27 سبتمبر 2024
اتفاق الصخيرات ميتٌ لم يُدفن
عاش الشعب الليبي طوال عام من عمر الإتفاق السياسي الموقّع في الصخيرات المغربية في أكتوبر/ تشرين الأول 2015 على ضجيج هذا الاتفاق رفضاً وقبولاً، غير أن المتابعين، بل وربما داعمي هذا الاتفاق، يُدركون أنه ولد ميتاً، لغياب الأطراف الفاعلة على الأرض واقعياً من كلا الطرفين عنه، ليصيروا بعد عام إلى محاولةٍ أخيرة لإنعاشه، في اجتماع لجنة الحوار السياسي الليبي في تونس أخيراً، واقتراح تعديلات يروْنها ستدفعه إلى مساره الذي وضع له، ومنها:
أولا: "إعادة تشكيل المجلس الرئاسي من ثلاثة أعضاء يتولون الإختصاصات الرئاسية المنصوص عليها في الإتفاق السياسي، على أن يتم اتخاذ القرار بينهم بالتوافق". وهذا الاقتراح هو نص الاتفاق الموقع عليه مسبقاً من ناحية عدد الأعضاء، أي بثلاثة، رئيس ونائبين، ليعدل فيما بعد إلى تسعة، يتفقون فيما بينهم في تكوين حكومة وحدة وطنية تُسيّر البلاد طوال مدة الاتفاق، ليفشل في تكوينها مرات، ثم يُنشئها على مبدأ المبالغة والأكثرية على أعضائه، ويتم تفويضها فيما بعد من المجلس نفسه، ويرفضها البرلمان المنحلّ الذي ينص الإتفاق على أن يمنحها الثقة. ولكن، باشرت عملها بالتفويض، غير أنها لم تقدم شيئاً للمواطن في ظل الوضع الإقتصادي الذي تمر به البلاد، بل وازداد سوءاً أكثر، لنصل إلى القول إن الحكومة في حكم العدم بالنسبة للمواطن الليبي. لنتساءل: ما جدوى هذا التعديل إذا كان غرضه الوصول إلى تكوين الحكومة الموجودة، والتي يرفض البرلمان المنحل منحها الثقة، لرفضه الاتفاق، جملة لا تفصيلاً.
ثانيا: "يتولى منصب القائد الأعلى للجيش الليبي، ويمارس مهامه، مجلس يتكون من: رئيس مجلس النواب، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، وعضو من المجلس الرئاسي، بصفاتهم، على أن يتم اتخاذ القرار بينهم بالتوافق مجتمعين". ويعتبر هذا التعديل تغيراً في الأشخاص والعدد لا غير، وإلا فإن المجلس الرئاسي يضم كل من يمثل المذكورين طوال العام الماضي، ولم يستطع القيام بهذه المهام التي هي اختصاصه كما ينص الاتفاق، ومنها القيام بمهام القائد الأعلى للجيش الليبي، وهذا لم يكن واقعا على الأرض، لعدم قبول الاتفاق أصلاً من الأطراف الفاعلة على الأرض من الطرفين.
ثالثا: "توسيع عضوية المجلس الأعلى للدولة ..."، بحيث تشمل جميع أعضاء المؤتمر الوطني العام في أول انعقاد له، وفي هذا عجب عجاب، فمن جهة يُقلّصون الأعضاء في المجلس الرئاسي، ثم يوسعونه في المجلس الأعلى للدولة، بل ويدخلون من هو خارج منه بنص الاتفاق الموقع إلى الاتفاق، والذي ينص على أن يكون أعضاؤه من المؤتمر الوطني العام صحيحي العضوية عند التوقيع، وفي هذا تناقضٌ كبير، إلا إذا اعتبرت عضوية المجلس تحصيل حاصل، ليس لها تأثير فاعل في المشهد السياسي الليبي.
رابعا: "ضرورة تفعيل المادة 52 من الاتفاق السياسي، بشأن انتهاء مدة عمل الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور ...". وهذا التعديل يجب أن يكون هو لب الانطلاق لأي حوار أو اتفاق، إذ لو كان الدستور موجوداً لما صرنا إلى هذا الاتفاق، بل وإن كانت لجنة الدستور أكملت عملها، بغض النظر عن التجاذبات والاختلافات السياسية، لكان هو موضع النقاش، وكيفية تنفيذه للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد لا غيره.
ولكن، وبعد مرور هذا العام من الاتفاق من الصعب جداً إنقاذه بهذه التعديلات، إن لم ينطلق من القاعدة الأساسية للطرفين. أما إذا أريد أن يكون نقطةً يقف عندها الحوار، وتقف عندها ليبيا في الدوامات السياسية التي لا تنفك، حتى تخضع للإملاءات والسياسات الخارجية من دولٍ ترى بشأن الثورات العربية أنه لا سبيل إلا إرجاعها إلى نقطة الصفر، فذلك شأن آخر. وأما الوفاق والوئام وقيام الدولة فهذا منطلق لا تريده دولٌ كثيرة، وُكّل لها ملفات هذه الثورات، وإلّا فما تفسير أن يقف الحوار الذي ما فتئ الموقعون عليه يصفونه وفاقاً! ولم يستطيعوا أن يضعوه في طريقه الذي صنعوه له، على الرغم من وضوح عورات هذا الاتفاق، من يومه الأول، متمثلا برفض المؤتمر الوطني العام له، وكذلك البرلمان المنحل في ذلك الوقت، ليجعل كثيرين يحكمون عليه اليوم بأنه ولد ميتاً، لكنه وضع في الإنعاش السريري عاماً، ليتبين أنه ميت ينتظر من يدفنه. وبهذا، يجب الإسراع في دفن هذا الاتفاق، والنظر جدياً في حلول أخرى، أكثر واقعية وفاعلية، وهذا الرأي خارج عن دائرة التفاؤل والتشاؤم، بل من باب النظر إلى الواقع، وقراءةً لأحداث عام من عمر الاتفاق.
