزيط، عضو المجلس الأعلى للدولة، وجود وفد ليبي مكون من ثماني شخصيات في القاهرة لبحث تكوين حكومة وسلطة واحدة في ليبيا.

وقال قزيط، في تصريحات صحافية، أن الوفد يمثل كامل المنطقة الغربية الليبية، ولا يمثل المجلس الأعلى للدولة أو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، مشيراً إلى أن إعلان القاهرة، المعلن من جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مطلع يونيو/ حزيران الماضي، "استكمال لأعمال مسار اللجنة العسكرية (5+5) في جنيف برعاية الأمم المتحدة، وبما يترتب عليه إنجاح باقي المسارات السياسية والأمنية".

ومقابل نفي المجلس الأعلى للدولة وجود وفد ممثل له في زيارة للقاهرة، ليل الثلاثاء الماضي، يرى الأطرش أن الزيارة تشير إلى وجود انقسامات في كلا الطرفين، من جانب حفتر في شرق ليبيا مع ممثلي مجلس نواب طبرق، وبين قادة طرابلس، مشيراً إلى أن "قزيط وأغلب أعضاء الوفد الموجود حالياً بمصر سبق أن أصدروا بياناً رفضوا فيه "تفرد" رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، بقرار تكوين ممثلي المجلس في لقاءات المغرب، وهددوا برفضهم لنتائج لقاءات المغرب"، وهو السبب، برأي الأطرش، الذي حدا البعثة الأممية إلى الصمت حتى الآن وعدم التعليق على أيٍّ من اللقاءات الجارية، سواء في جنيف أو المغرب.

ومنذ استقالة المبعوث الأممي السابق غسان سلامة، مطلع مارس/ آذار الماضي، لم تعين الأمم المتحدة مبعوثاً جديداً، ولا تزال البعثة تسيرها الدبلوماسية الأميركية ستيفاني ويليامز بالإنابة، التي تلتزم الصمت حيال نتائج اللقاءات الجارية في المغرب بشكل معلن، أو المشاورات التمهيدية الجارية في جنيف.

وحول إمكانية تأسيس أرضية صلبة لعملية سياسية جديدة وفق المباحثات العلنية في المغرب أو المشاورات في جنيف، يرى الأكاديمي الليبي خليفة الحداد أن "لقاءات المغرب الأكثر نجاعة، ويمكن أن تصل إلى تفاهمات حول توحيد المؤسسات السيادية المنقسمة منذ ست سنوات"، قبل أن يستدرك بالتعبير عن مخاوفه من إمكانية إفشال حفتر لكل هذه الجهود، في الوقت الذي تخلى فيه حلفاؤه الكبار عنه، وعلى رأسهم القاهرة، التي أبدت ميلاً واضحاً لإمكانية التقارب مع كل الأطراف الليبية لإيجاد حل يبعد شبح الفوضى الليبية عن أمنها"، معتبراً أن وصول وفد ليبي إلى القاهرة "دليل واضح على ذلك".

و"دون تثبيت وقف إطلاق النار وإرغام حفتر على إبعاد خطر سلاحه ومرتزقته، ستكون كل العملية مهددة بالنسف"، بحسب الحداد في حديثه لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى أن "مشاورات جنيف حول تمديد عمل المجلس الرئاسي وإجراء العملية الانتخابية الشاملة يعني تفاهم حلفاء حفتر المحليين، وتحديداً مجلس نواب طبرق، مع خصومه بهدف عزله عن المشهد المقبل"، مشيراً إلى أن "من أهم أدلة ذلك عدم وضع منصب المؤسسة العسكرية ضمن أجندات لقاءات المغرب، في وقت أعلن فيه السراج تعيين اللواء محمد الحداد رئيساً للأركان العامة للجيش الليبي".

ولفت الأكاديمي الليبي إلى أن "تصريح شينكر حول استمرار تأزيم أطراف خارجية للأوضاع في ليبيا يعني عدم وجود توافق دولي حقيقي حول نقل الأزمة الليبية إلى الصعيد السياسي للبحث عن حلول متفق عليها لها، وهو يعني أيضاً استمرار الخصومة الأميركية الروسية في ليبيا، التي لن يتمكن فرقاء الأزمة الليبية من حلها"، معتبراً أنه "سبب آخر لصمت البعثة الأممية حتى الآن حيال اللقاءات الجارية بين الممثلين الليبيين".​

ذات صلة

الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
الصورة
فقدت أدوية أساسية في درنة رغم وصول إغاثات كثيرة (كريم صاهب/ فرانس برس)

مجتمع

يؤكد سكان في مدينة درنة المنكوبة بالفيضانات عدم قدرتهم على الحصول على أدوية، خاصة تلك التي للأمراض المزمنة بعدما كانت متوفرة في الأيام الأولى للكارثة
الصورة

منوعات

استيقظ من تبقى من أهل مدينة درنة الليبية، صباح الاثنين الماضي، على اختفاء أبرز المعالم التاريخية والثقافية في مدينتهم؛ إذ أضرّت السيول بـ1500 مبنى. هنا، أبرز هذه المعالم.
الصورة
عمال بحث وإنقاذ في درنة في ليبيا (كريم صاحب/ فرانس برس)

مجتمع

بعد مرور أكثر من أسبوع على الفيضانات في شمال شرق ليبيا على خلفية العاصفة دانيال، لا سيّما تلك التي اجتاحت مدينة درنة، وتضاؤل فرص الوصول إلى ناجين، صار هاجس انتشار الأوبئة والأمراض يثير القلق.
المساهمون