ساد نوع من الارتياح في الأوساط الحكومية التركية، بعد فوز المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، خصوصاً أنّ مواقف ترامب تعد الأقرب للمواقف التركية في عدد من القضايا.
وبدا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أكثر حذراً في ما يخص مقاربته لنتائج الانتخابات الأميركية، متمنياً أن يكون عهد الرئيس الجديد عامل خير في المنطقة.
ولم يتناول أردوغان نتائج الانتخابات، في كلمة ألقاها أمام أحد أكبر تجمعات رجال الأعمال الأتراك (مويساد) إلا في نهاية الكلمة.
وقال "لقد أنهت الولايات المتحدة الانتخابات الرئاسية، وبعد فترتين رئاسيتين، سلّم الديمقراطيون السلطة للجمهوريين، هذا كان الخيار، وسيبدأ في أميركا عهد جديد. وأتمنى أن يكون ذلك خيراً للعالم من ناحية الحريات والحقوق الرئاسية وأيضاً من ناحية الديمقراطية، والتطورات في منطقتنا".
فيما بارك رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، لترامب، مطالباً الإدارة الأميركية الجديدة بتسليم حركة الخدمة المتهم الأول بقيادة محاولة منتصف يوليو/تموز الانقلابية، فتح الله غولن.
وقال يلدريم "أبارك لترامب، وأتمنى له النجاح، وأنا واثق بأن الرئيس الجديد يشكل فرصة لتقدم علاقات الصداقة التاريخية بين بلدينا، بما يخدم تنفيذ سياسات تضع أولويتها الاستقرار والسلام للمنطقة، وتضع بعين الاعتبار الحساسيات التركية في ما يخص مكافحة الإرهاب، وينقذ الشراكة الاستراتيجية التركية الأميركية التي تستند إلى تاريخ طويل من النقاشات".
ودعا الرئيس المنتخب "إلى تسليمنا زعيم حركة الخدمة فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، وإن قمتم بإعادة رئيس التنظيم الإرهابي الذي سبب أذى لعلاقات الصداقة التاريخية بين البلدين بأسرع وقت، سأكون واثقاً من أن ذلك سيكون بداية جديدة لعلاقات الصداقة التركية الأميركية، وستكونون بذلك قد فتحتم صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين".
من جهته، أكّد بيان الخارجية التركية احترام إرداة الشعب الأميركي، مشدداً على أنّ العلاقات التركية لا ترتبط بالأشخاص.
وحول موقف ترامب من التعاون الأميركي التركي، أشار الرئيس الأميركي المنتخب، في تصريحات لصحيفة "نيويورك تايمز" في يوليو/تموز الماضي، إلى أنّه "يمكننا العمل مع تركيا في ما يخص مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية داعش، وإن كنتُ من يتفاوض مع الأتراك، أعتقد أنه كان يمكن أن يكون هناك المزيد مما يمكن أن يفعلوه".
وعن الدعم الأميركي لقوات حزب "الاتحاد الديمقراطي" الجناح السوري لـ"العمال الكردستاني"، والذي تضعه أنقرة على قائمة التنظيمات الإرهابية، قال ترامب "أنا معجب بالقوات الكردية، لكن من جانب آخر، لدينا إمكانية لنقيم علاقة ناجحة للغاية مع تركيا، وإن استطعنا جمع الطرفين بأي شكل معا، فسيكون أمرا رائعا".
وعلى عكس المرشحة الديمقراطية، عبرت حملة ترامب عن دعم كبير للشعب التركي في مواجهة المحاولة الانقلابية. وفي رده على سؤال الصحيفة حول ما إذا كان سيقوم بممارسة ضغوط على أردوغان في ما يخص تطبيق قواعد دولة القانون"، شدد ترامب على أنّ "هناك العديد من المشاكل في ما يخص الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، ونحن في هذا الحل لسنا في وضع من يرسل الرسائل في ما يخص الحريات".
من جهتها، وضعت حركة "الخدمة" ثقلاً كبيراً في دعم حملة المرشحة الديمقراطية، حتى إنّ المستشار السياسي لحملة ترامب، بيتر نافارو، وجه انتقادات شديدة لكلينتون، عبر مقال له، في يوليو/تموز الماضي، بعنوان "ارتباطات هيلاري كلينتون برجل الدين المتهم بدعم المحاولة الانقلابية".
وتخدم توجهات ترامب في السياسة الخارجية، وبالذات على مستوى المنطقة، ومع ما تشهده العلاقات التركية الروسية من تقدم ملحوظ لجهة التعاون في الملف السوري، أخيراً، كان ترامب في تصريحاته ميّالاً لمزيد من التعاون مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، بشأن سورية، وفي ما يخص الحرب على "داعش".
وانتقد ترامب طريقة إدارة الإدارة الأميركية الملف السوري في مناسبات عدّة، لكنّه كان واضحاً في جعل أولوية بلاده مكافحة "داعش"، داعياً إلى منح المزيد من الدور لروسيا في ما يخص قتال التنظيم، خصوصاً أنّها تعد حليفاً تقليدياً للنظام السوري.
واعتبر الرئيس المنتخب، في تصريحات سابقة له عام 2015 أنّ "روسيا تود قتال داعش، ونحن أيضاً، لذلك فلندع روسيا تواجه التنظيم، يعني، فليقم الروس بقتاله".
وعلى الرغم من أنّ ترامب أكّد أنّ 30 ألف جندي أميركي يكفون لتدمير التنظيم، لم يعد بإرسال المزيد من قوات بلاده إلى سورية.
وأعرب ترامب عن انزعاجه من الوجود العسكري الأميركي في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يبدو أنّه سيكون لمصلحة كل من تركيا وحلفائها التقليديين في المنطقة، وخصوصاً السعودية، بحسب مراقبين. وسيفتح أمام هذه الدول المزيد من الفرص لمواجهة إيران، التي كان ترامب من الداعين لإعادة التفاوض في ما يخص الاتفاق النووي، الذي توصلت إليه الإدارة الأميركية مع طهران.
وعلى عكس كلينتون التي عبّرت مراراً عن نيتها زيادة الدعم الموجه للقوات الكردية في سورية، يبدو ترامب أكثر ميلاً لزيادة التعاون العسكري مع تركيا، على الرغم من تعبيره عن إعجابه بقوات "الاتحاد الديمقراطي".