أولا: "إعادة تشكيل المجلس الرئاسي من ثلاثة أعضاء يتولون الإختصاصات الرئاسية المنصوص عليها في الإتفاق السياسي، على أن يتم اتخاذ القرار بينهم بالتوافق". وهذا الاقتراح هو نص الاتفاق الموقع عليه مسبقاً من ناحية عدد الأعضاء، أي بثلاثة، رئيس ونائبين، ليعدل فيما بعد إلى تسعة، يتفقون فيما بينهم في تكوين حكومة وحدة وطنية تُسيّر البلاد طوال مدة الاتفاق، ليفشل في تكوينها مرات، ثم يُنشئها على مبدأ المبالغة والأكثرية على أعضائه، ويتم تفويضها فيما بعد من المجلس نفسه، ويرفضها البرلمان المنحلّ الذي ينص الإتفاق على أن يمنحها الثقة. ولكن، باشرت عملها بالتفويض، غير أنها لم تقدم شيئاً للمواطن في ظل الوضع الإقتصادي الذي تمر به البلاد، بل وازداد سوءاً أكثر، لنصل إلى القول إن الحكومة في حكم العدم بالنسبة للمواطن الليبي. لنتساءل: ما جدوى هذا التعديل إذا كان غرضه الوصول إلى تكوين الحكومة الموجودة، والتي يرفض البرلمان المنحل منحها الثقة، لرفضه الاتفاق، جملة لا تفصيلاً.
ثانيا: "يتولى منصب القائد الأعلى للجيش الليبي، ويمارس مهامه، مجلس يتكون من: رئيس مجلس النواب، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، وعضو من المجلس الرئاسي، بصفاتهم، على أن يتم اتخاذ القرار بينهم بالتوافق مجتمعين". ويعتبر هذا التعديل تغيراً في الأشخاص والعدد لا غير، وإلا فإن المجلس الرئاسي يضم كل من يمثل المذكورين طوال العام الماضي، ولم يستطع القيام بهذه المهام التي هي اختصاصه كما ينص الاتفاق، ومنها القيام بمهام القائد الأعلى للجيش الليبي، وهذا لم يكن واقعا على الأرض، لعدم قبول الاتفاق أصلاً من الأطراف الفاعلة على الأرض من الطرفين.
ثالثا: "توسيع عضوية المجلس الأعلى للدولة ..."، بحيث تشمل جميع أعضاء المؤتمر الوطني العام في أول انعقاد له، وفي هذا عجب عجاب، فمن جهة يُقلّصون الأعضاء في المجلس الرئاسي، ثم يوسعونه في المجلس الأعلى للدولة، بل ويدخلون من هو خارج منه بنص الاتفاق الموقع إلى الاتفاق، والذي ينص على أن يكون أعضاؤه من المؤتمر الوطني العام صحيحي العضوية عند التوقيع، وفي هذا تناقضٌ كبير، إلا إذا اعتبرت عضوية المجلس تحصيل حاصل، ليس لها تأثير فاعل في المشهد السياسي الليبي.
رابعا: "ضرورة تفعيل المادة 52 من الاتفاق السياسي، بشأن انتهاء مدة عمل الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور ...". وهذا التعديل يجب أن يكون هو لب الانطلاق لأي حوار أو اتفاق، إذ لو كان الدستور موجوداً لما صرنا إلى هذا الاتفاق، بل وإن كانت لجنة الدستور أكملت عملها، بغض النظر عن التجاذبات والاختلافات السياسية، لكان هو موضع النقاش، وكيفية تنفيذه للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد لا غيره.
ولكن، وبعد مرور هذا العام من الاتفاق من الصعب جداً إنقاذه بهذه التعديلات، إن لم ينطلق من القاعدة الأساسية للطرفين. أما إذا أريد أن يكون نقطةً يقف عندها الحوار، وتقف عندها ليبيا في الدوامات السياسية التي لا تنفك، حتى تخضع للإملاءات والسياسات الخارجية من دولٍ ترى بشأن الثورات العربية أنه لا سبيل إلا إرجاعها إلى نقطة الصفر، فذلك شأن آخر. وأما الوفاق والوئام وقيام الدولة فهذا منطلق لا تريده دولٌ كثيرة، وُكّل لها ملفات هذه الثورات، وإلّا فما تفسير أن يقف الحوار الذي ما فتئ الموقعون عليه يصفونه وفاقاً! ولم يستطيعوا أن يضعوه في طريقه الذي صنعوه له، على الرغم من وضوح عورات هذا الاتفاق، من يومه الأول، متمثلا برفض المؤتمر الوطني العام له، وكذلك البرلمان المنحل في ذلك الوقت، ليجعل كثيرين يحكمون عليه اليوم بأنه ولد ميتاً، لكنه وضع في الإنعاش السريري عاماً، ليتبين أنه ميت ينتظر من يدفنه. وبهذا، يجب الإسراع في دفن هذا الاتفاق، والنظر جدياً في حلول أخرى، أكثر واقعية وفاعلية، وهذا الرأي خارج عن دائرة التفاؤل والتشاؤم، بل من باب النظر إلى الواقع، وقراءةً لأحداث عام من عمر الاتفاق.