رغم أنَّه مضى 5 أعوام على عرض المسلسل السوري "الولادة من الخاصرة – منبر الموت"، إلا أنَّ اسم المسلسل عاد ليتناوله الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي بالتزامن مع انطلاقة الموسم الرمضاني الجديد، وذلك بسبب اكتشاف محمود فواز، والد الطفل الشهيد علاء فواز، أن القائمين على المسلسل كانوا قد استخدموا الصورة التي كان قد التقطها لابنه فور استشهاده في خلفية أحد مشاهد المسلسل. فكتب على صفحته الشخصية على "فيسبوك": "ممثّلون قذرون في مسلسل سوري قذر، يُعرَض فيه صورة لابني الطفل الشهيد علاء، الذي قُتِلَ بشظايا قذيفة هاون في بلدة سبينة جنوب دمشق على يد نظام الأسد القذر. الصورة على الجدار خلف الممثل القذر أيمن رضا. رحمك الله يا فلذة كبدي يا علاء".
تفاعَل الناشطون السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي مع حكاية الشهيد علاء، واعتبرَ العديدُ منهم أنّ استخدام الدراما السورية لصور الضحايا هو جريمة بحق الإنسانية. والتقى فريق "العربي الجديد"، بوالد الطفل الشهيد، محمود فواز، والذي عرف عن نفسه بوصفه ناشطاً إعلاميّاً، عمل في بداية الثورة على توثيق جرائم جيش الأسد. وأخبرنا بأنه عرف بأن المسلسل قد استخدم صورة ابنه مُؤخّراً عن طريق أخته التي أخبرته بأن صورة ابنه تظهر بالحلقة الثالثة والعشرين من المسلسل بوصفه أحد ضحايا "الإرهابيين".
وفي اللقاء، روى لنا فواز القصة الكاملة لاستشهاد ابنه، فقال: "في صباح يوم 1\3\2013 سقطت قذيفة هاون على البناء المقابل لبيتنا، كنت حينها عند صديقي الذي يبعد عن البيت مسافة 50 مترا تقريباً، فهرعنا لنرى ماذا حدث، سمعنا الناس يقولون: "لا يوجد إصابات"، وبينما كنا نعود، سمعت أحدهم يقول: "بيت فواز"، فعرفت أن شيئا ما قد حدث، فعدت لأجد ابنتي سارة وماريا تبكيان وزوجتي مضرجة بالدماء، قالوا لي أن ابني علاء قد أصيب، وإن أخوتي أخذوه إلى المشفى الميداني، فحملت زوجتي وأخذتها إلى المشفى الميداني بمدينة سبينة، وهناك قاموا بتحويلنا إلى المشفى الميداني بمخيم اليرموك ومنه إلى يلدا، ولكنني في مشفى سبينة أصبت بدوار، فلم أستطع الذهاب وإسعاف زوجتي، وقلت لهم: "سألحق بكم"، عندما صحوت وخرجت من المشفى وجدت أخي وصديقي يحملان طفلاً صغيراً ملفوفاً بكفنٍ أبيض، فعلمت أنه ابني علاء، حملته وحاولت الوصول لمنزل جاري، وهناك وضعته على الأرض وقمت بواجبي كناشط إعلامي ووثقت هذه الجريمة البشعة بحق الشعب السوري، ثم أخذته إلى المقبرة ودفنته هناك".
ويؤكد فواز أن الصورة التي استخدمت في الجزء الثاني من مسلسل "الولادة من الخاصرة" هي نفس الصورة التي التقطها بنفسه لابنه، وكان قد نشرها ضمن أرشيفه الذي يوثق فيه جرائم قوات الأسد. ويصف فواز شعوره بعد أن شاهد صورة ابنه الشهيد علاء في المسلسل، فقال: "عندما شاهدت صورة ابني علاء معلقة على الجدار خلف الممثل أيمن رضا، عرفت أنها إشارة؛ إشارة إلى أن شهداء الثورة السورية هم أحياء، وقد سبقونا إلى عقر دار النظام المجرم، وباتوا يهددونه بلون دمهم الأحمر الذي يظهر في الصور"، ويضيف فواز: "بالنسبة للدراما السورية، فليس جديداً عليهم تزوير الحقائق، فهم يظهرون صورة ابني علاء وكأن الإرهابيين هم الذين قتلوه، لكن الحقيقة أن الدراما السورية هي التي قتلت ابني مرة أخرى عندما استخدموا صورته لقلب الحقائق وتزييفها".
ووجه فواز رسالة للقائمين على العمل وإلى الممثل أيمن رضا الذي يظهر في المشهد مع صورة ابنه، وقال له: "التفت وراءك، ستشاهد صورة ابني الشهيد علاء، هي شاهد على قذارة أخلاقك وعلى جشعك"، وأضاف: "الثورة مستمرة بإذن الله، وستقتلع هذه الدراما من جذورها كما ستقتلع جذور النظام الخائن المجرم".
هذه ليست المرة الأولى التي تستثمر بها الدراما السورية التابعة لنظام الأسد ضحايا الحرب السورية، فسبق للدراما والسينما السورية أن استثمرت المدن التي دمرها جيش الأسد وحلفاؤه كمواقع للتصوير بعد جلاء السكان عنها، كما حدث في مدينة داريا بريف دمشق الغربي، التي دمرها النظام بشكل كامل، واستخدمتها الدراما التابعة له كموقع لتصوير مسلسل "الغريب"، الذي أخرجه محمد زهير رجب، والذي يعرض في رمضان الحالي على العديد من المحطات الفضائية السورية، منها "سما" و"سورية دراما". كذلك استخدم مسلسل "روزنا" للمخرج عارف الطويل مشاهد الدمار والتفجيرات بمدينة حلب، التي دمر النظام معظم أحيائها بالتعاون مع الحليف الروسي، كفضاء درامي ليغني تفاصيل مسلسله بأقل التكاليف.
ورغم ذلك، فإن صناع الدراما السورية "الوطنية" يستغربون من عزوف القنوات التلفزيونية العربية عن شراء المسلسلات السورية، وظهرت هذه السنة العديد من الحملات الإعلامية الهادفة للتسويق للدراما السورية، أشهرها حملة "دراما ونص" التي أطلقها موقع "إي تي سيريا" بالتعاون مع قناة "سورية دراما"، والتي تحاول أن تعيد الدراما السورية للواجهة العربية من جديد، بالإضافة لحملات أخرى تنادي بفصل الفن عن السياسة، رغم أن معظم المسلسلات السورية توجه رسائل سياسية واضحة، وتشارك بشكل واضح بجرائم الأسد من خلال استخدام الضحايا والدمار كقطع ديكور، لينتجوا الأعمال السياسية بأقل التكاليف الممكنة.